العدل الدولية: للفلسطينيين حق تقرير المصير ويجب إخلاء المستوطنات
هوية بريس – وكالات
شددت محكمة العدل الدولية، الجمعة، على أن للفلسطينيين الحق في تقرير المصير، وأنه يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية القائمة على الأراضي المحتلة.
جاء ذلك على لسان رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام خلال جلسة بمدينة لاهاي الهولندية، لإبداء رأي المحكمة الاستشاري بشأن تداعيات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وذلك ردا على طلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل نحو عام ونصف.
ورأت المحكمة العالمية بالإجماع أنها مختصة بإبداء الرأي الاستشاري المطلوب.
وفي مطلع الجلسة، قال القاضي سلام إن “المحكمة تبحث التداعيات القضائية للممارسات السياسية الإسرائيلية وانعكاسها على الأراضي المحتلة”.
ولفت إلى أن المحكمة “ستدرس التداعيات القضائية للوجود غير القانوني لإسرائيل في الأراضي المحتلة”.
وقضت المحكمة بأن الأراضي الفلسطينية المحتلة تشكل “وحدة إقليمية واحدة” سيتم حمايتها واحترامها.
واعتبرت هيئة المحكمة المؤلفة من 15 قاضيا أن “إسرائيل لا يحق لها السيادة أو ممارسة صلاحيات سيادية في أي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة بسبب احتلالها”.
وأضافت: “لا يمكن للمخاوف الأمنية لإسرائيل أن تطغى على مبدأ حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة”.
وأشارت إلى أن “سياسة الاستيطان الإسرائيلية وممارساتها تتعارض مع حظر النقل القسري للسكان المحميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة”.
وتخضع واجبات إسرائيل في الأراضي المحتلة لمعاهدة 1959 بشأن معاملة المدنيين بزمن الحرب، حسب المصدر نفسه.
وأوضحت أن سياسات إسرائيل “غير القانونية” وممارساتها تنتهك التزامها باحترام حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وأكدت المحكمة أنه “على إسرائيل الالتزام بمعاهدة سدرا عندما تمارس سلطاتها خارج أراضيها”.
وخلصت إلى أن “استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية لفترة زمنية طويلة لا يغير وضعها القانوني”.
واعتبرت أن “الاحتلال حالة مؤقتة للاستجابة لضرورة عسكرية، ولا يمكن نقل ملكية السيادة إلى قوة الاحتلال”.
وبما يخص قطاع غزة، قال رئيس المحكمة إن “إسرائيل احتفظت بممارسة سلطتها على القطاع، خاصة مراقبة حدوده الجوية والبحرية والبرية”.
وأكدت أن لوائح لاهاي أصبحت جزءا من القانون الدولي العرفي، وبالتالي فهي ملزمة لإسرائيل، مشددة على أن “الحماية التي توفرها اتفاقية حقوق الإنسان لا تتوقف في حالة النزاع المسلح أو الاحتلال”.
وقالت المحكمة إن “استغلال إسرائيل للموارد الطبيعية” في الأراضي الفلسطينية المحتلة “يتعارض مع التزامها باحترام حق الفلسطينيين في السيادة”.
** الاستيطان ينتهك القانون الدولي
كما سلطت محكمة العدل الدولية الضوء على أن ترحيل سكان الأراضي المحتلة من أراضيهم كان “قسريا”، وهو ما يخالف التزامات إسرائيل.
وتابعت بالقول: “نلاحظ بقلق بالغ أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية آخذة في التوسع”.
وأوضحت أن “تطبيق إسرائيل لقانونها المحلي بالضفة الغربية أدى إلى ترسيخ وتعزيز سيطرتها على الأراضي المحتلة”.
وأضافت أن نظام القيود الممنهج الذي فرضته إسرائيل على الفلسطينيين يعتبر “تمييزا بناء على العرق”.
ويقول رأي العدل الدولية الاستشاري إن السياسات والممارسات الإسرائيلية ترقى إلى ضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتقول المحكمة إنها “غير مقتنعة” بأن توسيع القانون الإسرائيلي ليشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية له ما يسوغه.
** وجود “غير قانوني”
وقالت محكمة العدل الدولية، بأغلبية 11 صوتا مقابل 4، إن الوجود الإسرائيلي المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة “غير قانوني”، ويجب أن ينتهي “في أقرب وقت ممكن”.
