الكنبوري: إلغاء البند 490 فرصة لتحويل المغرب إلى ماخور
هوية بريس – نبيل غزال
حاولت حركة “خارجات عن القانون” استغلال حادث اعتقال فتاة تطوان التي تورطت في شريط جنسي فاضح، لتجديد مطلبها بإلغاء الفصل 490، الذي يجرم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وقد انضم إلى حملتها بعض الفنانين والسياسيين ذوي النزعة اليسارية ومن يتاجر بالدين لتبرير أفعال وسلوكات تحرمها كل الشرائع السماوية.
وقد تفاعل المجتمع مع هذا المستجد، وأنكر كثير من المعلقين رفع هذه المطالب في بلد يؤكد دستوره على إسلامية الدولة لا علمانيتها.
الدكتور إدريس الكنبوري، علق على هذا الموضوع في تصريح لـ”هوية بريس” بأن من “يطالب اليوم في المغرب بترك الحبل على الغارب في موضوع ما يسمى الحريات الفردية لديهم هدف أوسع، وهو إلغاء ذلك الخط الفاصل بين الفضيلة والرذيلة، بين المحرم والمباح. فالأمر ليس أمر حريات جنسية فحسب، بل موضوع إلغاء ذلك الخط الفاصل وإلحاق الرذيلة بالفضيلة وتذويبهما في اسم ثالث، تماما كما تم تذويب الذكر والأنثى في مفهوم الجندر.
وأضاف المفكر المغربي بأن “القضية عندي هي قضية مفاهيم وقيم محددة يتواصل بها المجتمع الحي، تنتمي إلى خانتين، خانة المحرم وخانة المباح المسموح به، وحين نجمع الخانات في خانة ثالثة مشتركة نكون قد عدنا إلى ما قبل العمران الإنساني كما يصطلح ابن خلدون.
ليست المشكلة مشكلة نص قانوني، لأن هذا النص القانوني لا يفعل إلا في حالات خاصة وفي حالات الانتقام السياسي من بعض خصوم الدولة، بل هي قضية محو فكرة الأخلاق من عقول المواطنين وترك مساحة فارغة في القانون يتم استغلالها. لو كنت أدرك بأن الهدف من هذه الحملات هو تكريس الحريات حقا لكنت على رأس المطالبين بحذف الفصل 490 من القانون الجنائي، ولكن الهدف ملغوم تجاه دين الدولة خدمة لمشروعات خارجية كثير من أصحاب هذه الحملات لا يفهمون سياقاتها.
لو كان هناك فعل رغبة في دعم الحريات كنا سنرى انتقادات لحالات يطبق فيها هذا البند بطريقة خاصة، ولكن لأن الهدف ملغوم فهم يفصلون بين القانون والسياسة ويريدون أن يكون إلغاء البند 490 فرصة لتحويل المغرب إلى ماخور.
وأضاف الكنبوري “نحن نقول بصراحة: على الدولة تطبيق هذا البند بشكل عادل في دولة القانون أو إلغاؤه. أما الإبقاء على هذا الفصل واستعماله في نطاق خاص فهذا يخدم أصحاب هذه الحملات بطريقة مغايرة.
إنني أرى بأن هذا البند لم يطبق في حق أصحاب هذه الحملات، فلم نسمع عن ملاحقة أحدهم به، وهم يعيشون حياتهم الجنسية بشكل طبيعي ولم يتعرض لهم أحد، وهذا يدل على تسامح الدولة، لكنهم يريدون توسيع هذا التسامح بحيث يشمل كل المجتمع فيدخل المراهقون والفتيان وغيرهم ونصبح أمام حالة من الفوضى العارمة.
والواقع أن هؤلاء لا يدركون المخاطر، ولا يفهمون تلك الدينامية السوسيولوجية في أي مجتمع، والتي تقول بأن المنطقة الفارغة التي تخليها الدولة يملأها المجتمع، لأن المجتمع الذي لديه قيم لا يقبل الفراغ. وإذا انسحبت الدولة من النطاق الأخلاقي فنخشى أن يملأه التطرف الاجتماعي الذي قد يتحول إلى تطرف ديني”.
وختم الكاتب والروائي المغربي تصريحه لـ”هوية بريس” بقوله “إنني أعتقد بكل وضوح وصراحة أن بعض هؤلاء يريدون إفراغ جسم الدولة من البعد الديني، بحيث يتم إخلاؤها من البعد الأخلاقي. وإذا حصل هذا فسوف نصل إلى ما هو أخطر، وهو المطالبة بحذف إمارة المؤمنين من الدستور والممارسة العملية. كيف؟ لأن النظام المغربي قائم على أصلين، أصل ديني وأصل مدني، الأول تمثله مؤسسة إمارة المؤمنين والثاني تمثله المؤسسة الملكية، والأصل الديني هو أصل ديني لأنه منوط به صيانة دين الأمة الذي تشكل الأخلاق العامة جزء منه. فإذا بدأنا في تمشيط كل ما يتعلق بالجوانب الأخلاقية فسوف ننتهي لا قدر الله إلى مواجهة هذه الحقيقة، وحينئذ سيجد المغاربة أنفسهم بدون غطاء ديني الأمر الذي يوقع في الفوضى. ولذلك نحن نطالب هؤلاء بالتحلي بقليل من الوطنية والغيرة على مؤسساتنا”اهـ.