بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب أصدر المكتب المركزي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أمس الثلاثاء 26 يونيو 2018 بيانا أكد من خلاله على عدم اتخاذ الحكومة لأية خطوات ملموسة لتقديم المتورطين في جرائم التعذيب للمحاكمة في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، وطالب المكتب بضمانات حقيقية وفعلية لاستقلالية الآلية الوطنية لمناهضة التعذيب.
وجاء في البيان المذكور:
تخلد العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان في السادس و العشرين من يونيو من كل سنة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، و هو اليوم الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، سنة 1997، لمساندة ضحايا التعذيب، بهدف القضاء التام على التعذيب وتحقيقا لفعالية أداء اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.و انطلاقا من المسؤولية الملقاة على عاتقنا ووعيا منا بالرمزية الحقوقية لهذا اليوم تجاه ضحايا التعذيب، ومساهمة منا في التصدي لكافة أشكال المعاملة القاسية ،وفقا لما تنص عليه الاتفاقية والبرتوكول الاختياري الملحق بها .
وفي إطار الدور الحقوقي الترافعي الذي تلعبه العصبة، إن على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي، وفي خضم استحضارنا للمكتسبات الوطنية والدولية في مجال مناهضة التعذيب، وخاصة دخول البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية حيز التنفيذ منذ سنوات، ومصادقة الدولة المغربية عليه.فإن العصبة وهي تتابع هذا الملف ، تحيي عاليا جهود المنظمات الحقوقية الوطنية في الوقاية و مكافحة كل أشكال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أوالمهينة، فإنها بالمناسبة تعبر عن قلقها من استمرار مظاهر التعذيب عبر كافة تراب المملكة، وتنامي وتجدد حالات التعذيب والعنف الرسمي الذي مس عددا من المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، في ظل إفلات واضح من العقاب للمسؤولين عن هذه الممارسات. كما نؤكد، بناء على تقارير لجن تقصي العصبة التي كانت قد أوفدتها إلى الحسيمة وجرادة بعد الأحداث الاجتماعية التي شهدتها تلك المناطق، أن بعض المسؤولين الحكوميين، قد ساهموا بطرق مباشرة وغير مباشرة في تنامي ظاهرة الإساءة في استعمال الصلاحيات والتعسف في حق المواطنين وعدم احترام الحق في التظاهر السلمي.
وأنه رغم التطمينات والوعود والتحذيرات التي كان مصدرها مسؤولون حكوميون، بعد بروز ادعاءات التعذيب لمعتقلين على خلفية حراك الريف وجرادة ومناطق أخرى، وبالرغم من ثبوت تلك الادعاءات ضمن التقرير الطبي والحقوقي الذي أنجزه فريق طبي تابع للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بعد أحداث الحسيمة، الذي أكد من جديد عدم حياده وعدم استقلاليته بعدم اتخاذه أي إجراءات عملية من أجل تبني تقرير الطب الشرعي، فإن تحركات الحكومة لمحاسبة كل من ثبت ضلوعه في تلك الخروقات ظلت منعدمة، بل تم دحض تلك الادعاءات بتبريرات واهية ومخجلة، وهو ما يجعلنا نستغرب لعدم تقديم المسؤولين عن التعذيب وسوء المعاملة المتورطين بناء على التقارير إلى العدالة،و خلو سجل السلطات المختصة من أي تحقيقات فورية وحيادية مستقلة و بالأحرى معاقبة المدانين بعقوبات تتناسب مع خطورة الجرم.
إن المكتب المركزي للعصبة وهو يخلد اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، وبناء على المعطيات و الحقائق المتوفرة لديه، ليجد هذا اليوم مناسبة مهمة للتأكيد على ما يلي :
ينبه إلى أن الدولة المغربية مازالت بعيدة كل البعد عن أي إجراء عملي وميداني لتفادي استمرار استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، وجعل تجريم ممارسته من قبل الموظفين العموميين وأعوانهم، سلوكا ينسجم مع ما التزم به دوليا.
يسجل عدم التعاطي الإيجابي للدولة مع كل المواثيق التي صادق عليها،واقتصاره على رفع شعارات التنديد و لغة المناورة وعدم الاعتراف باستمرار ممارسة التعذيب كسلوك ممنهج .
يؤكد عدم اتخاذ الحكومة لأية خطوات ملموسة لتقديم المتورطين في جرائم التعذيب و الحط من الكرامة للمحاكمة، وربط مسؤولياتهم بالمحاسبة.
يعتبر استنادا على تقارير حقوقية وإعلامية أن شعار القطع مع ممارسات الماضي، وضمان عدم العودة إلى سلوكات دونها التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة ،لم تكن سوى محاولة لتسويق صورة المغرب لدى المنتظم الدولي لتتجلى لنا بين الفينة والأخرى وقائع تفند ادعاء الدولة برغبتها في طي صفحة الممارسات المشينة .
يؤكد على أن المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أوالمهينة، تستلزم ممارسة حقوقية وقانونية حقيقية من قبيل مراجعة التعاريف المرتبطة بالحراسة النظرية بقانون المسطرة الجنائية، وذلك من أجل تأطير حقوقي للصلاحيات التي تتمتع بها الشرطة القضائية، وفق ما نصت عليه المادة 11 من البرتوكول الاختياري، من شروط الاستجواب ومعاملة المحرومين من حريتهم، حيث تلزم الدول الأطراف بوضع قواعد الاستجواب، وتعليماته وأساليبه وممارساته بشكل واضح.
يدعو رئاسة النيابة العامة ،إلى ممارسة صلاحياتها ،و التأسيس لاستقلالية حقيقية وفعلية وليس نظرية فحسب، وأن تكون حامية للحق والقانون وراعية للأمن القضائي، و أيضا مناصرة للمواطنين الذين أكدوا بالحجة و البرهان تعرضهم للتعذيب و للمعاملة المهينة.
يثير انتباه الدولة المغربية بشكل عام ومؤسسة رئاسة النيابة العامة بشكل خاص إلى أن المادة 12 من البروتوكول الاختياري تدعو الدول الأطراف بأن تقوم بإجراءات التحقيق التلقائي دون انتظار تقديم الشكاوى من الضحايا كلما ثبت لها وقوع أعمال تندرج في جريمة التعذيب وتقصي الحقائق بالاعتماد على شهادات الشهود والاستماع إلى الضحايا وإجراء فحوصات طبية وإجراء تحقيقات سريعة ونزيهة.
يستغرب من تواطؤ كل من الحكومة و البرلمان ومؤسسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتضمينهم بشكل مفضوح، للمادة 12 من القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بغرض التحكم في مسار ملفات ادعاءات التعذيب و احتوائها، و ربما طمس بعضها، و إقصاء الفعاليات الحقوقية حتى لا تسهر على متابعة كل من تورط في تلك الممارسات،،،
يطالب الحكومة والبرلمان بتعديل المادة 12 من القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما يضمن للآلية الوطنية لمناهضة التعذيب أن تكون مستقلة عن كل المؤسسات الرسمية أو المقربة من الدولة.اهـ
عن المكتب المركزي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان.