الغارة على الحويني هل هي ناتجة عن سوء الفهم، أم سوء القصد أم هما معا؟
هوية بريس – ذ.فؤاد الدكداكي
عاشت مواقع التواصل الإجتماعي وبعض الصحف الرخيصة ضجة إعلامية غير مسبوقة حول اعتذار الشيخ الحويني نفع الله به.
المواقف بطبيعة الحال لم تكن على خط واحد، بل كانت متباينة بين شانئ، ومدافع عن الشيخ، فماذا قال الشيخ؟ وكيف فهم الشانئون كلامه؟
في ظل الثورة الإعلامية ، ووفرة المادة المبحوث عنها يستطيع الباحث المتجرد أن يتأكد من الكلام الأصلي بنفسه، وأن يربطه بسياقه ولحاقه وأن يفهم المغزى العلمي والتربوي الذي يرمي إليه صاحبه من غير تأويل متعسف، ولا تدخل في النوايا الباطنية، ولا تحميل الكلام مالا يحتمل.
سياق كلام الشيخ حفظه الله أن طالب العلم كلما تقدم به السن ، وترسخت قدمه في العلم ، وصقلته الأيام، وعلمته التجارب، إلا وأدرك علله، ووقف على خبايا الزوايا، ليقول للطلبة في نهاية المطاف بلسان الحال والمقال : تعلموا، وتأدبوا، وتريثوا، وتواضعوا، وأخلصوا، واخلعوا عنكم طاغوت الألقاب، وفتنة الأتباع، وعبر عن هذا كله بخلع النياشين، واجعلوا قبلتكم واحدة، وهي رضى رب الأرباب.
إذا صح منك الود فالكل هين…وكل الذي فوق التراب تراب
لقد صرح الشيخ بملء فيه أنه صحح وضعف أحاديث في شبابه بناء على ما بين يديه من كتب ، لكن لما طبعت أخرى ووقف عليها تبين له خطأ حكمه السابق، ورجع إلى ماوصل إليه علمه، ثم بين أيضا أن طريقة تعامله أحيانا مع بعض الكبار لم تكن مرضية كقوله مثلا في تخطئة ابن المديني رحمه الله ” ما هكذا يا سعد تورد الإبل ” هذا كل مافي الأمر، فهل ما ذكره فيه عيب؟، يعلم كل عاقل أن ما ذكره الشيخ الحويني هو عين الصواب، وأن المرء في بداية شبابه، ليس كحاله عند اشتداد عوده، ورسوخ قدمه في العلم.
لو تأمل المنصفون كلام الشيخ لعلموا أنها عصارة تجربة من عالم محقق مدقق في علم الحديث، فرغ كل طاقته لخدمة الحديث النبوي الشريف، حتى شهد له بذلك دهانقة هذا العلم، ومصنفاته وتحقيقاته شاهدة على ذلك، إن التراجع عن التصحيح والتضعيف، أو عن رأي فقهي، أو موقف معين، هو سبيل الراسخين في العلم، ذلك أن الموجه لهم هو العلم وليس الهوى، ففي كتب التراجم والفقه، مئات الأمثلة، بل الآلاف على تغير قناعة الرجل من قول إلى قول، طالما أن رائدهم في ذلك العلم لا الهوى، فهذا مالك رحمه الله يرجع إلى القول بسنية تخليل الأصابع في الوضوء بعد أن ذكر له تلميذه ابن وهب أن الأمر فيه سنة(أي حديث) .
وهذا الصنعاني رحمه الله يغير رأيه في مسألة واحدة ثلاث مرات وفي كل مرة كان يؤلف جزءا في ترجيح ماذهب إليه ، ذكر ذلك في سبل السلام.
ولم يتهمهم أحد بالتناقض ، بل عد ذلك من مناقبهم، وأنهم أخضعوا أنفسهم للحق لا للهوى، وليس الشيخ الحويني بدعاً من القوم، فهو صاحب ملكة حديثية تمحنه البحث بكل تجرد وإصدار الحكم وفق ما وصل إليه علمه، وإن تبين له خطأ ما، فليتراجع، وله الحق في ذلك، وهذا هو منطق العلم، والعصمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
أما الحدة في اللفظ فالشيخ معروف عنه تأدبه في الخطاب، وخفظ الجناح للعلماء، بل كتبه ترشح بعبارات التأدب والدعاء مع العلماء.
وأما لومه لنفسه بالحدة مع العلماء سابقاً ففيه درس لنا نحن المبتدئين في الطلب، بأن نعرف للكبار قدرهم، ونلتمس لهم الأعذار، وأن نختار الألفاظ التي تليق بهم، حتى ننال بركة العلم، وإلا فيا خيبة الأمل.
تلك هي القصة، وهي منقبة من مناقب الحويني نفع الله به.لكن الإعلام الرخيص نفخ في الأمر وولد منه عناوين عريضة، ومقولات سافلة، مفادها، أن الحويني تراجع عن عقيدته، ومنهجه، وندم على ما مضى، وكأنهم يقولون: الحويني بايع الطريقة البدوية، واقتنع بوجوب فصل الدين عن الدولة، وهلمّ شراً.
فهل هذه الاستنتاجات التي خلصوا إليها، هي ناتجة عن سوء الفهم؟ أم سوء القصد أم هما معا؟
لا فض الله فوك ولا شلت يمناك يا أستاذ فؤاد حفظك الله وبارك الله فيك.
الإمام أبي إسحاق الحويني المحدث النقاد لا يعرف فضله إلا عالم أو محب أو طالب علم على بصيرة.
أما الناعقون والحاسدون والماكرون فهم لا يمكرون الا بأنفسهم و سيرجعون خاسئين وكل ما صنعوا هو دعاية مجانية لعلم الشيخ حفظه الله والفيديو ظاهر البتر وكل من يتعامل مع الميديا يظهر له ذلك جليا فقد مضى زمن التلبيس ولا يحق إلا الحق والله ناصر أولياءه ” وهو يتولى الصالحين”