العصابة من الدفاع عن “كلنا إسرائيليون” إلى التطبيع مع “كلنا لا دينيون”

31 يوليو 2025 22:05

العصابة من الدفاع عن “كلنا إسرائيليون” إلى التطبيع مع “كلنا لا دينيون”

هوية بريس – متابعات

أثارت تصريحات رضوان الرمضاني، مدير “ميد راديو” ومنشط برنامج “غرفة الفار”، ردود فعل واسعة بعد دفاعه المستميت عن أحمد عصيد، والذي جاء بنبرة غاضبة صرّح فيها بقوله “عصيد مفكر يخلل الموازين ديالكم يستفزكم ويصدمكم“، في إشارة إلى خصومه من الإسلاميين ومنتقديه من مختلف الاتجاهات المحافظة.

غير أن هذا الدفاع غير المنضبط يطرح تساؤلات عميقة من قبيل: من الذي يصدمهم عصيد بالضبط؟ هل الإسلاميون فقط، أم عموم المسلمين الذين يرفضون أن يُمسّ دينهم بهذه الطريقة الفجّة؟ وهل من يتفاعل مع تصريحات عصيد المستفزة هم الإسلاميون فقط أم عموم المواطنين المغاربة داخل أرض الوطن وخارجه؟

الرمضاني لم يخفِ في تدخله دفاعا عن الرفيق عصيد انحيازه الواضح والصريح، واصفا ما جاء به بالمواقف “الاستفزازية التنويرية”، وكأن المسّ بالثوابت الدينية للمغاربة بات شرطا للانتماء إلى صف “التنويريين”. لكن من يتمعّن في مواقف عصيد، يكتشف أن ما يروّج له لا علاقة له بالفكر ولا بالتنوير ولا هم يخزنون، بل جل كلامه هجوم صريح على الإسلام ورموزه وتشريعاته وثوابته.

وهذا ليس من باب التحامل ولا التجني؛ لا أبدا، فقد صرّح من قبل المثير للجدل عصيد بأن رسائل النبي محمد صلى الله عليه وسلم “إرهابية”، وأن الإسلام لم يأتِ للأمازيغ، بل فرض عليهم بقوة السلاح لأغراض جنسية ومادية، كما جاء في إحدى حلقاته على قناة الحياة التنصيرية المتطرفة.

ليس هذا فحسب، بل إن عصيد اعتبر أن جوهر الإشكال لا يكمن في المسلمين، بل في النصوص الإسلامية نفسها، وهو تصريح لا يختلف في طبيعته عن الطعن في القرآن ذاته.

وفي الوقت الذي لا يجد فيه حرجا في مهاجمة صحيح البخاري الذي يختمه أمير المومنين الملك محمد السادس نهاية كل شهر رمضان، يدعو علنا إلى “التخلص من هوية الإسلام القاتلة”، كما سمّاها، والانفتاح على الروافد اليهودية والمسيحية والإفريقية.

فهل هذا هو الفكر الذي يستحق التقدير الإعلامي والدفاع السياسي من هيئة صحفية توالي أحزابا، تصفق لتجمعاتها، وتتغذى على موائدها؟

تاريخ أحمد عصيد مليء بالنفاق والمواقف المستفزة للوجدان الديني المغربي، لكن ما يزيد الصورة قتامة هو ازدواجية الخطاب الذي تمارسه النخبة الإعلامية المدافعة عنه.

فرغم كل ما قاله من طعن في العقيدة، ورغم الفضيحة الأخلاقية التي تفجّرت قبل سنوات حين كشفت رفيقته مليكة مزان عن علاقة غير شرعية جمعته بها تحت رعاية الإله “ياكوش”، وما تضمنته من اتهامات بالعنف الجسدي والرمزي، ظل عصيد يُقدَّم في الإعلام العمومي بوصفه مفكرا حداثيا ووجها من وجوه “التنوير”، وأي تنوير هذا الله وحده أعلم…

في الحقيقة، الصدمة التي يتحدث عنها الرمضاني لا تصيب التيارات الإسلامية وحدها، بل تصيب ضمير الأمة وهويتها الدينية. فحين يتحوّل التطاول على النبوة والطعن في النصوص الدينية والآيات القرآنية إلى مادة للفخر والدفاع، نكون قد دخلنا فعليا مرحلة الانفصال الرمزي عن هويتنا، واستبدلنا “كلنا إسرائيليون” بـ”كلنا لادينيون”، في مناخ ثقافي يتبنى الهجوم على المقدّس بوصفه شجاعة فكرية.

إن الجمهور المغربي، في غالبيته، لا يرفض النقاش، لكنه يرفض أن يُعبث بمعتقداته باسم الحداثة.. وإذا كان من حق عصيد أن يعبّر عن أفكاره، فمن حق المغاربة أيضا أن يرفضوا تحويله إلى صنم جديد تنصّبه النخبة، ويُفرَض عليهم عبر الإعلام العمومي. فما يُروّج له باسم التنوير ليس سوى مشروع للانسلاخ، تُصفَّق له فئة ضيقة، وتُرفض مضامينه من قبل شعب لا يزال يؤمن بدينه، ويعتزّ بثوابته وهويته.

وبدون لغة خشب؛ فنحن أمام مشهد لم يعد يحتمل التجميل، حيث بات الإسلام يُهاجم علنا، ونبي الأمة ﷺ يُطعن فيه بالصوت والصورة، وبروح عدائية مستعلية ومتطرفة. والأسوأ أن هذا الخطاب يُحتفى به، ويُمنَح غطاء إعلاميا ودفاعا ثقافيا.

إن ما يجري ليس تنويرا، بل استعمار رمزي جديد، ينفّذه البعض من الداخل، بأدوات محلية وبوجه مغربي.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
20°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة