الفقيه محمد القري شاعر الالتزام.. طليعة صحافيي المغرب، الذي قتلته فرنسا تعذيبا داخل السجن
هوية بريس – متابعة
الإثنين 29 فبراير 2016
في أوائل القرن العشرين الميلادي أحس المغرب بتآمر بضع الدول الأوربية عليه وحرصهـا على إحداث الفتن الداخلية فيه لينهار تماسكه وتضطرب أحواله ووجد نفسه وجها لوجه أمام دسائس خطيـرة أدت في النهاية إلى سقوطه في قبضة الفرنسيين والإسبانيين رغم مواقفه البطوليـة ورغم محاولاته المتواصلـة لإثبات ذاته ولإشعار العالم بمـا يحاك حوله من دسائس.
وكان الاستعمار العالمي آنذاك يهدف إلى تقسيم الدول العربية وبعض الدول الإسلاميـة مهولا وانتهت المعاهـدات السرية بالسماح لفرنسا باحتلال المغرب وبالسيطرة عليه على شرط الإبقاء على جـزء منه بيد الإسبانيين وعلى شرط عـدم التدخل في مصير مصر إذا أرادت انجلترا أن تحكمهـا وعلى شرط غض الطرف فيمـا تقوم به إيطاليا في ليبيا وعما تقوم به دول أخرى في أجزاء من إفريقيا.
ومع ذلك فإن المغرب كـان حذرا واستطـاع بما له من حنكـة في الحكم الذاتي أن ينتزع الاعتراف الدولي بشخصيته وكيانه سواء في مؤتمـر الجزيرة الخضراء سنة 1906 أو في معاهـدة الحماية التي أملتها الإدارة الفرنسية على المغرب سنة 1912 ، فلقد كـان المولى عبد الحفيظ دقيق النظر قوي التبصر حينمـا احتاط في المعاهـدة فلم يفرط فلي السيـادة الوطنية رغم الضغوط الأجنبية ورغم كثير من التنازلات التي جعلت التسييـر الإداري والاقتصادي والعسكري في يد الفرنسيين بحيث جعل ضمن بنود الحماية حفظ الكيان الديني وكيان العرش وكيان الوجود المغربي فلم تستطـع فرنسا أن تبتلع الشخصيـة المغربية وأن تقضي عليها ومع ذلك فإن المولى عبد الحفيظ أحس عنـد تطبيق بنود الحمايـة بتلكؤ الفرنسيين في قبو ل التصرف وفق الحريـة التي تخولها له المعاهـدة فاضطر أمام الضغط الذي مارسوه ضـده أن يتنازل عن العـرش وأن يكره على الإقامـة الإجبارية بفرنسا، ولقـد كان بوده بعـد التنازل أن يقيم بمصـر أو بالحجـاز ليكون قرب الحرميـن الشريفين، ولكـن الفرنسيين حرموه مـن ذلك وألزموه بالذهاب إلى فرنسا بعيدا عن أهله محرومـا من ماله ولعلهم فعلوا ذلك خوفا من أن يجـد في منفاه وسيلة للثورة أو طريقـا لرد الفعل، فهم كـانوا يرغبون في أن يعيش تحت سمعهم وبصرهم.
ولم يكن المغاربة الأحرار ليقبلوا الاستمراريـة على وضع غير عادي فهـم لم يعهدوا أنفسهم مقيديـن مضطهدين لذلك واصلوا الكفـاح من أجل إبعاد شبح الحماية عن بلادهـم فما خلق المغرب ليكون مستعبـدا ومن اجل ذلك احتدمت الثورة في كل مكـان وتعالت الاحتجاجات من زعمائه وأبطاله وتحولت تلك الاحتجاجات إلى رفض بات لكل ما يتصل بالحمايـة سواء في ذلك من كـان من المغاربة يعيش تحت حمايـة الفرنسيين ومن كان منهم تحت لحماية الإسبانيين، ووجـدت الثورة في العلمـاء سبيلا إلى رفع المعنويـة أمام المواطنين لذلك كانت الثـورة الريفيـة التي تزعمها الفقيه محمـد بن عبد الكريم الخطابي من أشهر الثورات التي زعزعت الوجـود الاستعماري، وأفسدت عليه استقراره، فقد استطاعت هاته الثورة أن تقاوم بكل بسالـة تدوس كثيرا من القـوى الاستعمارية الغاشمة ولولا تعاون الإسبانييـن والفرنسيين معا على محاربته وصبرهـم على مقاومـته وإنفاقهـم الكثير على التغلب عليه ما استطاعوا أن يهزموه وأن يضعوه أسيرا بين أيديهم، ومع ذلك فإن الثـورة الريفية لم تطفـئ جذوتهـا ولـم تقهر مبـادئها ، فهي إذا قهرت عسكريا فإن جذورهـا الثورية انتشرت في المغرب وأصبح المغاربة يفكرون من جديـد في طريقـة الخلاص، ورأى عدد منهم أن المغرب في حاجـة إلى إصلاح جذري وأنه لا تقـوم له قائمـة إلا إذا انتشر العلم بيـن ربوعـه وعمت الوحـدة بين سكانـه وزاد المغاربة إيمانـا بذلك حينمـا أعلن رجال الحمايـة عن خطتهم التفريقيـة فيمـا سموه بالظهير البربري سنة 1930.
