الكتاتيب القرآنية بين خدمة كتاب الله وقرارات تُجهز على وجودها

17 سبتمبر 2025 20:40

الكتاتيب القرآنية بين خدمة كتاب الله وقرارات تُجهز على وجودها

هوية بريس – متابعات

أعاد السؤال البرلماني الذي وجهه المستشار خالد السطي عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب لوزير الأوقاف أحمد التوفيق، فتح ملف حساس طالما أثار الغضب الشعبي والجدل السياسي: الكتاتيب القرآنية. هذه المؤسسات العريقة التي صنعت وجدان المغاربة لأجيال، تجد نفسها اليوم مهددة بدفتر تحملات وصفه العاملون فيه بأنه “قرار مجحف” و”إجراء عقابي” يهدد وجودها بدل أن يطور أداءها.

دفتر التحملات الجديد يفرض على الكتاتيب شروطا إدارية وتنظيمية أشبه بمؤسسات مالية عملاقة، في حين أن معظم هذه الفضاءات التعليمية بالكاد تصمد بإمكانات بسيطة وتطوعية.

الوزارة تقول إن الغاية هي الشفافية والحكامة الجيدة، لكن الواقع يكشف أن الشروط الموضوعة لا تراعي السياق الاجتماعي ولا الاقتصادي للكتاتيب، خصوصا في القرى والبوادي.

عدد من المحفظين وأصحاب الكتاتيب اعتبروا القرار ضربة قاصمة لمسار طويل من خدمة القرآن الكريم، مشيرين إلى أن الوزارة بدل أن تدعمهم وتوفر لهم الحد الأدنى من الإمكانيات، اختارت أن تحاصرهم بالبيروقراطية، لتجعل بقاءهم مرهونا بقدرة المؤسسات على تدبير ملفات مالية وإدارية معقدة. النتيجة المتوقعة، وفق شهادات، ستكون إغلاق المئات من الكتاتيب في مختلف جهات المملكة.

اللافت أن هذا الجدل ليس جديداً. فقد سبق أن أثيرت نفس التحفظات عند كل محاولة لـ”تقنين” عمل الكتاتيب، وهو ما فُهم دائماً على أنه مسعى لإضعافها تدريجياً. لكن المختلف هذه المرة أن الوزارة اختارت فرض دفتر تحملات شامل دون استشارة موسعة مع المعنيين، ما يوحي بوجود نية لإعادة هيكلة القطاع بشكل قد يفرغه من روحه الأصيلة.

السؤال البرلماني للسطي، شهر يوليوز 2025، جاء ليضع الوزير أمام مسؤولياته: هل الهدف من الدفتر هو فعلا تطوير جودة التعليم العتيق، أم أن هناك إرادة لإقصاء هذه المؤسسات التاريخية من المشهد التعليمي الديني؟ الجواب المرتقب من التوفيق سيكون اختبارا حقيقيا لمصداقية خطاب الوزارة حول الوسطية والاعتدال، لأن ضرب الكتاتيب يعني عمليا تفكيك إحدى أقوى القلاع التي تحصن الهوية الدينية للمجتمع المغربي.

الكتاتيب القرآنية ليست مجرد فضاءات لتحفيظ كتاب الله، بل ذاكرة جماعية تختزن تاريخ المغرب الروحي ومناعة هويته. وإذا كان إصلاح القطاع ضروريا، فإن الإصلاح الذي يبدأ بالهدم لا يمكن أن يكون سوى مشروعا لإضعاف الدين من جذوره.

والسؤال الذي يطرحه العاملون والمتابعون اليوم: هل الوزارة بصدد إصلاح الكتاتيب أم تصفية دورها لصالح تصورات أخرى لا يجرؤ أحد على البوح بها؟

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
10°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة