الكنبوري: العطاءات التي منحت للفنانين في بلد لا ينتج تدل على أن بلدنا غني
هوية بريس – عابد عبد المنعم
قال إدريس الكنبوري اطلعت على اللائحة المسربة للفنانين والمجموعات الغنائية التي استفادت من الدعم المالي لوزارة الثقافة أغاظت المغاربة، فوجدت مبالغ مالية بالملايين وزعت على مغنين عدد كبير منهم لا علاقة له بالفن إطلاقا، وإنما هو الصراخ وأشياء أخرى. الغناء يتقنه كل شخص، الراعي والمسافر الوحيد والذي ينتظر موعدا في زاوية الشارع والمجنون. لكن الفن؟
وأضاف الكاتب والروائي المغربي “هذه المبالغ لا تعطى للمثقفين والمفكرين. إذا كانت وزارة الثقافة هي صاحبة هذا الدعم فنحن نتساءل ماذا قدمت الوزارة للثقافة المغربية؟ ماذا قدمت للتاريخ الوطني؟ أي جسر بنته لربط الناس بماضيها؟ أي نموذج خلقته في عقول الناس يصلح للبناء عليه؟ إذا كنا ندور حول محور القضية الوطنية مثلا منذ السبعينات، فماذا قدمت وزارة الثقافة ليكون لدينا على الأقل عشرة ملايين مواطن من أصل أربعين واعين بالقضية الوطنية؟”.
وذكر الكنبوري في تدوينة له بعنوان “ديوان العطاء” أنه “عندما أمسك الاتحاد الاشتراكي بوزارة الثقافة في حكومة التناوب الأولى كان ما فعله هو إنشاء بدعة إسمها الأعمال الكاملة، الأعمال الكاملة لكتاب أغلبهم من الحزب لم يقدموا شيئا سوى خربشات يسمونها شعرا، لكنهم حصلوا على الأموال والطباعة المجانية. ووضعت الوزارة مشروعا للنشر للشباب نشرت فيه الغث والسمين دون جدوى وبدون رؤية، كل ذلك بالمزاجية وبدون خطة وبهدر للمال العام”.
وأضاف “الدولة تقطر الدعم للكتاب، لكنها تعطي بسخاء للمغني. والحال أن المغني والممثل يستفيدان من الدعم والعرض والإشهار والسهرات وغيرها، بينما المثقف ينتف شعره لكي يأتي من الخلف من يطن في أذنه عبارة النموذج المغربي. أي نموذج يا أخي والمغرب نموذج الأمة الفاشلة التي أخطأت موعدها مع التاريخ؟
لذلك أنا أنظر إلى النموذج التركي بعين الإعجاب. تركيا أحيت ماضيها وبعثت الوجوه القديمة التي صار يعرفها كل عربي وليس المواطن التركي فحسب، أي أن التاريخ التركي هدم علينا الباب ودخل بيتا ليس فيه ولي الأمر. ماذا يملك المواطن الذي بلا تاريخ غير أن يحتضن تاريخا أتاه؟
من يتذكر كلمة الحسن الداودي قبل سنوات عندما قال إنه لا حاجة إلى المواد الأدبية في الجامعة؟ هل يملك الداودي مساحة في المغرب؟ إنه مثلي ومثلك، لكنهم أخذوا لسانه وسبروا به رد الفعل. من ثم تفهم أن لا دخان بلا حريق”.
وختم الكنبوري تعليقه على موضوع دعم الفنانين وما أثاره من ردود أفعال على مواقع التواصل الاجتماعي بقوله “قرأت عند البعض أنهم يقارنون هذا الدعم بما يتلقاه الأئمة والخطباء. هذا دليل على أن الناس تفهم الرسالة جيدا. لكن كيف يصح هذا وقبل أيام فقط كانت الكتاتيب القرآنية متهمة بالاغتصاب؟ كيف يمكن تقبل هذه المقارنة المجحفة بين حافظ القرآن وحافظ الدور؟
هذه العطاءات التي نراها هنا وهناك، في بلد لا ينتج، ثلثه عاطل وثلثه عاجز وثلثه مهمش، تدل على أن بلدنا بلد غني. هناك أموال وديوان عطاء، لكننا غير قادرين على تحويل تلك الأموال إلى وسيلة لجلب محبة الناس. نعم، العطاء يؤلف القلوب، لكن أصحاب القلوب”.
لامثال الدكتور إدريس ينبعي أن يخصص الدعم، للطبيب والممرض والأستاذ والشرطي الذين عانوا زمن ضعط كورونا،منهم من سخر صحته وعرض نفسه للخطر بالمستشفيات ومنهم من سخر عناده المعلوماتي من شبكة اتصال وحاسوب وهاتف لتصل المعلومة الى كل طالب وتلميذ بدون مقابل ومنهم من سكن الخيام على أبواب الطرق السريعة والوطنية لكيلا يعبث الوباء بالأصحاء وتأتي وزارة الزازا والضجيج وتوزع أموال الشعب على ميادين لم تساهم لا في التوعية ولا في التربية ولا في إعداد مواطن صالح مدافع عن مقومات وجوده، مرتبط بتاريخ بلده.
أمن الثقافة الا يشاهد المغربي قنوات الصرف العفن ويأجلا إلى قنوات أخرى ليجد ضالته ؟
لماذا تجدنا متعلقين بمسلسل أرطغرل المدبلج وننتظر وقت حلقاته ولو في أخر ساعات الليل؟
ألم تلد أرحام المغربيات من يكون في مستوى هؤلاء أم أن حراس الثقافة عندما لا يعرفون منها إلا السخافة؟
كلام كثير، موعدكم مع الاتجاه المعاكس للإجابة على هذه الأسئلة على الساعة الواحدة ليلا حسب توقيت غريتيتش.