القدس والأقصى المبارك قضية دينية قبل أن تكون سياسية…!

25 أغسطس 2024 18:14
الذكرة الرابعة لمذبحة رابعة.. الألم والأمل!!

هوية بريس – إبراهيم عبدالله صرصور / رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني سابقا

في ظل الذكرى السنوية لحريق الأقصى (21.8.1969)، لم أتفاجأ من تصريحات وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي اليميني المتطرف (ايتامار بن غفير) على خلفية احداث المسجد الأقصى الأخيرة، والتي أكد فيها على أن: “المعركة على ارض القدس هي معركة دينية بين إسرائيل ومن سماهم ب “المتطرفين الإسلاميين”، والتي كشفت النقاب من جديد عن حقيقة الصراع حول فلسطين عموما والقدس الشريف والاقصى المبارك خصوصا، والتي يحاول النظام العربي الرسمي وحلفاؤه من الليبراليين التنكر له والنأي بنفسه عنها..

(1)

الصراع حول فلسطين والقدس صراع ديني وإن لبس ثوب السياسة، او تمت إدارته بأدوات سياسية.. لم تتدحرج فصول هذه المعركة بعيدا عن الاعتبارات الدينية، فقد كانت هذه الاعتبارات وما تزال حاضرة في المشهد منذ انشد من انشد (سفر المزامير – الإصحاح 137):

على أنهار بابل هناك جلسنا فبكينا عندما صهيون تذكرنا

على الصفصاف في وسطها علقنا كناراتنا.

هناك سألنا الذين أسرونا نشيدا والذين عذبونا طربا: (أنشدوا لنا من صهيون نشيدا)

كيف ننشد نشيد الرب ونحن في أرض الغربة؟

إن نسيتك يا أورشليم فلتشل يميني

وليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك

إن لم أرفع أورشليم إلى أوج فرحي.

أذكر يا رب بني أدوم في يوم أورشليم القائلين: انسفوا حتى أساسها انسفوا.

يا ابنة بابل الصائرة إلى الدمار طوبى لمن يجازيك على ما جازيتنا به.

طوبى لمن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخرة!

لم تأت تصريحات (بن غفير) نتيجة “فورة” عصبية فقط لما رأى من الصمود الاسطوري لأهل القدس ومعهم فلسطينيو الداخل وكل العرب والمسلمين واحرار العالم، يهزمون إسرائيل ويذلون كبرياءها – وهي الدولة العظمى – على تراب الأقصى المبارك ومدينة القدس الشريف.. جاءت هذه التصريحات معبرة عن حقيقة ما يدور من وراء كواليس السياسة الصهيونية، وما يدبره أصحاب القرار في إسرائيل وخصوصا حكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير الحالية الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، والأشد تنكرا لحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية المشروعة، وفي قلبها القدس والاستقلال ودحر الاحتلال، والتي تتحدد اجندتها بوضوح في شطب القضية الفلسطينية من على الاجندة والاهتمام الدوليين، وتهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك بالكامل، مستغلة:

1- حالة الانحطاط العربي والإسلامي غير المسبوق والذي تجلى بشكل سافر في العجز العربي والإسلامي حيال حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ أحد عشر شهرا، 2. سعي الحكومة الإسرائيلية الحالية الحثيث لفرض الأمر الواقع الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة تمهيدا لفرض السيادة الإسرائيلية عليها تنفيذا لنص وروح (قانون القومية الإسرائيلي) الذي صادقت عليه الكنيست الإسرائيلي عام 2018، والذي جاء ليقطع العلاقة الدينية والتاريخية والقومية والوطنية والحضارية بين فلسطين الوطن والفلسطينيين الشعب سواء داخل حدود إسرائيل (1948) او في فلسطين المحتلة عام 1967، وليفرض رواية واحدة هي الرواية الصهيونية، وليجعل الحق في تقرير المصير في هذا الوطن لمجموعة عرقية واحدة هي اليهود، اما غيرهم فمجرد رعايا لا حق لهم في الوطن ولا على الوطن، يتمتعون فقط بمجموعة من الحقوق المدنية المشروطة والمرتبطة بمزاج الحاكم المطلق لهذا الوطن وهم اليهود، فينزع بذلك الشرعية عن الشعب الفلسطيني داخل الخط الأخضر وفي الأراضي المحتلة عام 1967 وفي الشتات، ويجعلها فقط لليهود.. 3. انحياز المجتمع الدولي وسكوته على ما ترتكبه حكومات إسرائيل المتعاقبة بما في ذلك الحكومة الحالية، من انتهاكات بلغت حد جرائم الحرب حسب القانون الدولي ضد فلسطين وطنا وشعبا ومقدسات، 4. الواقع الفلسطيني الذي يزداد ضعفا يوما بعد يوم بسبب الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية، وغياب الوحدة الوطنية، واستمرار الانقسام بين غزة والضفة، وتدهور أوضاع الشعب الفلسطيني الحياتية، وانسداد الأفق السياسي، 5. وشعور نتنياهو وحلفاؤه في الداخل والخارج انهم في مأمن من أن تطالهم يد العدالة والعقوبات الدولية كما وصلت الكثير من الأنظمة في أفغانستان والعراق وإيران وغيرها، الأمر الذي جرأ نتنياهو على ان يمضي في سياساته كما لو كانت إسرائيل فوق القانون الدولي وفي مأمن من إجراءاته..

الوزير المتطرف (بن غفير) جاء بما لم تأت به الأوائل، فقد كان منسجما مع ايديولوجيته الموغلة في التطرف من جهة، ومنسجما أيضا مع ما يكرره نتنياهو مرة تلو المرة بمناسبة وبغير مناسبة، من ان (أرض إسرائيل) لليهود فقط، اما غير اليهود (الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية)، فرعايا فقط كما قلت سابقا، والذي يعني الا حق لهم في الوطن ولا عليه! إنه التطبيق الفعلي والعملي لقانون القومية المذكور الذي أصبح يشكل الغطاء الرسمي لكل ممارسات إسرائيل الرامية إلى إنهاء القضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني والرواية الفلسطينية، والتي اختزلها نتنياهو في بعض الحقوق المدنية المشروطة والتي يمكن انتزاعها في كل لحظة..

(2)

الغريب أن (المتدين القومي) حتى النخاع التقى فيما ذهب اليه من ان المعركة على القدس معركة دينية، وإنها بين إسرائيل الدولة التي أقيمت على أصول دينية، وبين ما أسماهم ب “الإسلاميين المتطرفين”، التقى مع بن غوريون مؤسس “دولة اليهود!!!” والذي يُصنَّف على انه علماني حتى النخاع، والذي نُسب اليه قوله: “لا معنى لليهود بدون إسرائيل، ولا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل”. علماني ومتدين قومي اتفقا على أن المعركة على القدس دينية وليست فقط سياسية..

ذهب بن غوريون في تعزيزه لهذا المعنى إلى أبعد من ذلك.. ففي رده على قرار هيئة الأمم المتحدة حول تدويل القدس جاء ما يلي: “القدس هي عاصمة اسرائيل ويجب على العالم كله ان يعلم ذلك ثم يقتنع بذلك، ومهمتنا التي اختارنا لها الإله هي إقناع العالم بذلك”…

أما أوراقه الخاصة فقد جاء فيها ايضا: “مشروع يتبناه الإعلام اليهودي ورجال الفكر والصحافة ويعلنونه على العالم كله خاصة إذا اتجهت اوروبا المسيحية الى فكرة تقسيم القدس، وهو مشروع يتعلق بتقسيم روما، فكما ان روما تمثل الحضارة الرومانية الكاثوليكية، فكذلك القدس تمثل حضارة داود وسليمان، فلماذا تقسم القدس ولا تقسم روما”… بدوره قال (مناحيم بيغن) رئيس وزراء إسرائيل السابق، يوما في الكنيست: “يكفينا فخرا انه لا علم عربيا يرفرف فوق جبل الهيكل (الحرم الشريف) في القدس”…

راودني سؤال مهم في اعتقادي وانا أتأمل في تصريحات (بن غفير) من ان المعركة على القدس “دينية” وهي تدور بين إسرائيل وبين “المتطرفين الإسلاميين”: لماذا أعفى أردان “العلمانيين والليبراليين” العرب حكاما ومحكومين من أي دور في هذا الصراع؟!! هل هي زلة لسان مرة أخرى، ام ان وراء الأكمة ما وراءها؟! لماذا اختص “الإسلاميين” بقيادة هذه المعركة فقط؟!! هل هنالك معلومات لدى وزير الامن الداخلي الإسرائيلي تفيد بأن النظام العربي الرسمي عموما (إلا ما ندر) وبالذات في الدول العربية الأربعة السعودية ومصر والامارات والبحرين، قد تخلى عن القدس والاقصى وعن القضية الفلسطينية لصالح المشروع الصهيوني في إطار ما يسمى ب “صفقة القرن” و “الديانة الابراهيمية” بما تحمله من خطط تطبيع عربية واسعة مع إسرائيل دون اشتراط ذلك بإقامة الدولة المستقلة ، حيث تعثر تطبيقها بسبب عملية “طوفان الأقصى”، وأن ما تتضمنه ديباجات البيانات الختامية للمؤتمرات العربية والإسلامية حول التمسك بالقدس والاقصى والقضية الفلسطينية، ليست اكثر من ذر للرماد في العيون، وضَخٍّ لِكَمٍّ كثيف من الضباب الإعلامي الذي يهدف إلى إخفاء الحقيقية لأسباب تكتيكية؟!! ارجو ان أكون مخطئا!…

(3)

من الواضح أن خيارات الشعوب العربية والإسلامية هي ما باتت تقلق إسرائيل وحكوماتها بعد ان أَمِنَتْ جانب الأغلبية الساحقة من الأنظمة العربية والإسلامية – الا من رحم الله –  التي باتت رهينةَ القبضة الصهيو – أمريكية، وأسيرةَ أجنداتها اللادينية واللاوطنية واللاقومية، وراعيةَ الفساد والاستبداد والدكتاتورية! لذلك لم استغرب أبدا من سرعة تشكل هذا التحالف الصهيوني – الامريكي – العربي في الفترة السابقة لعملية “طوفان الأقصى” الذي بدأ يلعب (على المكشوف) كما يقال، وبلغ درجة لم يعد يتردد معها نتنياهو في التباهي في تصريحات له حينها من انه يقيم علاقات مع ست دول عربية وإسلامية كانت مصنفة إسرائيليا كمعادية في الماضي!

من أبرز سمات هذا التحالف: أولا، التطبيع مع إسرائيل دون مقابل. ثانيا، حماية هذه الأنظمة العربية المُطَبِّعة رغم استبدادها وانتهاكها لحقوق الانسان في دولها. ثالثا، العداء للإسلاميين، والحرب على حملة المشروع الإسلامي من الحركات الإسلامية المعتدلة والسلمية وفي قلبها جماعة الاخوان المسلمين، وتعمد التعامل معها تحت يافطة “محاربة الإرهاب” التي أصبحت مبررا لقمع الشعوب وتكريس حالة الانسداد السياسي الذي أدى الى حالة الدمار الشامل التي يعيشها أكثر من بلد عربي واسلامي!

نجحت إسرائيل في السنوات الأخيرة أكثر من أي وقت مضى في المزاوجة بين حربها التهويدية والاستعمارية على الأرض في كل انحاء فلسطين التاريخية وخصوصها في قلبها القدس والاقصى المبارك، وبين حربها لتزييف الوعي والترويج لروايتها التي تهدف إلى نسف الرواية الإسلامية – العربية – الفلسطينية بخصوص فلسطين وطنا وشعبا ومقدسات..

