نظم مختبر التراث الفكري والعقدي في الغرب الإسلامي بتنسيق مع شعبة الدراسات الإسلامية بجامعة الحسن الثاني كلية الآداب والعلوم الإنسانية بعين الشق لفائدة طلبة الدكتوراه والماستر ثم الإجازة محاضرة العلمية الأكاديمية، بعنوان: (السنة وحجيتها والرد على الشبهات)، للشيخ العلامة الأصولي: مولود السريري.
تم انعقاد المحاضرة العلمية برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بعين الشق ـ جامعة الحسن الثاني، أمس الثلاثاء 29 مارس 2016م بمدرج أبي شعيب الدكالي، وقد ترأس الجلسة الأستاذ الدكتور محمد بن عبد الكريم الفيلالي رئيس شعبة الدراسات الإسلامية.
افتتحت المحاضرة بآيات من الذكر الحكيم بتلاوة الأخ القارئ عبد الفتاح شنوف.
أعقبتها كلمة الطالب الباحث: ”زكرياء معروف”، حيث تناول في ورقته التعريف بالشيخ العلامة أبي الطيب مولود السريري أشار فيها إلى علمه الغزير وما حباه الله من زهد في الدنيا وبعد عن الأضواء والشهرة، ثم أخذ في عرض بعض جوانب من سيرته وحياته العلمية والدعوية مع الإشارة إلى بعض مؤلفاته المطبوع منها والمخطوط.
ثم تلت هذه الكلمة مداخلة من السيد رئيس شعبة الدراسات الإسلامية محمد بن عبد الكريم الفيلالي، أبان فيها إلى حاجة طلاب العلم من التزود من المعرفة والتوسع في تحصيل العلم، والتحصن بذلك من الشبهات التي قد تعرض لطالب العلم وتعيقه عن تحصيله، كما أشار إلى أن قضية الطعن في السنة النبوية ليست وليدة اليوم الحاضر بل هي قديمة قدم السّنة، مع إشادته بأهمية دراسة السنة باعتبارها من المصادر الأساسية في التشريع الإسلامي، وحث على لزوم التمسك والأخذ بما جاء فيها، ثم خلص في نهاية كلمته بأن الخوض في السنة النبوية وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو طريق للخوض والطعن في الجناب الرفيع للنبي صلوات الله وسلامه عليه.
ثم انتقلت الكلمة بعد ذلك إلى سعادة الشيخ العلامة الأصولي أبي الطيب مولود السريري حيث ابتدأ كلمته بالشكر والثناء على كل من سعى في هذه المحاضرة وعلى رأسهم الدكتور الفيلالي، ثم أخذ في الشروع في موضوع المحاضرة التي أشار فيها إلى عدة أمور:
– أن هذا الموضوع من المواضيع المركبة، التي يحتاج كلّ طرف منها إلى البيان.
– صدر كلمته بالتشخيص لمفهوم ”الشبهات” واعتبر أن الاشتباه من عوارض النفس المساوية التي لا تقف بالقلب ولا بالنفس وحده، وإنما يجب أن تتقدمه عدة عوارض.
– أن الاشتباه على ضربين: نفسي ومعرفي، وأن النفسي منه الكلام فيه يطول، كما أن القرآن قد تكلم عنه وعن أسبابه حيث ذكر أحوال الكفار وما غشيهم من الغبش والظلم لما لم يسلكوا طريق الهداية التي دل عليها.
– أن من حكم عقله ووزن به الأمور لا يحصل الهداية المرجوة حتى يتجرد عن هذا الوصف وأن الله لا يهدي القوم الفاسقين، (والله لا يهدي القوم الظالمين).
ثم خلص إلى أنه من العبث أن يردّ بالأدلة والبراهين لمثل هؤلاء الذين حصل لهم هذا النوع من الاشتباه، بل لا بد لهم من الرجوع والخضوع لله أولا قبل ذلك.
كما اعتبر أن هذا القسم من الاشتباه ليس هو محط بحثه في هذا الموضوع، وإنما البحث يرتكز حول السنة النبوية وحجيتها وكيفية الرد على الشبهات التي أثيرت حولها.
ثم واصل في استعراض بعض الأسباب التي توقع الإنسان في الاشتباه في المسائل المعرفية، وذكر في ذلك سببين:
أ/ عدم التفريق بين حقيقتين تعارضتا في الذهن ولم تتعارضا في الخارج، وهو الجهل والالتباس في معالجة المسائل المعرفية.
ب/ طلب الحقوق من الناس، ذلك أن هذه المناهج القائمة الآن مبنية على بعض المطالب النفسية، وليست قائمة على الدراسات الكونية، وهذا الأمر يظهر جلياً من الصنف الذي لا يقيم له الناس وزناً فيسلك هذا المسلك ويتلبس بهذه الصفة ليصرف وجوه الناس إليه.
كما اعتبر الشيخ هذا الصنف ممن يقوم بصرف طلاب العلم وإشغالهم عن العلم الحقيقي إلى غيره، ومثل لذلك بالذي يضع بعض القصص عن بني أمية قصد تغيير حوادث التاريخ.
– ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن المسألة الثانية وهي قضية السنّة، وقد عدها من طوال المباحث، إذا أريد الخوض فيها جزئية جزئية، إلا أنه ذهب إلى أنه لا يجب علينا أن ندعي أننا نثبتها وكيف يكون ذلك وقد أثبها الله عز وجل في كتابه على حد قوله ووصف هذا الطريق بالرد المعرفي.
– ثم أخذ في تعداد بعض الآيات الدالة إلى ما ذهب إليه منها قوله تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول}.
– كما حث على ضرورة وجود منهج رصين للرد عن هذه الشبهات، وذكر أن هذا المنهج يجب أن ينزه عن السبّ والشتم ونسبة الناس إلى الفسق والفجور ونحو ذلك، وأبان بأن القرآن قد ذكر عواظم نطق بها الكفار، فذيل ذلك بالدليل والبرهان وذكر المأخذ.
– كما أشاد إلى ضرورة تحليل هذه الشبهات وأنه لا يكتفى بالتحليل الموضوعي بل بالرجوع إلى التحليل النفسي وأحوال من عرضت له مثل هذه الشبهة.
– كما نبّه إلى خطورة المنهج الذي يقوم على التعنيف والشتائم وذكر أن له نتائج سلبية على الدعوة فهي لا تزيد المتلبس بهذه الشبهة إلا إصراراً وتمسكاً بها.
كما أشاد بضرورة إيلاء المناهج العلمية القديمة من جديد واستخلاص طرقها في الكشف عن مزالق هذه الشبهات وأضرابها.
حفظ الله شيخنا الجليل العلامة مولود السريري ونفعنا بعلمه وجعله بركة أينما حل وارتحل.