لقد توهمـوا أنهم ضيقوا الخناق على التشريع الإسلامي وعلى اللغـة العربية وجعلوا المغرب أقاليم مختلفـة يخضع بعضها للعرف وبعضها للشريعـة الإسلامية، فإنهم سيملكون زمامـه وسيتحكمـون فيه كمـا شاؤوا ، لكن رد الفعل كان شديدا بحيث أصبحت المقاومـة المغربية شديدة والتحمت القوي وأعلن كل من البربر والعرب أنهم إخـوان متحابون يجمعهم التاريخ ويجمعهـم الدين، ويجمعهـم الأمل في التخلص من الاستعمـار ووجدوا في الظهيـر البربري سندا دوليـا يبينون به النوايا الحقيقيـة لهؤلاء المستعمرين، لذلك خرجت القضية المغربية بسببه من الإطـار الداخلي وأصبحت مدويـة في العالم العربي والإسلامي وتبناها عدد من الأحرار في العالم الأوربي أيضا.
ولم يرض المغـاربة بعد هـذا الظهير أن تبقى قضيتهم مرتبطة بالمواجهـة الشكلية ، لذلك حاولوا أن يؤسسوا حزبـا وطنيا مبنيا على أسس عصريـة وراسمـا لخطة عمل وكانوا في حاجـة قبل تأسيس هـذا الحزب إلى تهيـئ الشعب لمبادئه وأفكاره وإلى إعـداد المواطنين أعدادا يجعلهم يؤمنون بالإصلاح ويؤمنون بالكفـاح.
وتوجهت الفكرة الإصلاحيـة إلى أمرين:
الأمر الأول يتصل بمحاربة التقاليـد ويدعو إلى تحرير الفكر من التبعية للخرافات الضالة مع تيسير سبل الاجتهاد وفتح الرأي العـام حول المبـادئ الإسلامية السليمة من شوائب الجهل والضلال.
الأمر الثانـي يتصل بالدعـوة إلى العلم والسعي من أجـل إبعاد الناس عن الرضوخ إلى الغـزو الفكري الأجنبي ، لذلك سعـى هؤلاء الداعـون إلى تأسيس مدارس حرة لتضيق المجال على الدولـة الحاميـة وتسعى في نشر المبادئ الوطنية في مختلف الآفاق المغربية.
وأمر كهذا لم يكن الذيـن يحكمون البلاد من الفرنسيين ليقبلوه لأنهـم اعتبروه خطرا حقيقـا على سياستهم لذلك تصدوا لهاتـه الحركة التحريرية بعنف وعملوا على التضييق عليها وعلى خنق مجال الحريـات وعلى إدانـة كل من تزعم هاته الحركة أو دعا إليهـا فملؤوا السجـون وقتلوا الأبرياء وأيتموا الأطفـال وأثكلوا الأمهات واستخفوا لكرامـة البشرية ولقي من جراء ذلك عدد من الأحرار مصيرهـم المنتظـر، فاستشهدوا وهم لا يبالون بما سيلقونـه لأنهم يعلمون أن الجنـة مصير الشهداء.
وكـان من بين هؤلاء الضحايـا أديب من أدبـاء المغرب وفقيه من فقهائه آمن بالحق المطلوب وعلم أن الحريـة لا تنال بالأقوال فقط، ولكنها تحتاج على معانـاة ومواجهـة وتيقن أن المصير المشرق لا يكون بالجمود والتقليـد والتبعية، وإنمـا يكون بالتحرر والاجتهاد والاستقلال، ودعـا إلى العلم وسعى في نشر أفكـاره بين الناس لكنه لاقـى المواجهـة من المستعمرين الذين لم يكونوا براضين عنـه وعن خطتـه فقاومهم إلى أن لقي الله شهيدا.
إن هـذا الفقيه الأديب المقاوم هـو الشاعر محمـد القري المولود صبيحة يوم الأربعاء رابع رمضان 1317هـ.
كان هـذا الفقيه مومنا بالدور الإيجابي الذي يتحمله رجال العلم في التوعية الشعبية وكان يعتبر الأدب التزاما لذلك وجـه عنايته إلى صقل ملكته الشعريـة لجعل ذلك الشعر أغرودة تتلقاهـا الأسماع وترددهـا الألسنة، وليجعله رسالة وطنيـة تحملها أوراق المجلات وتذاع من منابر المنتديات وتنشد في المحافل والمهرجانات، كما تعهـد أسلوبه الخطابي ليكون مؤثـرا في مستمعيه وحاول أن يبتز معاصريه، لذلك أكثر من حفظ الأشعار وحفظ المتون وتيسر له منـذ طفولته أن يجد أبا حريـصا على أن يجعل من ابنه صورة للمثقف المغربي الذي لا يكـون له وجود إلا بعد حفـظ القرآن الكريم.
ولمـا نهل من قريته ما يمكن نهله، وتم حفـظ القرآن وبعض الدواوين الشعريـة جاء به والده إلى مدينـة فاس ليتلقي العلم من جامعة القرويين.
وفي مدينة فاس تفتحت عيناه على حركـة وطنية تهدف إلى تحرير الوطن من ربقة الاستعمار وعلى حركة سلفيـة تهدف إلى تحرير المسلمين من التقليـد، فاستأنس بالحركتين معا وسار في ركابهما ووجـد في بعض أسـاتذته ما يحببه في هاتـه الدعوة التحريرية وعلى رأسهم العالم الشهير المصلح سيدي محمد بن العربي العلوي.
إن القري رحمه الله كان ينسب إلى شيخه هذا جميـع ما يعتنقه من مذاهب الحرية فلقد أرشده إلى أمهات الكتب الإسلامية والأدبية ودعاه إلى الاعتزاز بالشخصية الإسلامية وحبب إليه الأدب وعلمه كيف يواجه المواقف بحزم وثبات.
ولعل ذكـاء القري أثار في وجهه بعض المشاكل داخل مدينة فاس، خصوصا حينما ظهر نبوغه المبكر، وحينما وجد نفسه لا يملك عصبة تحميه ولا مالا يغنيه فاضطر إلى اللجـوء إلى المكلف بشؤون التعليم بفاس وهو المعروف بمسيو مارطي، فطلب منه أن يساعده على وظيفـة تحميه من الضياع، فهو قد ضاق ذرعـا بمناوئيه الذين إذا ساروا في الطرقـات ساروا كأنهم سكارى أو مقيدون في الأصفاد ظنا منهم بأن العلم لا تكون له هيبة إلا إذا كـان مرتبطا بهذا التظاهر المزيف، وكانت هـذه الرسالة الموجهة عبارة عن قصيدة ظلت إلى الآن تعد في تاريخ الأدب المغربي الحديث عند بعض النقاد ممثلـة لحالة ضعف طارئة تسلطت علي القري، فأخرجته من التزامه وجعلته ينساق إلى انفعال لا يتجاوب مع غيرته الوطنـية، ومن الذين وضعوه في هاته التهمة الأستـاذ الدكتور إبراهيم السولامي في كتابه الشعر الوطني المغربي في عهـد الحماية، فهـو بعد حديثه عن شعـر المقاومة وضع فصلا عن الدعوات المضادة وفي هذا الفصل قال: (ص 168)، «وإذا كانت حناجر الشعراء العاقيـن لوطنهم قد ساندت دولة الغاضبين فإن بعضهم تردد في شعره نزوع للإصلاح أو التغني بحب الوطـن، كما سنرى عند شاعـر الحمراء ، لكن الحال يصبح أشد تعقيـدا لدى الباحث حين يعثـر على شعراء وطنيين داخل دائرة الملق مرة أو أكثر لسبب أو أسباب خاصة، أو وقتية وهي ظاهـرة يجب أن نقف عندهـا مستدلين دون أن نعفي أحدا من مسؤولياته ودون أن نلجأ إلى نشدان التبرير».
وفي هـذا القسم أدخل القري رحمه الله.