تعتمد إسرائيل في إدارة حربها لتزييف الوعي على ماكينة إعلامية وأكاديمية وبحثية طالت كل زاوية في الدين والتاريخ والحضارة والسياسة، وتعتمد كلها على أكاذيب وأساطير أصبحت مع الوقت من المُسَلَّمات وإن كانت كلها نقيضة المنطق والعقل السليم، تماما كما أصبحت عملية نقد السياسات الإسرائيلية نوع من أنواع اللاسامية التي يعاقب عليها القانون في دول الغرب كما جاء على لسان الرئيس الفرنسي ماكرون مؤخرا، وكما أصبح عقد أي نوع من المقارنة بين المذابح النازية ضد اليهود، ومذابح شبيهة ارتكبتها أنظمة حول العالم ضد ملايين المسلمين مثلا، محرما، وقد يرقى الى مستوى الجرائم التي يعاقب عليها القانون أيضا! من أبرز هذه الاساطير والاكاذيب القول أن: “اليهود هم شعب الله المختار”، و”الوعد الإلهي بمنح الأرض المقدسة لهذا الشعب”، و “إن داود هو أول من بنى القدس واتخذها عاصمة لملكه”، وأن “لليهود حقا تاريخيا مقدسا في فلسطين”، و “إن العبرانيين هم أول من سكن فلسطين”، و “أن فلسطين كانت أرضا صحراء”، وغيرها كثير.. في مقابل ذلك تسعى الماكينة الصهيونية لنفي الحق الديني والتاريخي والحضاري للشعب الفلسطيني وللعرب والمسلمين في فلسطين وعليها، ولوصف العرب والمسلمين بالتخلف والوحشية والظلم والانحطاط القيمي والحضاري كما جاء ذلك واضحا في خطاب نتنياهو امام الكونغرس الأمريكي مؤخرا الذي قال فيه: “ليس هذا صدام حضارات، إنه صدام بين البربرية والحضارة. إنه صدام بين أولئك الذين يمجّدون الموت والذين يقدّسون الحياة، ولكي تنتصر قوى الحضارة، فلا بد لأمريكا وإسرائيل أن تقفا معاً، لأنه عندما نقف معاً، يحدث شيء بسيط، ننتصر نحن ويهزمون”!… القصد واضح ومفهوم!…

من اللافت أيضا دور الأوساط الدينية سواء كانت أحزابا او مرجعيات دينية يهودية في صياغة الاجندة السياسية لإسرائيل وخصوصا بما له علاقة بفلسطين والقدس ومستقبلهما.. شاركت هذه الأحزاب في حكومات إسرائيل كلها تقريبا منذ قيام الدولة وحتى الآن، ووضعت بصماتها على السياسات الداخلية والخارجية لإسرائيل في جميع مراحلها، وعززت من مكانة الدين في تشكيل الهوية الإسرائيلية الحديثة، وكرست دور الحاخامات اليهود وخصوصا من التيار الديني القومي وامثاله من التيارات المتشددة، في توجيه بوصلة الاحتلال نحو المزيد من الانتهاكات للحقوق الفلسطينية، وتعزيز قبضة الاحتلال تمهيدا لابتلاع القدس والاقصى وفلسطين من البحر إلى النهر، حيث كان لهؤلاء الحاخامات اليهود  دور بارز في دعم العدوان وتبريره ومباركته، وفي إصدار الفتاوى الدينية التي تبرر قتل العرب بما في ذلك الأطفال، والتنكيل بهم ومصادرة ارضهم ووطنهم..

(4)

لقيت هذه التوجهات الصهيونية العنصرية والعدوانية – مع الأسف – دعما غير محدود من دول الاستعمار قديما وحديثا ابتداء من نابليون مرورا ببريطانيا وليس انتهاء بالرئيس الحالي بايدن.. كلهم تحدثوا عن إسرائيل كتعبير عن “إرث الوجود اليهودي الديني” في فلسطين منذ آلاف السنين، وفيها ما فيها من استدعاء للدين والتاريخ من أوسع أبوابهما، دعما لدولة الاحتلال وسياساتها.

يبدو ان الدين والتاريخ سيظلان من العوامل الأساسية في الصراع مع المشروع الصهيوني القائم على أساس الدين. فهل ستشكل تصريحات (بن غفير) وغيره اركان هذه الحكومة حول الطبيعة الدينية للصراع حول القدس وفلسطين، نافذة يطل من خلالها العرب والمسلمون الى واقعهم الحقيقي، فيعيدوا حساباتهم ويحددوا أولوياتهم من جديد بما يضمن للدين والعقيدة دورهما الجاد في توجيه بوصلة الصراع، بقدر ما لفهم الواقع الحالي وموازين القوى الإقليمية والدولية، وانتهاز الفرص وحساب المكاسب والخسائر من أهمية أيضا..

(5)

آن الأوان لمسلمي العالم وأحراره ومحبي السلام والاستقرار فيه، التقدم بخطوة جريئة إلى الأمام في مشروع تحرير مدينة القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك، وذلك من خلال الإعلان عن اليوم الذي حرقت إسرائيل فيه الأقصى (21.8.1969) يوما عالميا لنصرة المسجد الأقصى المبارك، والذي يعني الإعلان عن مشروع كامل ومتكامل لتخليصهما من الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه.

