الكنبوري عن الجابري: “خيانة علمية” أن تقول شيئا غير منسوب لأحد
هوية بريس – د.إدرييس الكنبوري
ظلت علاقة نقاد التراث بالقرآن علاقة جد معقدة؛ يتداخل فيها الجانب المعرفي بالجانب النفسي. في الجانب الأول هم يطرحون أسئلة على النص ويجيبون عنها بجملة انطباعات غالبا تكون بعيدة عن علوم القرآن؛ وفي الجانب النفسي نجد بعضهم أمثال محمد أركون يتردد في أن يقول بأن القرآن مجرد تراث فقط؛ مراعاة لمشاعر المسلمين؛ لكن تردده ينكشف للقارئ.
مثل هذا وقع فيه محمد عابد الجابري الذي وقع في عدة مغالطات يبدو غريبا أن رجلا مثله يقع فيها؛ بعضها لا يقع فيها مبتدئ؛ سنعود إليها. ومن شطحاته مثلا تلاعبه بالكلمات وتمييزه بين المطلق والنسبي؛ حتى يبدو حداثيا. فالمطلق عنده أنه كلام الله والنسبي أنه بلسان عربي مبين؛ ثم يدعي بأن مثل الأمور لم يتطرق إليها العلماء قديما لأنهم كانوا يفكرون في حدود عصرهم؛ كما لو أنه جاء بأمور غير مسبوقة؛ مع أن العلماء ما تركوا شيئا في القرآن لم يطرقوه؛ بل ناقشوا حتى التشكيك في القرآن بجرأة نادرة لم يقم بها حتى المسيحيون مع الإنجيل إلا قبل ثلاثة قرون؛ ولكن من قام بذلك من المسيحيين كانوا ملاحدة؛ بينما من قام به من المسلمين كانوا من أصحاب الإيمان؛ ولكنه بجملة واحدة يمسح كلام العلماء لأنها “خارج زماننا وخارج اهتماماتنا”!!!.
وكعادة الجابري في الشطح اللغوي عندما يقول دائما “نجعل التراث معاصرا لنفسه ومعاصرا لنا” يقول أيضا “نجعل القرآن معاصرا لنفسه ومعاصرا لنا”؛ وهي عبارات لا معنى لها سوى ملء الورق.
ومن مغالطات الجابري الكبيرة؛ وهي كثيرة؛ زعمه بأن هناك” في دائرة الإسلام من يجعل التواتر موضع شك”؛ وهذا زعم ما جاء به أحد؛ إذ إن من ينكر التواتر ينكر القرآن صراحة وليس من “دائرة الإسلام”؛ وجميع المسلمين يؤمنون بأن القرآن كلام الله “المتعبد بتلاوته المنقول إلينا بالتواتر”؛ ولكن الجابري الذي هو “متخصص في التراث” لا يذكر لنا من هم هؤلاء الذين انكروا التواتر وما هو المصدر التراثي الذي أخذ منه هذا الكلام؛ وهذه خيانة علمية؛ أن تقول شيئا غير منسوب لأحد.