“العلاقات الرضائية”.. هل سيستجيب العلمانيون للتوجيه الملكي..؟؟
هوية بريس – نور الدين درواش
في خضم السجال المتصاعد في المجتمع المغربي بشأن مشروعي القانون الجنائي وقانون الأسرة والدعوة لما يسمى بالعلاقات الرضائية سواء بين رجل وامرأة (=الزنا) أو بين عنصرين من جنس واحد (=الشذوذ)… وغيرها من القضايا، أدى هذا السجال مرة أخرى إلى تقاطب بارز بين فئتين من الشعب المغربي:
-فئة الغالبية المغربية المسلمة التي تعتز بدينها وتدعو للتمسك بالأحكام الشرعية أو بالقدر المعمول به منها على الأقل، وهي فئة الساحقة من الشعب المغربي من العلماء والخطباء والدعاة وأئمة المساجد وحظة القرآن وأعضاء المجالس العلمية وسائر القيمين الدينيين والأكاديميين وأغلب المنخرطين في الأحزاب المغربية وأكثر رجال ونساء التعليم والإعلام وعموم الشعب المغربي الذي يظهر في كل مناسبة شدة ارتباطه بدينه وبقيمه وبعقيدته.
-وفئة أخرى تطالب بتكريس التبعية للأمم الغربية واستنساخ نظمها وقوانينها ضدا على الشريعة الإسلامية وهي فئة لا تشكل إلا الأقلية متنكرة للهوية والثقافية المغربية ومن مطالب هذه الفئة الثانية:
-الدعوة لإلغاء التعصيب والمساواة بين الذكر والأنثى في تقسيم الإرث.
-الدعوة لإلغاء تجريم الزنا والشذوذ الجنسي.
-الدعوة للمنع الكامل لتعدد النساء.
-الدعوة لاستمداد النظم والقوانين من الدول الغربية.
وبصفته أميرا للمؤمنين ما فتئ جلالة الملك يوجه رسائل قوية للتيار العلماني بالمغرب تؤكد على ركنية الهوية الإسلامية في المكون المغربي.
وإن من أبرز وضائف مؤسسة إمارة المؤمنين حماية الدين من عبث العابثين وتحريف الفاسدين.
وأي تحريف أكبر من دعوى عدم صلاحية القانون الإلهي القطعي والمحكم المتعلق بتقسيم التركة..؟
وأي عبث أشد من مطالبة القوم بشرعنة العلاقات المحرمة خارج مؤسسة الزواج؟
أي عبث أشد من الزعم بعدم صلاحية القرآن وأحكامه لهذا الزمان؟
ومن أبرز العبارات الملكية الحاسمة في الموضوع والتي كررها جلالة الملك مرتين قوله: “لا يمكنني بصفتي أميرا للمؤمنين أن أحل ما حرم الله وأحرم ما أحله.”[10 أكتوبر 2003].
ثم كرر المعنى نفسه في مناسبة ثانية فقال: “وبصفتي أمير المؤمنين؛ فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية” [خطاب العرش 2022].
وفي خطاب العرش لهذا العام 2023 أبى الملك إلا أن يبعث برسائل قوية مرة أخرى للتيار العلماني فقال جلالته: “في ظل ما يعرفه العالم، من اهتزاز في منظومة القيم والمرجعيات، وتداخل العديد من الأزمات، فإننا في أشد الحاجة إلى التشبث بالجدية، بمعناها المغربي الأصيل:
-أولا: في التمسك بالقيم الدينية والوطنية، وبشعارنا الخالد: الله – الوطن – الملك؛
-ثانيا: في التشبت بالوحدة الوطنية والترابية للبلاد؛
-ثالثا: في صيانة الروابط الاجتماعية والعائلية من أجل مجتمع متضامن ومتماسك؛
-رابعا: في مواصلة مسارنا التنموي، من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية”.
فنبه الخطاب الملكي على ظاهرة اهتزاز منظومة القيم والمرجعيات ما يدل على صرامة المؤسسة الملكية في التعامل مع التيارات الوافدة المفسدة للفطرة السليمة.
ولا شك أن تأكيده على قضية التمسك بالقيم الدينية فيه رد على دعاة شرعنة علاقات الشذوذ والزنا تحت شعار حماية الحريات.
وفي الدعوة الملكية للحفاظ على مؤسسة الأسرة وصيانة الروابط الاجتماعية والعائلية رد مباشر على المطالب العلمانية الداعية للانحلال والعيش تحت سقف واحد خارج إطار الزواج الشرعي الإسلامي الذي يعبر عنه المغاربة بقولهم: “على سنة الله ورسوله”.
فهل يستجيب العلمانيون للتوجيهات الملكي.. أم تراهم سيحاولون مجددا الالتفاف عليها؟!