الكنبوري: الإسلام المغربي تسمية راجت إبان الاستعمار والتيار الحداثي لو عرف المذهب المالكي لحاربه
حاوره: مصطفى الحسناوي
دكتور الكنبوري، كثيرا ما يرفع التيار الحداثي شعار التدين المغربي والوسطية والمذهب المالكي السمح، فهل يمكن اعتبار المذهب المالكي سمحا ووسطيا ومعتدلا بالنسبة للمرجعية العلمانية ومعاييرها؟
أعتقد أن هناك نوعا من سوء الفهم في ما يتعلق بمسمى التدين المغربي، أو الإسلام المغربي، فهذه التسمية استشراقية وقد روجها الفرنسيون في المغرب إبان الاستعمار، وهي ترتكز على رؤية أنثروبولوجية للتدين في المغرب، بشكل يفصله عن الإسلام بالمعنى المعياري العام.
وانتشر هذا المفهوم لدى الكثيرين الذين اعتقدوا بأن الإسلام الأنثروبولوجي أكبر من الإسلام المعياري في المغرب، وهذا غير صحيح، ثم إن هناك مشكلة في تحديد المقصود بالإسلام المغربي، هل القضية قضية ثقافة محلية أو ثقافات محلية، أم قضية أعراف محلية، أم قضية مذهب هو المذهب المالكي.
واليوم هناك من يلوح بهذه التسمية للقول بأن هناك تدينا مغربيا مخالفا أو معارضا للتدين المشرقي، وبالتالي أن المشكلة أصلها من المشرق.
وتنشأ القضية من سوء الفهم أو محاولة التحريف، من أجل إعطاء الانطباع بأن التدين المغربي أو المذهب المالكي يمكنه التعايش مع كل شيء في أي وقت، بشكل ينتهي بإفراغه تماما من المحتوى الديني، ويبدو أن هناك جهلا بمقومات المذهب المالكي وأعتقد أن التيار الحداثي لو عرف المذهب المالكي جيدا لحاربه.
إن الأمر في اعتقادي شبيه بما كان يروجه الحداثويون والعلمانيون في الثمانينات والتسعينات حول الفيلسوف القرطبي أبي الوليد ابن رشد، الذي صوروه رجلا علمانيا لا علاقة له بالدين، أو أقرب ما يكون إلى البروتستانتية كما روج عنه المستشرقون الأوروبيون، حيث جردوا الرجل من جذوره الدينية وأعطوه صورة ليست صورته الحقيقية، وهو ما يجري اليوم مع المذهب المالكي.
ـــــــــــــــــــــــــــ
* د.إدريس الكنبوري: باحث في الجماعات الإسلامية والتطرف والهجرة بالمغرب.