العاشر من رمضان
هوية بريس – ماهر جعوان
للعاشر من رمضان وقع ورونق ونور وحلاوة وطلاوة للنفوس وبهاء وصفاء وسكينة وراحة للأرواح والقلوب، ففيه تجمع الرفقاء والفرقاء، وتوحد الأضداد، واستيقظ الضمير، وبداية رفع الظلم، وإطلاق سراح المظلومين، وتصحيح بعض الأخطاء، وشيء من العدل وعودة الحقوق وإنصاف أهلها، ورفع لواء الدين وشعار الله أكبر فوق الجميع، ووضح الحبيب والصديق، وظهور العدو والخائن والعميل.
العاشر من رمضان يوم من أيام لله وتاريخ لا ينسى، وحدث أحيا الله به الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، بل الأمة الإسلامية من المحيط إلى المحيط، وكان مفاجأة للعالم كله.
العاشر من رمضان حدث اهتزت له القلوب طربا، وابتسمت له الثغور فرحا، ولهجت به الألسنة ثناء، وسجدت الجباه من أجله لله شكرا.
العاشر من رمضان يوم للعزة والكرامة والريادة والوحدة والوطنية والاستقلالية والترابط والتعاون والتكامل والإخاء بين الأشقاء.
العاشر من رمضان يوم قام كل بدوره ومهنته ورسالته كما ينبغي ابتغاء مرضات الله وتحرير الوطن واسترجاع أرضه وتحرير مقدساته وإعزاز أهله وعلو شأنهم وكرامتهم وبناء الدولة فوسد الأمر إلى أهله فقام الرواد والعلماء وأصحاب المنابر بأدوارهم، وتحمل الشعب مسؤوليته.
وتفرغ الجيش بكل إمكانيته للقيام بدورة بكفاءة أهل الحرب والكفاءة وحراس الأرض بالخدع والدهاء واستغلال نقاط ضعف العدو باللاحرب واللاسلم، وإعداد العدة وطول التدريب واختيار التوقيت المناسب.
العاشر من رمضان يوم الاعتماد على النفس واستغلال الطاقات والموارد للعبور، فصنعت القناطر والجسور بسرية وحرفية ومهنية عالية، ليتم عبور القناة بسلام وأمان ونجاح، واقتحام خط بارليف، وكان كل شيء مُعدا بجدارة وأناة وحكمة، ولم يكن هناك شيء مرتجل، وقام كل سلاح بدوره: المهندسين، والمدرعات، والمركبات، والمشاة، والطيران، والاستطلاع والإمداد التمويه، كل قام بما هيئ له، وما كلف به، ناهيك عن القيادات الحربية المخضرمة.
العاشر من رمضان الاختيار الأمثل للتوقيت المناسب لبدء المعركة، فهو الوقت الملائم نفسيا وروحيا، لما يمد به الجنود من نفحات الصيام وبركاته، فأمدهم بشحنة إيمانية دفعتهم إلى البذل والفداء، وشحنة روحية هبت نسماتها على الجنود والصائمين والمصلين للارتباط بالعبادات والصلاة والمساجد والأوراد فكان له أثره في تحقيق النصر، وكذلك كان أكتوبر مناسبا، من حيث المناخ، وليس فيه حرارة الصيف، ولا برد الشتاء، وكذلك توقيت انشغال الكيان الصهيوني بعيد الغفران لديهم.
العاشر من رمضان يوم الروح المعنوية التي كان يحملها الجندي المصري.. إنها روح الإيمان؛ الإيمان بالله تعالى، وأنه ينصر من نصره، والإيمان بأننا أصحاب الحق، والحق لا بد أن ينتصر، والباطل لا بد أن يزهق “وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا”
فما أحوجنا اليوم جميعا لروح العاشر من رمضان ونفحاته ليقوى الانتماء وحب الوطن والتضحية له فالوطن غالي لا يضاهيه شيء.
والشعوب النابضة بالحياة والحرية صمام أمان للحضارة والوطن والدين.
فلا مناص من عودة الروح والتسامي على الجراح وتجاوز الآلام في ظل صعوبات ومؤامرات تضيق لها الصدور والنفوس وتشيب لها الولدان.