يأتي يوم الذكرى الخامسة والخمسين لحريق الأقصى المشئوم، ليذكرنا ليس فقط بما تسبب به من خراب واسع ودمار شامل في أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، بما في ذلك منبر صلاح الدين الأيوبي، ولكن يذكرنا أيضا بأن مخطط إسرائيل الخبيث ضد الأقصى رمز فلسطين وأيقونتها بدأ منذ ذلك التاريخ ولم يتوقف حتى الآن.  لم يعد خافيا على احد أن مؤامرة الاحتلال الإسرائيلي ضد القدس والأٌقصى تسير بوتيرة متسارعة، وأن خططها لإحكام القبضة عليهما يتم تنفيذها دونما عائق يذكر رغم مخالفتها لكل قوانين وقرارات الشرعية الدولية، ودونما إجراء دولي وعربي وإسلامي جدي يردع إسرائيل ويمنعها من الاستمرار في ارتكاب جرائمها ضد المدينة المقدسة وقلبها النابض الأقصى المبارك.

إن الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، كما الأمة كلها من أقصاها إلى أقصاها، موحدة من وراء ثوابتها التي لن تتغير في أن ساحات الأقصى هي جزء لا يتجزأ من الأقصى الذي تبلغ مساحته 144.4 دونما بما في ذلك الجدران والبوابات الخارجية وجميع المرافق، وأنه لا علاقة للاحتلال الإسرائيلي بالقدس والأقصى، وهما عاجلا أو آجلا  سيكونان رمز الدولة الفلسطينية وعاصمتها الأبدية، وهما في الوقت ذاته ملاذ كل المحبين للسلام من كل أنحاء العالم، وان الأقصى لا يخضع للقوانين الإسرائيلية، وأننا في الحركة الإسلامية نرفع صوتنا كما هو حالنا دائما في دعوة جماهير شعبنا في كل أماكن تواجده إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى بشكل دائم ومستمر، وهو جهد المقل الذي نساهم من خلاله بالنهوض بمشروع عالمي عابر للقارات، يبدأ ولا ينتهي إلا بزوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين ، وهو كما يعرف العالم ضمان الاستقرار والأمن الدوليين…

في كل يوم تحقق مدينة القدس وفي قلبها المسجد الأقصى المبارك انتصارات على الاحتلال الإسرائيلي الغاشم ، وذلك من خلال ما تملكه من مخزون استراتيجي روحي وتاريخي وحضاري إسلامي وعربي تتحطم على صخرته كل مؤامرات الاحتلال ومشاريع تهويده للمدينة المقدسة ، هذا  إضافة الى احتضانها لشعب فلسطيني اعلن عدم اعترافه بالاحتلال وآثاره ، ويسجل في كل منعطف من منعطفات هذا الصراع بين الحق الإسلامي – العربي – الفلسطيني ذي الجذور العميقة ، وبين الباطل والافك الصهيوني الذي تلفظه الأرض ويرفضه الانسان ، يسجل هو أيضا صفحات من نور ما زالت تربك حسابات المحتل الإسرائيلي وتخلط أوراقه وتفقده توازنه ، وتثبت له مرة بعد مرة انه الى زوال مهما طال الزمن ومهما بلغ ظلمه وطغيانه ..

نحن ببساطة لا نعترف للاحتلال الإسرائيلي بأي سلطة على المدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك، وما وجودها في المدينة المقدسة الى ثمرة مرة لواقع عربي واسلامي ودولي مرير.. لن يأتي اليوم الذي نطلب فيه إذنا من الاحتلال من اجل دخول القدس او الأقصى، فهو حق رباني لا حق لإسرائيل في التدخل فيه، وإن كل محاولات إسرائيل المحتلة للمنع او السماح، إنما هو بحكم الامر الواقع الذي لا بد ان ينتهي يوما.

لذلك كله، آن الأوان للإعلان عن يوم حريق الأقصى يوما عالميا لنصرة الأقصى والقدس والقضية الفلسطينية بكل ما تعنيه من مخزون ديني وتاريخي، والذي يعني إطلاق مشروع لا يتوقف الا برفع الاعلام الفلسطينية – العربية – الإسلامية على أسواء القدس ومآذن القدس وكنائس القدس.. بذلك فقط سيعم السلام العادل والشامل والدائم، وستُطوى صفحة سوداء من التاريخ لم تعرف الا الدماء والاشلاء والدموع.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M