العروي وابن تيمية وأحمد بن حنبل
هوية بريس – عابد عبد المنعم
اعتبر إدريس الكنبوري أن الدكتور عبد الله العروي أدلى بكثير من المغالطات حول ابن تيمية.
وأضاف بأن الأستاذ العروي قال إن ابن تيمية كان شخصا عاديا في عصره والعصور التالية، لكن هذا كلام لا يجب أن يصدر عن مؤرخ. فابن تيمية عاش مرحلة عصيبة كان له دور كبير فيها وكان مؤثرا في زمنه، وله جولات مع الاحتلال المغولي والصليبي، ولا يمكن لشخص مثل هذا أن يكون غير ذي قيمة في عصره. ثم إن ابن تيمية ناظر علماء وفقهاء عصره، وهذا معناه أنه كان ذا مكانة وإلا كيف يناظره كبار عصره. كما أنه اعتقل مرات بسبب مواقفه، وهذا معناه أنه كان مؤثرا فكريا وسياسيا.
زد على هذا كله ما قيل فيه في عصره وبعده من طرف العلماء الذين عرفوه، هذا إضافة إلى إنتاجاته الغزيرة، وأخيرا فإن موقعه يتبين من حجم من تتلمذوا عليه أمثال ابن كثير وابن القيم. فوق هذا أيضا فإن اختياراته الفقهية كان لها أثر في زمنه وبعده. ثم يكفي أنه أحد ثلاثة أو أربعة نقضوا المنطق الأرسطي.
هذا فقط من الناحية التاريخية لأن دور المؤرخ أن يلاحظ ويستقرئ بشكل محايد، وحين يفعل ذلك سوف يرى أن ابن تيمية كان حاضرا إلى جانب كثيرين في عصره. فالتقليل من حجم ابن تيمية قد يكون مفهوما من الناحية السياسية لإضعاف الوهابية، لكن من الناحية العلمية الموضوعية غير مفهوم.
وكشف الباحث في التراث الإسلامي أن المغالطة الثانية في تدخل العروي هي قوله إن ابن حنبل حسب الطبري لم يكن فقيها ولكن كان محدثا فقط، وأنه كان محدثا في المساجد مع القصاص. وهذا أغرب كلام يقوله الأستاذ العروي بل هو يحط من قيمته. المحدثون شيء والقصاص شيء. وابن حنبل كان فقيها ومحدثا ولكن غلب عليه الحديث، ومرجع هذا القول أنه لم يترك شيئا مكتوبا من علمه لأنه كان يكره الكتابة كما هو معروف. ثم إن الحنبلية ليست ابن حنبل وحده.
المسألة الأخرى التي أثارها الأستاذ العروي، وفق د.الكنبوري دوما، هي كلامه عن هنري لاووست وانتقاده له بسبب اهتمامه بالحنابلة. الأستاذ العروي يقول إن بعض المستشرقين ذكروا بأن التيار الذي يمثله الفلاسفة في الإسلام لم يكن مؤثرا ولذلك اهتم بعضهم بالفقهاء، والأستاذ العروي يستنكر هذا الكلام. لكن استنكاره في غير محله تماما ولا يناسب مؤرخا.
واختتم الكنبوري تدوينة على صفحته بالفيسبوك بقوله “فعلا الفلاسفة في الإسلام لم يكن لهم أثر مقارنة بالفقهاء وهذا عند كل الشعوب. حتى في الغرب الفلاسفة الذين كانوا معروفين هم الذين لعبوا أدوارا سياسية، يعني انخرطوا في الشأن العام”.