الكنبوري: الجابري لم يكن سوى كناس يكنس التراث ليفسح الطريق أمام اليسار
هوية بريس – متابعة
كتب د.إدريس الكنبوري “على عكس أغلب المثقفين الحداثيين؛ فإن محمد عابد الجابري يظل الرجل الوحيد الذي يفتقد إلى نسق واضح”؛ مردفا “فرغم إنتاجاته الغزيرة إلا أنك لا تجد لديه اعتناقا لأطروحة منسجمة؛ وهذا يفسره كما كتبنا سابقا أنه كان معلقا بين انتمائه الحزبي وميوله القومية ومغازلته للإسلاميين وجذوره الماركسية؛ فهو يتبنى الموقف ونقيضه؛ ويدافع عنهما في وقت واحد؛ وقد يتبنى أكثر من موقف؛ لكنه يحجب ذلك التناقض في بلاغة لغوية وشطحات أسلوبية”.
وأضاف الباحث والروائي في منشور له على حسابه في فيسبوك “وكمثال على ذلك موقفه من الارتباط بين الدين والسياسة؛ فهو يرى أن هذا الارتباط كان دائما موجودا في التاريخ؛ ولكنه عندما يريد إعطاء رأي عن الحاضر يتنكر لذلك الموقف دون مواربة؛ لأن الحكم على الماضي خال من المسؤولية؛ أما الحكم على الحاضر فيضعه أمام مسؤوليته الحزبية وانتمائه اليساري العلماني؛ وهذه واحدة من تناقضات مثقف الحداثة”.
في هذا النص، حسب الكنبوري “يرى أن الربط بين الدين والسياسة لا يحصل إلا في الهامش؛ ويعطي مثالا بالخوارج والقرامطة والحنابلة!!! ويرى أن كل ربط بين الدين والسياسة هو تطرف؛ هكذا بجرة قلم. فالذين يربطون بين الدين والسياسة هم خلفاء الخوارج والقرامطة والحنابلة!! وهو لا يتردد في مقارنة ذلك بالأصولية الأمريكية”.
وتابع “ورغم أن الجابري اشتهر بنقده للتراث بما يعني إلمامه به؛ إلا أنه يقع في مغالطات تكشف عدم فهمه لهذا التراث. فإذا كان الربط بين الدين والسياسة يحصل فقط في الهامش؛ فكيف كان يسير المركز؟ هل كان النظام السياسي في تاريخ الإسلام علمانيا؟ والغريب أنه يرد الارتباط بين الدين والسياسة في العالم العربي إلى الوضع الاقتصادي؛ هكذا بكل بساطة تغلب عليه نزعته الماركسية التي تفسر كل شيء بالاقتصاد”.
كان الجابري، يضيف الكنبوري في ذات المنشور “يردد عشرات المرات جملته الغريبة المبهمة التي تقول “نريد أن نجعل التراث معاصرا لنفسه ومعاصرا لنا في الوقت نفسه“؛ وهي واحدة من شطحاته غفر الله لنا وله؛ ولكنه كان يسقط رأيه على التراث ويعتصره لكي يصبح معاصرا؛ فهي عملية عصر لكي يطابق العصر”.
وفي الأخير أكد الكنبوري أن الجابري لم يكن “في قراءته المتعسفة للتراث سوى كناس يكنس التراث ليفسح الطريق أمام ايديولوجيا اليسار؛ وعلى خلاف ما يدعي أتباعه ومقلدوه فهو لم يقدم خدمة للتراث بل قدم خدمة لليسار بنقده. كان انتماؤه اليساري يفرض عليه أن يقف ضد الحركة الإسلامية؛ لأنه لم يكن حرا في مواقفه؛ كانت مشكلته مع الماضي الذي كان مختلفا معه؛ أما الحاضر فكان متصالحا معه”.