الكفارات موعظة وعبرة لك لو كنت تعقل
هوية بريس – عبد الله الخليفي
قال تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير (3) فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم (4)} [المجادلة].
وهذا في كفارة من وقع على امرأته في نهار رمضان أيضا يذكر العتق والصيام وإطعام المساكين.
وكذلك في كفارة اليمين يذكر العتق والإطعام والصيام.
وقد تأملت في هذا فظهر لي أن الأمر كفارة للذنب وموعظة، فللمؤمن مع الذنب العظيم أحوال:
فمن ذلك أن هذا الذنب يستوجب به على العبد دخول النار، فإذا سلم من أثر هذا الذنب بعد أن استوجب فهو كمن أعتق، بل ضرر النار أعظم من ضرر الرق.
وفي أدعية الناس: (اللهم اعتق رقابنا من النار).
وفي مسند أحمد من حديث أبي مالك الأشعري: “كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها”.
فأنت في إعتاقك للعبد تستحضر عتقك من النار بإزالة تبعات الذنب.
وأما الصيام فهو الصبر، والمرء إن لم يصبر عن المعصية أو على الطاعة صبر على العذاب {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار} [البقرة].
فالمرء مع الصيام يستحضر أن عدم صبره على المعصية اقتضى منه صبراً أعظم على الطاعة، فيتذكر الصبر على العذاب فيقوى عزمه.
وأما الإطعام فهو نقص في المال، والذنوب نقص في الحسنات، فأنت بإنقاصك مالك تستحضر النقص فيما هو أنفس من المال وهو الحسنات، وتسد النقص بالنقص والحسنات يذهبن السيئات.