العودة للتدين وأفول النموذج الغربي

العودة للتدين وأفول النموذج الغربي
هوية بريس – متابعات
خلصت نتائج دراسة حديثة نشرتها مجلة The Economist، إلى ارتفاع غير مسبوق في نسب العزوبة داخل البلدان الغنية، وتراجع واضح في العلاقات بين الجنسين، إلى درجة أنها لم تعد خيارا جذابا لدى فئات واسعة من الشباب.
الدراسة أرجعت هذا التحول إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها التفاوت المتزايد بين الذكور والإناث في التعليم، حيث تفوقت النساء أكاديميا واقتصاديا، ما جعل لهن شروطا أكثر صرامة في اختيار الشريك. كما سلطت الضوء على الدور المتنامي لمواقع التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل أنماط العيش والعلاقات الإنسانية.
وبحسب المعطيات، تحولت وسائل التواصل من أدوات للتقريب إلى وسائل للعزلة والانكفاء، إذ أصبح الهاتف الذكي بديلا عن الشريك، والحضور الافتراضي بديلا عن العلاقة الواقعية. هذا التحول، تحذر الدراسة، لا يهدد التماسك الاجتماعي فحسب، بل قد تكون له انعكاسات حضارية عميقة على مستقبل الغرب نفسه.
الدكتور الكنبوري ربط هذه الخلاصات بسياق أوسع، معتبرا أن ما نشهده اليوم هو الوجه الآخر لتكنولوجيا الاتصال الحديثة، التي مزقت البنى الاجتماعية بدل أن تعززها. ويشير إلى أن الدراسات النفسية المتزايدة تؤكد انتشار الكآبة، والقلق، وحب الانفراد، وتراجع الصحة النفسية، بالتوازي مع الاستعمال المكثف لهذه الوسائط.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إذ بدأت أبحاث حديثة تحذر من تأثيرات الذكاء الاصطناعي على القدرات الذهنية والأداء العقلي للبشر، في مفارقة لافتة تتمثل في التسارع الكبير لظهور الآثار السلبية للتكنولوجيا، مقارنة بما كان يحدث في السابق.
ويخلص الكنبوري إلى أن هذا المسار قد يدفع الإنسان المعاصر، خاصة في الغرب، إلى مزيد من القلق والعزلة وفقدان الثقة في محيطه وفي “العلم” نفسه، وهو ما قد يفتح الباب أمام عودة التدين والبحث عن الخلاص الروحي.
وفي هذا السياق، ينتقد ذات المتحدث، ازدواجية بعض الباحثين العرب الذين يفسرون تصاعد التدين في المجتمعات العربية بالأزمات الروحية، لكنهم يترددون في إسقاط التحليل نفسه على الغرب، رغم إقرار باحثين غربيين بوجود ما يسمونه صراحة: le retour du religieux، أي عودة الدين.