وأكدت أن إسرائيل ملزمة بإلغاء جميع التدابير التشريعية التي تحدث أو تحافظ على الوضع غير القانوني، بما فيها تلك التمييزية ضد الفلسطينيين.
وبأغلبية 12 صوتا مقابل ثلاثة أصوات معارضة، قالت المحكمة إن “جميع الدول ملزمة بعدم الاعتراف بالوضع القانوني الناشئ عن الوجود غير الشرعي لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وبتصويت بأغلبية 14 صوتا مقابل صوت واحد، حثت المحكمة إسرائيل على “الوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة وإجلاء جميع المستوطنين” من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن عليها التزام بدفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بجميع المنشآت أو الأشخاص الاعتباريين المعنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبأغلبية 12 صوتًا مؤيدًا وثلاثة معارضين، قالت: “ينبغي للأمم المتحدة، وخاصة الجمعية العامة، التي طلبت الرأي، ومجلس الأمن، أن ينظروا في الطرائق الدقيقة والإجراءات الإضافية اللازمة لوضع حد في أسرع وقت ممكن للوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وفي ختام رأيها الاستشاري، اعتبرت محكمة العدل الدولية أن حق الفلسطينيين في الحصول على دولة مستقلة ذات سيادة تعيش جنبا إلى جنب في سلام مع إسرائيل من شأنه أن “يسهم في الاستقرار الإقليمي”.
وفي 30 ديسمبر 2022 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري في التبعات القانونية الناشئة عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، وكيف تؤثر ممارسات إسرائيل على الوضع القانوني للاحتلال وما هي التبعات القانونية لهذا الوضع على كافة الدول والأمم المتحدة.
وفي جلسات الاستماع التي عقدت بين 19 و26 فبراير 2024، شاركت 49 دولة، من بينها تركيا، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي، وعرضت شفهيا وجهات نظرها بشأن احتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية وضمها إلى مجلس المحكمة.
وقالت غالبية الدول المشاركة في جلسات الاستماع إن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وممارساتها تجاه الفلسطينيين “غير قانونية”.
بينما دافعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن الأطروحات الإسرائيلية، وطلبتا من المحكمة عدم إصدار أي رأي استشاري.
وتشمل واجبات المحكمة، وهي الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، أولاً، حل المنازعات القانونية التي تنشأ بين الدول وفقاً للقانون الدولي، وثانياً، إبداء الرأي الاستشاري في المسائل القانونية المحالة إليها.
ويجوز للهيئات المعتمدة لدى الأمم المتحدة أن تطلب رأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية بشأن مسألة تتعلق بالقانون الدولي، بشرط أن تكون ذات صلة بأجهزة الأمم المتحدة ومجالات نشاطها، ولا يجوز للدول أن تطلب رأياً استشارياً من المحكمة.
ورغم أن الرأي الاستشاري غير ملزم، فإنه مهم جدا لأنه يعكس رأي محكمة العدل الدولية بشأن تلك القضية.
وفي يوليوز 2023، زعمت الحكومة الإسرائيلية أن لها “الحق في فرض سيادتها على الضفة الغربية”، قائلة إن “للشعب اليهودي الحق الحصري في تقرير المصير على هذه الأراضي”.
وكانت إسرائيل قد احتلت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة عام 1967.
ويحظر القانون الدولي على إسرائيل ضم أي أجزاء من الضفة الغربية، بحسب بيانات عديدة للأمم المتحدة في السنوات الماضية.
واستبقت إسرائيل إعلان الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بقرار مررته عبر الكنيست بالأغلبية يرفض أي تأسيس لدولة فلسطينية ويعتبر أراضي غرب نهر الأردن أراضي فلسطينية خالصة.
والخميس، صوّت الكنيست بالأغلبية لصالح قرار يرفض قيام دولة فلسطينية، ويدّعي أن “إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل ستشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل ومواطنيها، وستؤدي إلى إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة”.
ويأتي إعلان “العدل الدولية” رأيها الاستشاري في وقت تواصل فيه إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، خلفت أكثر من 128 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
وبالتزامن مع حربه على غزة، صعَّد الجيش الإسرائيلي ومستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 576 فلسطينيا، وإصابة نحو 5 آلاف و350، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة، أعلنت أرمينيا وسلوفينيا وإسبانيا والنرويج وأيرلندا اعترافها رسميا بفلسطين، ما رفع عدد الدول المعترفة بها إلى 149 من أصل 193 دولة بالجمعية الأممية.
المصدر: وكالة الأناضول.