العلاقات المغربية الإسبانية تنهي 2021 بالوقت الميت
وية بريس – متابعات
تنتهي سنة 2021 في ظل استمرار الأزمة في العلاقات بين المغرب وإسبانيا بعدما كانت قد بدأت بأزمة صامتة وانفجرت لاحقا. وتشير كل المعطيات إلى استمرار الأزمة شهورا أخرى في ظل عدم قيام أي دولة بمبادرة للصلح بل وجود مؤشرات تدل على مزيد من التوتر أو على غياب المصالحة.
وانتهت سنة 2020 بتأجيل القمة التي كانت مرتقبة يوم 17 ديسمبر بين البلدين على مستوى رئيسي الحكومتين، بيدرو سانتيش وسعد الدين العثماني، وشهد المغرب انتخابات تشريعية خلال سبتمبر 2021 وتشكلت حكومة جديدة برئاسة عزيز أخنوش خلال الشهر ذاته، لكن دون انفراج في العلاقات الثنائية ودون انعقاد تلك القمة، في حين عقدت مدريد قمما على مستوى رئيسي حكومتي البلدين مع الجزائر وتونس. وتوقف تبادل الزيارات على مستوى الوزراء بشكل لم يسبق بين البلدين بما في ذلك سنة 2002، تاريخ أزمة جزيرة ثورة، إذ وقعت الأزمة وقتها في شهر يوليو وحدث الانفراج في سبتمبر من السنة نفسها وفي مارس الموالي استقبل الملك محمد السادس وزيرة الخارجية الإسبانية حينئذ آنا بلاسيو.
وفق “القدس العربي” فقد مرت العلاقات الثنائية بثلاث محطات شائكة، ولم تنفع اتفاقية الصداقة وحسن الجوار، الموقعة بين البلدين بداية التسعينات لتكون صماما في مواجهة الأزمات، في تليين الأزمة الحالية التي تعد من أعقد الأزمات منذ الخمسينات. والمحطات الثلاث هي:
أولها إقدام إسبانيا على معارضة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ديسمبر 2020 عندما اعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. ولم تكتف بالمعارضة بالرفض بل شنت حملة في الاتحاد الأوروبي رفقة ألمانيا لمنع فرنسا من تنفيذ أي مبادرة مشابهة تجر دولا أوروبية لتأييد المغرب. وكان هذا هو السبب الذي لم تغفره الرباط لمدريد بحكم أن المغرب كان يرى في الاعتراف الأمريكي بداية نهاية النزاع الذي استغرق عقودا طويلة.
وتتجلى المحطة الثانية في قرار المغرب التساهل في مراقبة الحدود مع سبتة ومليلية وخاصة منتصف مايو الماضي عندما دخل إلى المدينة أكثر من عشرة آلاف مغربي منهم قرابة ألفي قاصر، ثم سحب السفيرة المغربية كريمة بنعيش من مدريد.
وكانت أكبر أزمة بين البلدين وشهدت منعطفا عندما أقدمت مدريد على تحريك البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية للتعبير عن رفض “التصرف المغربي” ثم التأكيد على موقف الاتحاد من نزاع الصحراء المتمثل في دعم مساعي الأمم المتحدة ثم اعتبار سبتة ومليلية ضمن أراضي الاتحاد الأوروبي. في الوقت ذاته، أقدمت على البدء في تسطير برنامج خاص بمدينتي سبتة ومليلية لا سيما في المجال الاقتصادي حتى لا تتأثر بقرار المغرب إنهاء التهريب من المدينتين نحو باقي أراضيه.
وتتجلى المرحلة الثالثة في عودة التوتر حول الحدود البحرية بين البلدين سواء في مياه جزر الكناري قبالة الصحراء بسبب التنقيب عن النفط والغاز أو في مياه المتوسط عندما أقدم المغرب على إقامة مزرعة لتربية الأسماك بالقرب من الجزر الجعفرية المحتلة. وتقدمت إسبانيا بمذكرة احتجاج شفوية إلى سفارة المغرب في مدريد.
وتنتهي سنة 2021 وتبدأ الجديدة على إيقاع أزمة جديدة وهي الاتهامات التي وجهتها الرباط إلى مدريد بعدم تطبيق إجراءات تتماشى ومعايير مراقبة فيروس كورونا في المطارات بالنسبة للمغاربة المتوجهين إلى المغرب، وجاء الرد الإسباني بالاحتجاج وتقديم مذكرة شفوية.
وتمر العلاقات الثنائية حاليا بما يشبه الوقت الميت في الرياضة، كل طرف ينتظر الآخر بالمبادرة بعدما فشلت مساعي عقد لقاء بين وزيري خارجيتي البلدين. ويلاحظ تبني الرباط ومدريد استراتيجية جديدة في التعامل مع بعضهما البعض. فمن جهة، تبحث الرباط عن شركاء جدد في الدبلوماسية والاقتصاد وما هو عسكري، وتجد في إسرائيل الحليف الجديد. ومن جهتها، لم تعد مدريد تجد حرجا في تطوير العلاقات مع الجزائر ولم تعد تأخذ بعين الاعتبار حساسية المغرب من هذا التقارب لا سيما بعدما قررت الجزائر إنهاء العمل بأنبوب الغاز “المغرب العربي-أوروبا” وتعويضه بأنبوب “ميد-غاز” الذي يمر مباشرة من الجزائر نحو الجنوب الإسباني.
تنتهي سنة 2021 وقد حقق المغرب نتيجة أساسية وهي ضمان عدم انخراط إسبانيا في أي مبادرة مضادة لسيادته على الصحراء كما فعلت خلال ديسمبر 2020 في انتقادها لإعلان ترامب. ومن جهتها، حققت إسبانيا نتيجة وهي عدم تكرار المغرب الضغط عليها لتغيير موقفها من الصحراء.
وكل المعطيات تشير إلى عدم تسرع المغرب في عودة العلاقات إلى مستوى مقبول مع مدريد لا سيما بعدما تبين له استمرارها في التشبث بموقفها من نزاع الصحراء. وفي المقابل، قررت إسبانيا عدم القيام بمبادرة جديدة تجاه المغرب بل قللت حتى من تصريحاتها التي كانت تصف هذا البلد في كل مناسبة بأنه استراتيجي وصديق كبير.