القرار الأممي حول الصحراء المغربية.. جامعي: جوهر النزاع حسم سياسيا وقانونيا

هوية بريس-عبد الصمد ايشن
قال الحسن اشهبار، أستاذ القانون العام بجامعة سيدي محمد بنعبد الله، أن “المسودة الجديدة لقرار مجلس الأمن بشأن قضية الصحراء المغربية تشكل تحولا نوعيا في مسار هذا النزاع الإقليمي المزمن، إذ جاءت بصياغة سياسية ولغوية متقدمة تكرس عمليا المرجعية المغربية للحل وتفتح أفقا تنفيذيا واضحا بعد سنوات من الدوران في حلقة المفاوضات المفتوحة”.
وتابع اشهبار في منشور له “النص يؤكد منذ مقدمته التزام المجلس بجميع قراراته السابقة، لكنه يذهب أبعد من ذلك عبر تثبيت الدعم الكامل للأمين العام ولمبعوثه الشخصي ستافان دي ميستورا في مواصلة مشاوراته مع المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا، ما يعني الاعتراف الضمني بمسؤولية الجزائر المباشرة كطرف معني لا مجرد جار مراقب”.
وأكد الأستاذ الجامعي أن “القرار يعيد التأكيد على الهدف الجوهري المتمثل في التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين على أساس التوافق، لكنه يربط ذلك هذه المرة ربطا صريحا بمبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الإطار الواقعي والوحيد القابل للتطبيق”. موضحا “الفقرة الرابعة من الديباجة تشكل قلب المسودة، إذ تذكر بوضوح أن العديد من الدول الأعضاء دعمت مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 وتصفه بأنه يمكن أن يشكل الحل الأكثر قابلية للتطبيق تحت السيادة المغربية. هذه الصياغة هي الأكثر وضوحا في تاريخ قرارات المجلس، إذ لم تعد تكتفي بوصف المبادرة بأنها جادة وذات مصداقية، بل ارتقت بها إلى مرتبة المرجعية العملية للمفاوضات”.
وسجل المتحدث ذاته “ويزيد النص من وضوح الاتجاه حين يقرر في فقراته التنفيذية أن المفاوضات المقبلة يجب أن تتم على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي دون شروط مسبقة، وهو تحول جوهري يجعل المبادرة المغربية ليست فقط مرجعا سياسيا بل أرضية تفاوض ملزمة. كما أن المسودة تسجل لأول مرة استعداد الولايات المتحدة لاستضافة جولات التفاوض، ما يمنح العملية السياسية ثقلا جديدا ويدمجها ضمن مقاربة دولية أوسع لتسريع الحل”.
وأورد منشور اشهبار أن “عنصرا آخرا بالغ الدلالة هو الفقرة التي تطلب من الأمين العام تقديم مراجعة إستراتيجية شاملة لبعثة المينورسو خلال ستة أشهر أخذا في الاعتبار نتائج المفاوضات. هذا الإجراء يجعل من البعثة أداة مرافقة لتنفيذ الحل السياسي لا مجرد آلية لمراقبة وقف إطلاق النار. وبذلك يدخل عمل المينورسو مرحلة إعادة تكييف وظيفي تنتقل فيه من وضعية الانتظار إلى وضعية المساندة الميدانية للحل النهائي. كما أن النص يعيد التأكيد على ضرورة احترام اتفاق وقف إطلاق النار وتفادي كل ما من شأنه تهديد العملية السياسية، وهو ما يوجه رسالة صارمة للبوليساريو بعد محاولاتها الأخيرة لخلق توترات شرق الجدار الأمني”.
وخلص الجامعي ذاته “بهذا المعنى، يمكن القول إن جوهر النزاع قد حسم سياسيا وقانونيا، وإن ما تبقى هو تنزيل تقني لمضمون الحل في إطار سيادة المملكة المغربية، وفق تصور يمنح لساكنة الصحراء صلاحيات واسعة في تدبير شؤونهم المحلية ضمن مؤسسات جهوية منتخبة، مع ضمانات دولية لاحترام حقوقهم وتكريس التنمية المستدامة. المسودة الجديدة لا تعلن ذلك صراحة، لكنها تبني كل فقراتها على هذا المنطق، وبذلك تكون قد وضعت حدا فعليا لزمن المراوحة، وأرست أساس الحل النهائي الذي طال انتظاره”.