والواقع يثبت أن القـري إذا انساق إلى الالتجاء إلى مسؤول عن التعليم ، وكتب إليه شخصيا دون أن يتغنى بأمجاد الفرنسيين ولا بإصلاحاتهم في بلادنـا ، فإن ذلك لا يمكن أن يجعله في إطـار المتعلقين ولا أن يدمجه في فصل يتحدث عن الدعـوات المضادة خصوصا إذا ما اطلعنـا على هاته القصيدة التي تضع القـري في قفص الاتهام ففيها يقول:
لكـم محـــل فـــــؤادي إذا قبلتـــــــــم ودادي
وإن أصختـم لشعــــــري الــــذي أنـابــه شــاد
يمثــل الشكــر منــــي لكــــم بكـــل اتنـــاد
يصــوغه مقــول الشـــا عـــر البليــغ الحـــداد
فلسـت اغمــط فضــــلا إذا أحبتـــم مـــــرادي
ولـم تبالــــوا بشــــان وحاســــد ومعـــــاد
فإنمـــا النـــاس أغــروا بــأن يكونـوا أعــــادي
لكـل مـــرء غريـــــب مقابــــل بالتعـــــادي
مـا إن لـه مــن مجيـــب لـــو للإخــاء ينـــادي
وهبـه مـــرءا لــــه في كـل العلـــوم أيـــــاد
مــــــا أن يتــرجـم إلا بالغمـر في كـــــل نــاد
حدثهـــم عــن ثمــــود أو عــن مواقــف عـــاد
فمــــا تقابــــل منهــم إلا بكــــل انتقــــــاد
لـو أن قولــــك مـــاش على سبيــــل الرشــــاد
وإننــي اليـــوم أملـــي عليكــم مــن فــــؤادي
شكــوى بقومــي فقومــي الأعــداء لـي باتحـــــاد
لا يأبهــــــون لقـــدر امـــرئ حليــف السهــاد
فيمـا يـــــود على قــو مــه ينفــع البــــــلاد
ويبـتذل العمــر مهـــرا علـى صــلاح العبــــاد
كــي ينهضــوا من مهــاو وينهضـوا مــن وهــــاد
إنــي امـــرؤ لـــم أرد غيــــر نصحهــــم باجتهاد
وغيـر خدمــة شعبــــي بعدتــــي وعتـــــادي
يــا سامــح الله قومــــي وإن رمونــــي بــــواد
وقابلـونــي علـى مــــا أتيتهــــم باحتقــــــاد
وهكذا تستمر القصيـدة في الإفصاح عن أعماق هـذا الرجل المكافح الذي يعلـن فيهـا أنه سيبذل عمـره مهرا لصلاح العبــاد ، وكذلك كـان وعـده حقا فالتزم بالدعـوة الإصلاحية إلى أن وهب حياته فداء لهـا وأصبح من شهـداء المعركـة، فكيف يمكننا أن نجعل هـذه القصيـدة منطلقا لاتهام القري بالملق وأن نضعـه بسببها مـع أصحاب الدعوات المضادة، إن ذلك مرجعه إلى الصـورة المثاليـة التي يراهـا الدكتور إبراهيم السولامي للوطنية الصادقـة التي تجعـل هاته القصيـدة خدشة في المرأة الصافية التي كان يـود أن تبقى صافيـة دون أن يعتليهـا صدا وإن كـان ضئيلا.
إن الروح الوطنية هـي الروح المهيمنة على الشاعـر القري رحمه الله، وقد جعلت منه داعيـة للأخلاق والفداء، وحملته على أن يختار لشعراء أخف الأوزان وأسهـل الألفاظ، وأن يتجـاوز أحيانـا حدود التعهـد الدقيق للفن الشعري لأن الغايـة أصبحت لديه لا تتعلـق بالاهتمام الفنـي المحض، وإنمـا أصبحت الغاية إحيـاء روح ورفع معنويـة وحضا على جهاد.
وكان المنطلق الذي ينطلـق منه في خطته يهـدف إلى نشر العلم وإلى الدفاع عن الحق وإلى تيسير اللغـة المعبرة وإلى المساهمـة في وضع أناشيـد سهلة يسهل حفظهـا وتداولها فإني لحد الآن ما أزال أتذكـر مطلع نشيد كنت أحفظه وأنــا طفل صغير يقول فيه القري رحمه الله:
علمونــا علمونـــــا أو إلــى المـوت ادفعونــــا
إن الدعوة إلى العلم وإلى التمسك بالأخلاق الفاضلـة وإلى الاعتزاز بالتربية الدينيـة هي الشعارات الأساسية التي كان يرددهـا في شعره نشيـدا كان أو قصيـدا، فهو الذي يقول في مقطوعة من شعره:
زاد في الطين بلـــة وفسـادا من على الجهل والضلال تمادى
يظهـر الحــق للعيان فيبـدي مـع بيـان الدليل منـه عنـادا
ما على الحق مـن خفـاء ولكن ضـل قـوم فموهــوه كـادا
إيـه مـا أبين الحقائـق للنـاس وهـم كلهـم يـرون الســدادا
هـم بخير في أمرهـم ما أقاموا الدين والعلم واستبانوا الرشادا
فإذا ما عملـوا عن الحق بـادوا واضمحلوا ثنى ثنى وفــرادى
فبمثل هـذه الأشعار كان يخلد أفكـاره ويدعو إليهـا وكانت نفسه تواقة إلى البحث عن المناسبات التي يعلـن فيهـا عن مبادئه وآرائه الإصلاحية لذلك نـراه يساهـم مع جماعـة من طلبـة القرويين آنذاك يتزعمهـم المرحوم محمد عـلال الفاسي في إقامـة حفل تأبيني لأمير الشعـراء أحمد شوقي فقد أقيم الحفل في اليوم الرابـع والعشرين من رجـب
سنة 1351هـ وشارك فيه القري بقصيدة طويلـة يقول في مطلعها:
شوقـي وما أدراك مـا شوقـي شوقي إمـام القــول عـن حق
شـوقي الأميـر وغيـره خـدم لكلامـه فـي الغرب والشـرق
كما شارك بقصيـدة أخرى على وزن المتقارب لحنت ورددت على شكل نشيد في الحفـل التأبيني يقول فيها:
وم على الشــاعر العبقــري ســلام على ناصـــر الأدب
أميـر البيــان أمير القريـض وحامـي العــروبة والعـرب
تركـت الرعيــة تبكـي عليك بكـاء اليتيــم حنــان الأب
تركــت العروبـة ثكلـى عليك حياتـك تبكــي على شجــب
فمـــن للعروبـة بنصـرهـا ومـن ذا يقــوم مقــام الأب
ومــن ذا يجــدد بهجتهــا ويبرزهـا غضــة الحـــب
ويبني لهـا المجديــن الـورى ويبلغهــا كــل مطلـــب
وينشــر آياتهــا الزهــرات ويبــدي مكانتهــا للغبــي
ويعلـي لهـا القدر فوق السمـا وفــوق المساكيـن والشـهب
ويبلغهــــا كــل أمنيــة ويبلغهــا غير مــا مـأرب
فمن مثل شوقـي يصوغ القريض لحلـي الجواهر في اللبـــب
ومـن للثقافــة يوردهــــا على المشـرق الفــذ والمغرب
ومـن ذا الذي ينير سبيل الهـدى لمسترشـــد ولمستطلـــب
ويمـلأ أفكــارنا بعلــــوم تثيـر التعجــب للمعجـــب
أندبــه وهــــو يندبنـــا لأنــا من الجهـل في غيهب
ولـم تدر بعـد شوقـي الحيـاة ومـا نحن منهـا على مذهب
وقـد بح في صوتـه داعيـــا بشعـر لـه معجـب مطـرب
ومــا من مصيخ إلى قولــه ولـو دام يصـرخ في لجــب
علـى أنـه مل مـن نصحــه لفـرد بليــد وفـرد غبــي
لذلـك فضــل نقلــــتــه إلى عالـم هانــئ طيـــب
علـى أنه لـم يمـت مـن لـه جليــل المآثـــر في الأدب
أشوقـي عليـك أمــان السلام مــن الله في ظلـم التيــرب
ومـن خلـدت يــده عمــره فمـا هــو بالميـت النســب
فنـم في مقيــم الهنــاء وفي هنــاء النعيـم على طــرب
أشوقـي هنيـئا بدار الخلـــود هنيـئا لمرقــدك الطيـــب
ولا شك أن الهيئة الوطنية اهتمت بالجانب الإيجابي في أدب شوقي خصوصـا بعد منفاه وبعدمـا أصبح شعره مخلدا لآثـار العرب والمسلمين ومرددا لبطولاتهم ومعبرا عن إحساسهـم بوجودهم لذلك عمـدت إلى إقامـة هـذا الحفل ودعت إلى المشاركـة فيه واستغلت كل ما يتصـل بالجانب الوطنـي والقومي فضخمتـه وجعلته الصورة الإيجابية التي ينبغي أن توجـه إليهـا العناية في التربيـة الوطنيـة وفي نشر المقومات الأساسية لخلق كيـان متماسك يدعو إلى العـزة ويومن بها ويسعى لنيل المتمنيات عن طريق العزم والإقدام فما أصلح شعر شوقي لذلك ! خصوصـا حينما نجـد فيه مثل هـذا البيت الرائع.
وما استعصـى على قوم منــال***إذا الإقـدام كـان لهم ركابـا
وحينما تركت ذكرى شوقي في نفوس المغاربة أثرها الفعال بحثوا بعد ذلك عن مناسبة أخرى، فكانت الذكرى الألفية للمتنبي وساهم فيها أيضا الشاعر محمـد القري بقصيدة لم تخرج عن منهجه ولم تبتعـد عن التزامـه وقد نشرهـا قبل وفاته بسنة ونصف في مجلة المغرب الجديد بالعدد الأخير من
سنتها الأولـى المؤرخ بذي القعدة وذي الحجة من سنة 1354 هجرية موافق يبراير ومـارس من سنة 1936 ميلاديـة يقول فيها:
ذكـراك تخلـد خلد الفن في الأدب وتبعث الـروح في كتابنـا العرب
ذكـراك روح تحيينـا مصافحــة فنستجـد بهـا التجديـد في الأدب
ذكـراك روح تغشينـا لتوقظنــا أن نحفظ المجد مـن تاريخنا الأدب
ذكـراك روح أحاطتنــا تباركنـا لتحرس اللغة الفصحى من العطب
ذكـراك روح أتننـا كـي تعلمنـا بلاغـة الشعر أو بلاغـة الخطب
ذكـراك تخلق للبيـان كـم صورا تـاه الجمال بهـا والفن من طرب
تصـور الفن والجمـال في لغــة بذت فصاحتهـا فصاحــة الكتب
فنحن نلاحظ أن الذكرى عند القري إنمـا أطلت على المغاربة لتبعث الروح في المثففين العرب ولتجعلهم حريصين على حفظ المجد وإحياء اللغة الفصحى وبعث البيان العربي.
وليس بدعـا في الحركات التحريرية أن تجـد في المتنبي قبسا يدفعها إلى الأمام بسبب شعره الرائع وبسبب ما يصوره مـن تطلعات إلى المستقبل، لذلك كانت قصائـد المتنبي متناولة في المغرب أثنـاء هاته الحقبـة التي عاش فيها القـري لأن المدرسة الوطنية المغربية رأت فيها ما يدعـم الوجود العربي ومـا يقوي الثبات والمواجهة.
أليـس المتنبي هو القائل:
من يهـن يسهل الهـوان عليـــه***ما لجـرح بميــت إيــــلام
والقائـل:
عـش عزيـزا أو مت كريـــم***بيـن طعـن القنـا وخفق النبـود
والقائـل:
على قـدر أهل العـزم تأتي العزائم**وتأتي على قـدر الكرام المكـارم
وتعظـم في عين الصغير صغارهـا***وتصغر في عين العظيـم العظائم
لقد أثرت هـذه الروح الفخرية أدبنـا الوطني وجعلت كثيرا من الأدبـاء يسعون في تقمص القوة والأنفـة ويدعون إلى الصمود ويرغبون في الحيـاة الكريمة البعيدة عن أي مظهـر من مظاهـر الذل والصغار.
وكـان القري من بينهم إلا أنه إذا بلغت همته مبلغ رواد الوطنيـة، فإن شعره رغم سهولته ووضوحـه ومحاولة صقلـه، فإنه لم يصل إلى درجـة القوة الفنية والحبك الدقيق الـذي كان يمتاز به المتنبي وأمثاله.
يقـول القري رحمه الله في هـذا المنحى الفخري:
لي همـة تأتي الدنـايا عفــــة وتـرى التذلـل للعبـاد شنــارا
لا ترضي تسـأل أي أن يكـــن ملك البلاد وعبــد الأقطـــار
نفسـي تعز على الهـوان وتنثنـي عـن كـل ذل لـو أفــاد نـارا
وهـي الحياة تمـر كيف قضى إلا لاه ولا تـدوم وإن أرت أكــدار
ولقد شعر الفرنسيون بأن القري لا يفتـر عن الحركـة الوطنية وأن خطته في التوجيه الوطني تقلق راحتهـم وتفسد عليهم سياستهم، لذلك يتحينون الفرصـة للإيقاع به وللتوصل إلى إذايته، فلمـا وقعت المظاهرات الوطنية سنة 1937م، من أجـل الدفاع عن حقوق الأمة ومن أجل المطالبـة بمشروعية الحزب الوطنـي الذي يكون له الحق في التوعيـة وفي فتح الحوار العملي من أجـل ضمان العدالـة وتسيير المصالح الشعبية في مختلف القطاعات وجدهـا الفرنسيون سبيلا إلى المس بحريات الناس خصوصا منهم من كانـوا يعلمون أنهم يكافحون بلسانهـم وقلوبهم كالفقيـه القري رحمه الله، فقد ألقي القبض عليه مع جماعة من الوطنيين وتقرر نفيـه إلى كولميما ونقلته إليها في صورة تعذيبيـة وحشية تقشعـر منها النفوس وتشمئـز منها الأذواق.
إن المستعمرين ظنـوا أن كولميمـا مكان ملائم للتعذيب لأنه يختلف عن منـاخ المدينة التي أخـذ منها الوطنيون ولأن سكانها لا ارتباط لهم بهؤلاء الذيـن سيأتون إليهـم سجناء، فهم لن يلقوا عندهـم عطفا ولا حنانـا، ولكن الواقع أثبت أن ما قام بـه المستعمرون كان بسبب خير للدعـاية الوطنية فقد رأى عـدد من البربر قسـاوة الجنود التابعيـن لفرنسا فاختزنوا في أنفسهم الصورة البشعـة للاستعمـار الشيء الـذي جعل عددا من الكـوم الموكلين بتعذيب هؤلاء يثورون فيمـا بعد على القوة الفرنسية ويتحدونهـا من أجل المصلحة العليا للوطـن، ولكن هـذا الموقف لم يكـن ليخفف من واقـع الحيـاة التي عاشها هؤلاء المنفيـون الذين قضوا شهر رمضـان في حالة من البؤس والحرمان والعذاب الأليم الذي يعجـز اللسان عن وصفه.
لقد كـان القري رحمه الله ضمن هؤلاء المعذبيـن الذين أكرهوا على الذهـاب سيرا على الأقـدام مسافات طويلة والذيـن أرهقت أجسامهم بحمل الأثقـال وضربت أيديهم وأرجلهـم بالدرات الجلديـة الخشنة حتى فقد القدرة على المشي وعطلت أطرافه ولم يلق رغم ذلك عطفـا ولا إشفاقـا ولم تحترم إنسانيـته ولا ثقافتـه ولا منزلته الدينية بيـن قومه، وشاءت الأقـدار أن تحتفظ لنا بصورة من تعذيبـه كتبها الأستاذ محمد إبراهيـم الكتاني عضو الأكاديمية الملكيـة في مذكـرة من مذكراته التي سجل فيهـا أيام تعذيبه مع القري في منفى كولميمـا والتي نشرها تحت عنوان من ذكريات سجيـن مكافح في عهـد الحماية الفرنسية البغيض بالمغرب، فقد قـال في هـذه المذكرات وهو يتحدث عن ليلـة السابـع والعشريـن من رمضان 1357 هجرية ( ص 145).
ولم يغمـض لواحد منا جفن ولـو لحظة واحـدة، إذ كنا جميعا في أنين متواصل وألم شديد شامـل وكان الكثيرون يصرخون بين الآونـة والأخرى صرخـات مكبوتة إذا ألح عليهم الألم أو مس جرحهم بحركـة غير اختيارية من جـار له لا يجد عشرين سنتيمـا عرضا ولا ثمانين طولا، مع أن الأكثرية الساحقة منـا كانت إلى الموت أقرب منهـا للحياة ولم يفتر لواحـد منا لسان عن اللجـوء إلى الله سبحانه التضرع إليه، خصوصا والليلة ليلة سبع وعشرين التي يحتفل فيهـا المسلمون بذكرى نزول القرآن العظيـم، وقد بات عنـد رجلي في هـذه الليلـة الشهيد محمد القـري رحمه الله وكان قـد أصيب في عروق ركبته اليمنـى من شـدة الضرب فأصبحت رجله مرتفعـة إلى أعلى بحيث لا يقدر على وضعها إلى الأرض، وهـو يود بجذع الأنف وضعهـا فينن وينتحب ويتعلق بهـذا ويرجـو ذلك أن يقف أو يجلس فـوق ركبتـه عساهـا تنزل إلى الأرض ، فإذا ما فعل زاد تألمـه وأنينه ولا أقـول صراخه وعويلـه فإن« الكـوم»، من وراء الباب بالمرصـاد لإخمـاد كل صوت وقمع كل حركـة وإن تكن اضطراريـة والرجل بعد ذلك لا تفـأ مرتفعة إلى أعلى لا تنخفض ولا ترجع».
ورغـم هاته الخالة التي ذكرهـا الأستاذ محمد إبراهيـم الكتاني فإن السجانيـن لم يرحموا هـذا المعذب المتألـم، بل أخذوه من معتقلـه هذا وذهبوا به إلى مكان آخـر ظل فيه أيامـا قليلة يعذب بأقسـى أنواع التعذيب إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة في يوم الأربعـاء رابع شوال عام 1356هجرية موافق 6 دجنبر 1937ميلادية.
وأثناء الحديث عن هـذا اليوم قال الأستاذ الكتاني : «وفي هـذا اليوم اسلم الروح الشهيد محمد القري رحمه الله بعد مـا غاب خمس ليل وأربعة أيام لا نعلم ماذا جـرى له فيها زيـادة على ما وقع بمرأى منا فكان موتـه رحمه الله خسـارة لا تعوض ورزية وطنيـة عظمـى إذ كـان مومنا سلفيـا صادق الإيمـان وشاعرا مكثرا وكاتبـا وخطيبـا مؤثرا وعـلامة لغويا مطلعا ومكافحـا متفانيـا وكان إلى ذلك ذا أخـلاق دمثـة لين الجانب متواضعا منكـرا لذاته مخلصا لأصدقائــه».
والواقع يثبت أن الأوصاف التي ذكرهـا الأستاذ الكتاني لا تخالف الحقيقـة فهي مرددة على كل لسان سواء فيمـا يتعلق بصور العذاب أو فيمـا يتعلق بالقيمـة العلمية والوطنية للشهيد محمد القري.
إن كتاب الكتاني يعـد مصدرا رئيسيـا فيما يتعلق بحياة القري رحمه الله وإن ما ذكـره لا يتنافى مع الإحساس الوطني الذي يكنه كل الذيـن عرفوا القري في حياته، فلقـد حرصت على أن أتحدث بنفسي مع بعض الذيـن تيسر لي الاتصال بهم من الذيـن عرفوه، فكانت أحكامهم لا تزيدنـي إلا وثوقا بما قالـه الكتاني ولا تدفعنـي إلا إلى تقدير القري واحترامه.
قال لـي صهري السيد محمد الإدريسي الداودي الحسني، كان القـري زاهدا في ملذات الحياة متقشفـا حريصا على المعرفة يعيش في منزل متواضع بحي الصفاح يدعو إلى العلم ويمارس التدريس بإحـدى المدارس الحرة التي أنشئت بفاس وهـي المدرسة الناصرية.
وقال لي الأستاذ محمد الحمداوي: «إن القري كـان صورة فذة في الإخـلاص وإن صموده في الجهاد جعل النـاس يقدرونـه ويحترمون مبادئـه ويكفي دليلا على ذلك أن قبـره إلى الآن يعد مزارا بكولميمـا يبرك به الناس».
وقال لي آخـرون: «إن شعره الوطني كان يعـد من وسائل القوة التي استغلهـا الوطنيون في رفع الروح المعنويـة بالبلاد».
وتتميمـا للفائدة أردت أن أنقل هنا قصيدة من القصائـد التي قيلت في رثائـه أثبتهـا للتاريخ الأستـاذ محمد إبراهيم الكتاني في مذكـرته وهي للأستاذ عبد السلام بن أحمد الوالي يقول فيهـا:
ظـلام السجـن خيم في فــؤادي وأيـام تنغــص لـي مــرادي
سيأتـي اليسر بعـد العسـر حقـا وحكـم الله ينفــذ في العبـــاد
فـلا تخش العـذاب على حقــوق تؤديهـا الحواضـر والبــوادي
حقـوق الشعب لا نـرض سواهـا ولا نـدع التحكـم للأعـــادي
لأنهـم أذاقونــا سمومـــــا وخسرانـا مبينــا في البــلاد
يحق لنــا أن نسطـو جميعـــا ولا نعنــوا لأصحـاب العنــاد
أأنسـى القـري الغريــد لمـــا تجـرع ما تجــرع بالجــلاء
إلى أن مـات في الميــدان حـرا شهيـدا ليـس يعبأ بالـهـوا دي
تركنـاه بمصرعـه وجئنـــــا نعـزي القــوم في ثـوب الحداد
فهـل لي من يعيـر العيــن دمعا لأبكيـه على يـوم المعــــاد
وهـل ننسـى العذاب وسم «كوم» وشتمهـم بألسنــة حــــداد
امـا والله لا أنســــاه حتــى يصيـر الشعب مرفــوع العماد
بنــى وطنـي تآخــوا باتحـاد تنالــوا النصـر، إن النصر باد
وإياكـــم والتنـازع إن فيـــه فســاد في فســاد في نكــاد
عــلام الاعتمــاد إذا اختلفتــم وصرتـم صيحـة في كــل واد
فكـم من محنـة مرت وصــارت تعلمنـا التيقــظ للفســـــاد
بنـي شعبـي أفيقـوا من سبـات فـإن الجهـل طبعــا كالرقـاد
وشـدوا حالكـم بالصبـر كيمــا تنالــوا النصـر من رب جواد
إن هـذه القصيدة رغم بساطـة مبناهـا تمثل صـورة من الكفـاح الوطني وتعتبـر نبراسـا للمبادئ التي مــن أجلهـا عاش القري، فهو كان يريـد الاتحـاد والعلم والتحـرر من ربقـة العبوديـة ولم يكن ببالي ومن أجـل ذلك أذاق مرارة العيـش أم حلاوتـه لان الهدف الحقيقي عنده أن تكـون أمته قريرة العين بأبنائها وبمبادئهـا، وهـذا هو السر الذي جعلـه في أعين الرائيـن غير ميال بزينـة الحياة ومفاتنهـا، ولذلك نجـده قد كتب بيتين من الشعر تحت صورته في الكتاب الذي نشره المرحوم محمد بن العبـاس القباج حول تاريخ الأدب العربي في المغرب الأقصـى قال فيهما:
تقـول لي ذات حســـن***مـا الشأن فيــك غريـــب
أراك بائــس حــــظ****فقلـت إنــي أديـــــب
والغالب أن البؤس الذي ربطـه بالأدب لا يتعلق بالبؤس المعهـود المتصل بالحرمـان المادي وإنمـا
كان سببه التأمل الطويل في مشاكـل الحياة ومشاكل قومه، فكـان لا يهتم بشؤون الدنيا التي تعـود عليه بالربح، وإنمـا كان يهتم بشؤون قومه فلا يبقـى له الوقت الكافـي للتفكير في مشاكلـه الخاصة، إلا في لحظات قليلـة قد تعتبر منها اللحظـة التي كـان يبحث فيها عن وظيفتـه تبعده عن الاحتياج إلى من لا يرحـم ولا يجود خصوصـا والنفس عاليـة والهمة تأبى الدنـايا ولا ترضى بالهـون فليرحمه الله وليجعـل روحه خفاقـة بين أرواح الشهداء الأبرار والوطنيين الأحرار.
محمد بن عبد العزيز الدباغ؛ مجلة “دعوة الحق”، العدد 232 صفر 1404/ نونبر 1983م.