القاصرات بين الزواج الشرعي و الجرائم الأخلاقية التي يتعرضن لها.. هل توفرت لهن الحماية بعيدا عن الشريعة؟
هوية بريس – قاسم علوش
روى مسلم في صحيحه عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: “أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت سبع، سنين وزفت إليه وهي بنت تسع سنين ولُعَبها معها، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة“.
وقع هذا بين مشركي قريش، ويهود يثرب ومنافقيها وقد كان أولئك جميعهم أشد عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم من منافقي وعلمانيي زماننا هذا، ولم يجرؤ أحد، من ذلك الحلف الشرير حينئذ، على الإنكار او التشنيع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانوا أحرص الناس على ذلك. فدل ذلك أن زواجه صلى الله عليه وسلم من أمنا عائشة رضي الله عنها، بعد ما أراه الله إياها ثلاث ليال في منامه، ورؤيا النبي حق، دل ذلك أنه لم يكن عيبا ولا مثلبة تنقص ممن يفعلها. فمبال منافقي زماننا ومرتهني الاجندات “النسوانية” الغربية لا يسعهم ما وسع حلف الكفر والنفاق فيكفون المسلمين اليوم شرهم؟!
ثم هناك أمر آخر لابد من الإشارة إليه في هذا المقام وهو، هل كفت جهود العلمانيين ومن ظاهرهم من المنافقين والمرجفين في هذا البلد في حماية كل الفتيات اللائي يتعرضن للاغتصاب من طرف المختلين أخلاقيا أو للاستغلال الجنسي في مواخير الدعارة المنتشرة، وأخبار ذلك أصبحت تضج به مختلف المنابر الإخبارية بشتى أنواعها، وضمنوا لهن العيش الكريم، وبقيت لهم فقط مهمة الدفاع عن المتزوجات منهن زواجا شرعيا على كتاب الله وسنة رسوله؟ لو أنهم فعلوا ذلك فقط لكان خيرا لهم.. أما وأن يتركوا تلك الجرائم الأخلاقية التي تتعرض لها الفتيات القاصرات ويعجزوا عن مواجهتها والتصدي لها ويلتفتوا فقط للمتزوجات منهن فتلك اذا قسمة ضيزى، ومهمة خبيثة غرضها التشويش على هوية الأمة وتشريعاتها المرتبطة بالزواج المستنبطة من القرآن والسنة الصحيحة.
معلوم أنه من بين مقاصد الشريعة الخمس نجد مقصد حفظ العرض. ومن يعتقد أن أحكام الشريعة، في موضوع حفظ الأعراض، أصبحت متجاوزة ولا تصلح لهذا العصر، فهو يتهم مباشرة الوحي الإلهي الذي أتى به النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. ومن كان هذا مسعاه، فلاشك أنه قد وقع فيما لا ينبغي لمسلم ان يقع فيه، وهو رد حكم الله، وحكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وفي ذلك مخالفة لنص كتاب الله الذي أمر بضرورة التزام حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم).
ولذا، فإن الأحكام الشرعية القطعية هي ليست للتخيير وإنما للالتزام والتنفيذ. والأحكام الشرعية القطعية هنا تشبه في عصرنا الحالي ما يصطلح عليه في الفقه الدستوري ب” القواعد القانونية الآمرة” وهي القواعد التي لا يجوز الإتفاق على ما يخالفها، وأي إتفاق يؤدي إلى مخالفتها يعتبر باطل وكل ما بني على باطل فهو باطل والباطل لا يرتب أي أثر قانوني، فلم يسمح المشرع بمخالفة مثل هذه القواعد لان مخالفتها تؤدي إلى مخالفة النظام العام والآداب.