الكفاءة الحكومية بين سرعة “المواطر” وسرعة الغلاء

27 أغسطس 2025 22:42

الكفاءة الحكومية بين سرعة “المواطر” وسرعة الغلاء

هوية بريس – سعيد الغماز

 يبدو أن ردة فعل الشارع على قرار مراقبة سرعة الدراجات النارية، كانت أكثر حكمة وأعمق رزانة من قرارات حكومة السيد عزيز أخنوش.

هذه الحكومة، اجتمع فيها من الخبراء والمستشارين والكفاءات ما لم يجتمع في أي حكومة أخرى من الحكومات التي عرفتها المملكة المغربية. هذا ما ظل السيد رئيس الحكومة يروجه للمغاربة منذ انتخابات 8 شتنبر. لكن!!!

…لكن قرار مراقبة سرعة “المواطر”، ثم التراجع عنه في ظرف قياسي، جعلنا أمام حكومة فاقدة للكفاءة أمام مواطن يفكر بحكمة وبكفاءة عالية. ليس هذا فحسب، التراجع عن القرار البليد، جعل المواطن أكثر وعيا وأعمق فهما من حكومة لا تعرف المجتمع الذي تُصدر له القوانين.

قبل الحديث عن جواب المواطن المغربي بسخرية ذكية وواعية، على قوانين حكومة 8 شتنبر، سنبرز أهم ما يروج في وسائل التواصل الاجتماعي، من أسباب وجيهة لرفض هذا القرار.

اجتمع الرأي العام الرافض للقرار الحكومي، على أن “الموطور” هو أولا وقبل كل شيء، وسيلة كسب الرزق لأكثر من 90% من مستعملي هذه الوسيلة الشعبية للنقل. ربما وزراء حكومة السيد أخنوش، يعيشون بعيدا عن هموم المواطن المغربي، وهو ما جعلهم عاجزين عن فهم أن “الموطور” هو وسيلة لكسب الرزق. وأن حجز هذه الوسيلة في “الفوريان”، يعني زيادة البطالة، التي بلغت رقما قياسيا في عهد هذه الحكومة.

شيء آخر تطرقت له وسائل التواصل الاجتماعي في نفس الموضوع. الكثير من الشباب لا يستطيع كراء منزل في المدينة بسبب غلاء الكراء وتدني الدخل والأجور في عهد حكومة السيد أخنوش وحكومة الكفاءات التي يرأسها. هذه المعلومة الغائبة عن وزراء حكومة 8 شتنبر، جعلت الكثيرين يسكنون خارج المدينة، ويستعملون “الموطور” كوسيلة شعبية لبلوغ مقر عملهم يوميا.

معلومة أخرى غائبة عن وزراء 8 شتنبر الذين حصروا تفكيرهم داخل منازلهم في العاصمة، هي أن شخصين يشتريان “موطور” لتقاسم ثمنه وقيمة تأمينه، لاستعمله يوميا لنقل شخصين. المواصفات التي تريد حكومة السيد أخنوش فرضها على الدراجات النارية، غير ملائمة لنقل شخصين، وليست عملية في طرقات تركتها الحكومة بدون تعبيد، وحين يكون المسار اليومي عبر عقبة، فتلك قصة أخرى. الموطور بمواصفات حكومة السيد أخنوش، لا يمكنه صعود تلك العقبات، وغير صالح لجل الطرقات التي يستعملها أصحاب هذه الوسيلة الشعبية.

لو قمنا بمراقبة سرعة سيارات السادة الوزراء، لوجدناها تفوق 220 كلم في الساعة وربما أكثر من 280 كلم في الساعة بالنسبة لبعض أصناف السيارات. علما أن السرعة محدودة في 60 داخل المدن و120 في الطرق السيارة. فهل هذا يعني أن سيارات السادة الوزراء محلها “الفوريان” حسب منطوق القرار الحكومي؟

ردة فعل الرأي العام على القرار الحكومي، كانت أكثر وعيا من حكومة 8 شتنبر. فقد تحدثت وسائل التواصل الاجتماعي عن كون مشكل السرعة القاتلة مرتبط بأولاد الفشوش الذين يعتبرن الطرقات ملكا لهم، والحكومة لم تتخذ أي إجراء في حقهم كما حاولت أن تفعل مع أولاد الشعب.

تحدث أصحاب وسيلة النقل الشعبية، عن كون المشكل مرتبط كذلك، بعدم احترام قانون السير من طرف سائقي “المواطر” وتجاوز الضوء الأحمر في الكثير من الحالات. وهذه مسؤولية حكومة الكفاءات لتضع القوانين المناسبة لكل خرق للقانون ولسلامة المواطنين.

هكذا ضجت وسائل التواصل الاجتماعي، بالعديد من الإبداعات، التي جعلت المتتبعين يلمسون حقيقة حكومة 8 شتنبر: الطبقات الشعبية في واد والحكومة في واد آخر.

أما السخرية التي واجه بها أصحاب “المواطر”، القرار الحكومي، فكان عنوانه “مراقبة السرعة”. ليس سرعة “الموطور” الذي تستعمله الطبقات الشعبية، وإنما سرعة الغلاء، سرعة أثمان الدجاج، سرعة الخضر، سرعة أثمان المازوت، سرعة ثروة السيد رئيس الحكومة ووزرائه.

لكن السرعة البارزة والخطيرة، التي تحدثت عنها وسائل التواصل الاجتماعي، هي سرعة سحب قانون الاثراء الغير مشروع مبائرة بعد تنصيب حكومة السيد أخنوش، وإيداعه في “الفوريان” إلى جانب “موطورات” الطبقات الشعبية. لكن ردة فعل الشارع السريعة والقوية، جعلت الحكومة تتراجع عن القرار بنفس السرعة الذي اتخذته.

المواطن قالها بصوت واحد: “الموطور” ليس للهو، بل للعيش. هو مطبخ متنقّل، ووسيلة عمل، وجسر يصل بين القرية والمدينة. هو السرير لمن لا يستطيع دفع كراء غرفة في المدينة، وهو “شريك حياة” لشخصين يتقاسمان ثمنه مثلما يتقاسمان لقمة العيش. ومع ذلك، أرادت الحكومة أن تزجّ به في “الفوريان”، وكأنها تعلن حرباً على الفقراء بدل أن تحارب أسباب الفقر.

هكذا نَجَت “مواطر” الطبقات الشعبية من “الفوريان”، لكن يبدو أن حكومة السيد أخنوش هي من ستدخل “الفوريان” بعد سلسلة من الفضائح المماثلة.

لقد كشف “الموطور” أن الحكمة لا تُقاس بعدد الشهادات المعلّقة على جدار الوزير، ولا بعدد المستشارين المحيطين برئيس الحكومة، بل تُقاس بقدرة القرار السياسي على لمس نبض الشارع. وفي هذه المعادلة، بدا الشارع المغربي أعمق وعياً، وأشدّ فطنة، وأسرع إدراكاً من حكومة بطيئة في الفهم، سريعة في التراجع، تمضي بخطى ثابتة… نحو “الفوريان”.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
10°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة