العصبة ترد في ندوتها الصحافية على اتهام الصبار لمنتقديه بموالاة البوليساريو وتسائله عن الاستقلالية
هوية بريس – عبد الله المصمودي
في ندوتها الصحافية صباح اليوم التي عقدتها بمقرها، ردت العصبة المغربية لحقوق الإنسان على اتهام رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان محمد الصبار لمنتقديه بمولاة الجبهة الانفصالية البوليساريو، وقال رئيس العصبة السابق محمد زهاري في تصريح لـ”هوية بريس” أن: “زلة لسان الصبار ستكلفه غاليا في المستقبل، وأن عليه أن يعتذر لكل منتقديه”.
كما ساءلت العصبة الصبار عن استقلالية المجلس الذي ينتمي إليه، بطرح عدة أسئلة حول مجموعة قضايا وموضوعات، من بينها مطالبته بالكشف عن صرف 30 مليار منحت لمؤسسة أجيال لحقوق الإنسان يوم كان يرأسها اخشيشن!!
وإليكم نص “التصريح الصحفي” كاملا:
“السيدات والسادة ممثلي وسائل الإعلام؛
الزميلات والزملاء رؤساء وممثلي المنظمات الحقوقية والنقابية والجمعوية الحاضرة معنا في هذا اللقاء.
باسم أعضاء المكتب المركزي وأطر العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان ، أشكركم على تلبية دعوتنا لحضور هذه الندوة الصحفية المخصصة لتسليط الضوء على تداعيات التصريحات اللامسؤولة والمعطيات المغلوطة والمضللة للرأي العام التي صرح بها الأمين العام، المنتهية ولايته، للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أثناء تعقيبه على تدخل الأخ محمد زهاري الرئيس السابق للعصبة، خلال ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني بمدينة سلا يوم الأربعاء 7 مارس2018.
إن المكتب المركزي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان يستغرب من مثل هذه التصريحات الصادرة عن السيد محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، المنتهية ولايته منذ 3 مارس 2016، والذي نعث المناضل الحقوقي الأستاذ محمد زهاري الرئيس السابق للعصبة بأوصاف تنم عن عدم النضج والوعي، وبخس عمل ممثلي العصبة بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سابقا، ونضالات العصبة على جميع المستويات من أجل اقرار حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
إن المكتب المركزي للعصبة، وهو يستنكر بشدة مجمل ما تلفظ به الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، المنتهية ولايته، فإنه يتبنى كل ما جاء في مداخلة الأخ محمد زهاري الذي قدم نقدا صارما لعمل مؤسسة لم يكن في مقدور أمينها العام أن يستوعبه ويتقبله أمام إصراره على تضليل الرأي العام بالمنجزات الجبارة التي يقوم بها.
وقد كان المكتب المركزي للعصبة يأمل أن يبقى السيد الصبار، وفيا للمواقف التي كان يعبر عنها، وهو نائب لرئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سابقا، ورئيس أسبق للمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، قبل أن يصبح أمينا عاما لهذه المؤسسة، وأن يتقبل النقد البناء والموضوعي، أم أن الأمر لايعدو أن يكون على حد قوله “إن مغرب اليوم، ليس هو مغرب الأمس”.
وفي الوقت الذي نرفض فيه مثل هذه التصريحات اللامسؤولة والطائشة، فإننا نذكر السيد محمد الصبار بتاريخ ومواقف العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي تأسست يوم 11 ماي1972، وهي فترة وصفت بسنوات الرصاص بعد إجهاض أول تجربة ديمقراطية في مغرب ما بعد الاستقلال، واشتداد حملات القمع والاضطهاد والاختطافات والاعتقالات والمحاكمات الصورية والرقابة على الصحافة الوطنية، فحملت هذه المنظمة الحقوقية الوطنية لواء النضال من أجل إقرار حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وإرساء دعائم الديمقراطية كشرط حاسم لصياغة المغرب الجديد، والدعم الفعلي لمعتقلي الرأي من مختلف التيارات أمام المحاكم، ومنهم الصبار نفسه ورفاقه.
وهي مناسبة لاستحضار روح أحد أبرز القامات القانونية والحقوقية الوطنية، الأستاذ النقيب محمد بن عبد الهادي القباب الرئيس الشرفي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، مع التأكيد على دوره الفعال في إصدار الميثاق الوطني لحقوق الإنسان في 10 دجنبر 1990، وفي الدفاع المستميت عن إصلاح حقيقي للقضاء، ووضع الآليات الضرورية لضمان استقلاله ونزاهته، والذي قدم تضحيات كبيرة في معركته الحقوقية سواء من داخل مؤسسة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سابقا، أو من خلال نضالاته كرئيس للعصبة ورئيس شرفي لها فيما بعد، وهو أمر لا يمكن حتى للأستاذ الصبار أن ينكره، خاصة وانه شهد به مرارا وبشكل علني ليس آخرها شهادته في حفل تكريمه بتاريخ 26 مارس 2010 بالمعهد العالي للقضاء.
إن مناضلي العصبة وهم يقومون بدورهم النضالي في حماية وصون حقوق الإنسان وحرياته والترافع من أجل تعزيزها أو من خلال نضالاتهم من داخل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ظلوا ملتزمين بالدفاع عن حقوق الإنسان من خلال مطالبهم واقتراحاتهم ولا يمكن إنكار فضلهم وأثرهم في القوانين خاصة تلك المتعلقة بإلغاء ظهير 1935 المتعلق بزجر المظاهرات والمس بالحريات العامة، ولتعريب الإدارة والحياة العامة، وإلغاء القانون المنظم لمحاكم الجماعات والمقاطعات، وحرية الصحافة، وحماية المكفوفين والضمان الاجتماعي…..
إننا في العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، لا نقبل أن يزايد علينا أحد في موقفنا من الوحدة الترابية، ومغربية الصحراء وتشبثنا باستكمال استقلال المغرب عبر المطالبة بتحرير سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، وقضية المغاربة المحتجزين قسرا بمخيمات لحمادة بالجزائر، وهي وفية لمبادئها فيما يتعلق بقضية الوحدة الترابية باعتبارها أم القضايا، ولا تتغير مواقف أطرها وكوادرها بتغير مناصبهم ومسؤولياتهم، وهنا نحيل السيد الصبار على مختلف بيانات ووثائق مؤتمرات العصبة ومجالسها الوطنية.
إذا كان الأمين العام لمؤسسة وطنية يفتخر بأن من يبخس عمل مجلسه ينتمون إما لـ”جبهة البوليساريو” أو لـ”أنصارها في الداخل”، فإننا في العصبة لا يمكننا أبدا أن نتقاسم معه هكذا وصف لكل من ينتقده ويختلف معه، كما سنظل ننادي بمجلس وطني لحقوق الإنسان ك”مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة، تتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات،…..”، كما نص على ذلك الفصل 161 من دستور فاتح يوليوز2011.
إن فترة 20 سنة التي أشار إليها كانت فيها العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عضوا بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان منذ تأسيسه يوم 8 ماي 1990 في شخص هرمين حقوقيين هما الرئيس الشرفي للعصبة، الأستاذ النقيب محمد بن عبد الهادي القباب رحمه الله، والرئيس الأسبق الأستاذ عبد القادر العلمي.
وتجدر الإشارة إلى أنه في تلك الفترة تم التأكيد غير ما مرة ومن داخل المجلس على ضرورة تغيير الظهير المحدث للمجلس الاستشاري في اتجاه ترسيخ حياد هذه المؤسسة عن السلطة التنفيذية وتوسيع مجال التمثيل بالمجلس وخاصة تمثيل المرأة. وتواصل النضال في الترافع من أجل تسوية الملفات العالقة للمعتقلين السياسيين الذين لم يشملهم العفو سنة 1994 والحصار المضروب على الراحل الشيخ ياسين والشطط في استعمال السلطة والمنع من السفر إلى الخارج واكتظاظ السجون…
وهنا نسائل السيد الصبار حول مصير المختطف محمد بن الطاهر البعقيلي، الذي وجهت العصبة في شأنه رسالة إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان آنذاك، وطالبت بموافاة أسرته بنتيجة عمل لجنة التحريات التي أوكل لها البحث في هذه القضية بعدما تغاضى التقرير الصادر عن المجلس عن سرد وقائع مفصلة في حادثة اعتقاله واختفائه القسري والذي لازال مصيره إلى حد الآن مجهولا.
إن تلك الفترة كانت كافية لتتبلور لدى العصبة وأطرها قناعة كبرى، وهي أن الأصوات المختلفة مع بعض الجهات لا مكان لها بذلك المجلس، فاتخذت قرار مقاطعة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في صيغته الحالية عبر عنه في بيان 7 أكتوبر2011، والذي جاء فيه ” يعلن المكتب المركزي عن مقاطعته للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعدم مشاركته في كل أنشطته ولقاءاته الدراسية والتشاورية الوطنية والجهوية والمحلية”. ولعل هذا القرار وموقفنا من الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وغيرها، لازال يزعج البعض ومن بينهم الأستاذ الصبار.
على الأستاذ الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في ظل غياب ملحوظ لرئيس المجلس الذي يجمع بين رئاسة مؤسستين دستوريتين، أن يجيبنا على تساؤلاتنا وملاحظاتنا التي كانت دائما محور تقاريرنا السنوية وبيانات المكتب المركزي والمجلس الوطني، أو في إطار ائتلافات وشبكات مع باقي مكونات الحركة الحقوقية.
– فما مصير تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي عهد بمتابعة تنفيذها إلى المجلس، وفي مقدمتها مسألة الحقيقة في ملفات الاختفاء القسري، وقضية الإدماج الاجتماعي للضحايا وجبر الضرر الفردي والجماعي الذي لم يطوى نهائيا، بالإضافة إلى ما يتعلق بالحكامة الأمنية؟
– وما هو موقف المجلس من الهجوم غير المسبوق لوزير الداخلية الأسبق محمد حصاد على المنظمات والجمعيات الحقوقية بتلقي أموال من جهات خارجية واعتبارها “كيانات معادية للمغرب وخادمة لأجندات خارجية”؟
– وليكشف لنا عن الميزانية الحقيقية للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان الذي احتضنته مدينة مراكش سنة 2014 وخلق آلية لتحصيل الدعم المالي أسسها أعضاء بالمجلس ولم تخضع لقانون الصفقات العمومية. وقد كان لنا موقف واضح من هذا المنتدى والقائمين عليه وحجم تبذير المال العام في تغطية تكاليف تذاكر السفر والإقامة والتغذية…الخ.
– وهل يملك الأستاذ الصبار الجرأة ليكشف لنا حجم الأموال العمومية التي تكلفها دراساته عديمة الأثر التي يتبجح بكون المجلس عمل على بلورتها خلال ولايته المنتهية.
كما ننتظر دائما تدخل المجلس لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، والمبلغين عن المعطيات أو المعلومات.
وخلاصة القول، إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لم تكن له الجرأة لمعالجة ملفات حقوقية شائكة من قبيل عدم الكشف عن حقيقة مقتل الشهيد كمال العماري في آسفي، وما جرى بالشليحات بالعرائش أو ما أطلق عليه “انتفاضة الأرز” وبخريبكة وقلعة السراغنة وزاكورة، وبالريف ومناجم الموت بجرادة.
إن المكتب المركزي للعصبة يطالب الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، المنتهية ولايته، بتقديم اعتذار رسمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والتراجع عن تصريحاته المناقضة للواقع، والقيام بنقد ذاتي وبتقييم موضوعي للوضع الحقوقي بالمغرب، في أفق إعطاء دفعة جديدة لتعزيز مكانة المجلس الوطني وأدواره وصلاحياته ووسائل عمله، وإقرار الضمانات الكافية لحماية حقوق الإنسان، بدل توجيه أصابع الاتهام والهجوم على مكونات الحركة الحقوقية.
الرباط، في 13 مارس 2018″.