الكثيري: معركة الدشيرة جسدت معلمة بارزة في تاريخ الكفاح الوطني
هوية بريس – و م ع
قال المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، اليوم الثلاثاء بالعيون، إن معركة الدشيرة جسدت بحق معلمة بارزة في تاريخ الكفاح الوطني ألحق فيها جيش التحرير هزيمة نكراء بقوات الاحتلال الأجنبي.
وأضاف الكثيري في كلمة له خلال مهرجان خطابي بمناسبة تخليد الذكرى ال65 لمعركة الدشيرة الخالدة والذكرى 47 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، أن هذه المعركة التي دامت 12 ساعة، تكبد خلالها المستعمر خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وتكللت بانتصار جيش التحرير الذي استشهد من عناصره 12 فردا، مبرزا أن ربوع الصحراء المغربية تبقى شاهدة على ضراوتها.
وسجل الكثيري أن هذين الحدثين العظيمين جسدا أسمى صور ومظاهر الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي الأبي بقيادة العرش العلوي المجيد من أجل الحرية والاستقلال واستكمال الوحدة الترابية، ويشكلان محطتين تاريخيتين وازنتين في سجل أمجاد ومكارم هذه الربوع المجاهدة والقلاع الشامخة في الحركة الوطنية والوحدوية.
وذكر أن معركة الدشيرة التي كانت أول رد فعلي بالضفة الشمالية الشرقية لوادي الساقية الحمراء، بعد أيام قليلة من استقبال جلالة المغفور له محمد الخامس لوفد من القبائل الصحراوية المغربية بمحاميد الغزلان سنة 1958، ودعوته في خطابه التاريخي إلى التحرك لتحرير الصحراء المغربية، مقدما جلالته كل الدعم للمجاهدين والوطنيين بهذه الربوع الذي شاركوا بمن فيهم أبناء القبائل الصحراوية مجاهدون من شمال المملكة من مدن الدار البيضاء وفاس والخميسات والأطلس المتوسط والريف والصحراء الشرقية وغيرها بقيادة المجاهد صالح بن عسو.
وقال “ان أبناء الأقاليم الجنوبية قدموا جسيم التضحيات في مناهضة الوجود الاستعماري الذي جثم بثقله على التراب الوطني وقسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب والحماية الاسبانية بالشمال والجنوب فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي”، مشيرا إلى أن ذلك جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة وعسيرة بذل العرش والشعب خلالها تضحيات كبيرة في غمرة كفاح متواصل طويل الامد ومتعدد الأشكال لتحقيق الحرية والخلاص من الاستعمار.
وأبرز أن الشعب المغربي وفي طليعته أبناء المناطق الجنوبية المسترجعة، واصل مسيرة النضال البطولي من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية ، مجسدين مواقفهم الراسخة وارتباطهم بمغربيتهم، إيمانا ببيعة الرضى والرضوان التي تربطهم بملوك الدولة العلوية الشريفة، رافضين لكل المؤامرات التي تحاك ضد وحدة المغرب الترابية.
وأضاف أن هذه الملحمة النضالية تواصلت في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله مثواه بكل عزم وإيمان وإصرار، وتكللت باسترجاع مدينة سيدي افني سنة 1969، وبالمسيرة الخضراء المظفرة، مسيرة فتح الغراء في 6 نونبر 1975 التي جسدت عبقرية ملك استطاع بأسلوب حضاري فريد يرتكز على قوة الإيمان بالحق، استرجاع الساقية والوادي إلى حضن الوطن الأب، وارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976 ، ثم اقليم وادي الذهب إلى الوطن يوم 14 غشت 1979، مؤذنة بنهاية الوجود الاستعماري في الصحراء المغربية .
وأكد الكثيري على أن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تخلد بإكبار وإجلال الذكرى 65 لمعركة الدشيرة الخالدة والذكرى 47 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، لتجدد موقفها الثابت من قضية المغرب والمغاربة الأولى، وتعلن استعداد أفرادها لاسترخاص الغالي والنفيس في سبيل تثبيت السيادة الوطنية بالأقاليم الجنوبية المسترجعة، ومواصلة الجهود والمساعي لتحقيق الأهداف المنشودة والمقاصد المرجوة في بناء وطن واحد موحد الأركان، قوي البنيان ينعم فيه أبناؤه بالحرية والعزة والكرامة.
وسجل أن عهد جلالة الملك محمد السادس، “يتكلل ويتجدد بمسيرات البناء والتشييد وإرساء أسس دولة الحق والقانون والديمقراطية والمدنية الحديثة، والانغمار في مسلسل النماء والتقدم وبناء الإنسان وتنمية هذه الأقاليم العزيزة لتصبح قاطرة لتنمية استثمارية، وورشا لمشاريع تنموية واعدة ومدمجة من شأنها إرساء نموذج جديد للتنمية الشاملة والمستدامة والمدمجة في كافة المجالات وتعزيز ورش الجهوية المتقدمة، في سياق ترسيخ مسار ديمقراطي صحيح وخلاق يؤمن إشعاعها كقطب اقتصادي وطني وصلة وصل بين دول الشمال والجنوب”.
وثمن الكثيري، مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 47 للمسيرة الخضراء والذي حمل إشارات قوية ورسائل بليغة حول القضية الوطنية الأولى.
وكان الكثيري قد قام رفقة والي جهة العيون الساقية الحمراء، عامل اقليم العيون السيد عبد السلام بكرات، وعدد من المقاومين ، والمنتخبين، ورؤساء المصالح الخارجية، بزيارة لمقبرة الشهداء بالجماعة القروية الدشيرة، للترحم على أرواح الشهداء الذين سقطوا خلال معركة الدشيرة، وعلى روح جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه آنذاك في الكفاح الحسن الثاني طيب الله ثراه ، ولفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالدشيرة.
وعرف هذا المهرجان الخطابي الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالعيون بحضور الكاتب العام لولاية العيون السيد العربي المغاري، وعدد من المنتخبين، والأعيان والمقاومين ، تكريم ثلة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وتوزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسرة المجاهدة في سياق العناية الموصولة بالفئات الاجتماعية من ذوي الاحتياجات ومن هم في حالة العسر المادي.