الكنبوري يعلق على استغلال “مقاصد الشريعة” وتمييع “الإصلاح الديني”
هوية بريس – عبد الله المصمودي
علق الباحث والإعلامي إدريس الكنبوري على من يركب ويستغل “مقاصد الشريعة” لتبرير فهوم وقراءات لا علاقة لها بالشرع ونصوصه، حتى “صار من المتعارف عليه اقتران المقاصد بالمزاج”.
وكتب في تدوينة له على حسابه في “فيسبوك”: “عبارة “مقاصد” الشريعة أصبحت عند الكثيرين تفهم على غير حقيقتها، حتى صار من المتعارف عليه اقتران المقاصد بالمزاج، ويتحدث البعض عن المقاصد وكأنها سفر في البر، كل ووجهته التي يقصدها للتخييم.
ولكن بالرجوع إلى ما كتبه العلامة محمد الطاهر بن عاشور في كتابه عن مقاصد الشريعة الإسلامية يتبين أن المقاصد من أصعب مراتب الاجتهاد، فهي جهد زائد على الاجتهاد، بمعنى أن صاحب المقاصد يجب أن يجمع إلى العلم بالأدلة واجتهادات الفقهاء دقة الفهم والتعمق في فهم النصوص والواقع. يقول الشيخ بن عاشور: وليس كل مكلف بحاجة إلى معرفة مقاصد الشريعة، لأن معرفة مقاصد الشريعة نوع دقيق من أنواع العلم، فحق العامي أن يتلقى الشريعة بدون معرفة المقصد لأنه لا يحسن ضبطه ولا تنزيله، ثم يتوسع (بضم الياء) للناس في تعريفهم المقاصد بمقدار ازدياد حظهم من العلوم الشرعية لئلا يضعوا ما يلقنون (بضم الياء) من المقاصد في غير مواضعه فيعود بعكس المراد. وحق العالم فهم المقاصد، والعلماء -كما قلنا- في ذلك متفاوتون على قدر القرائح والفهوم.
فالرجل يتحدث عن علماء وعن علوم شرعية وعلم دقيق وتفاوت في الفهم، وليس عن أشخاص يخطئون في قراءة الآية بعد الآية”.
وكتب في تدوينة بعدها معلقا على تمييع “الإصلاح الديني” والركوب عليه من طرف من لا علم عندهم، ولا آليات لذلك، حيث قال: “قضية ما يسمى الإصلاح الديني تذكرني بمسرحية جميلة للراحل محمد مسكين (من يتذكره؟) عنوانها “عرس المهابيل”. الجميع يرقص والجميع يغني والجميع لا ينصت. ولكن المصيبة أن البعض أصبح يضع معادلة خطيرة مفادها: إما الإصلاح الديني المفترى عليه وإما الداعشية.
وليس عندي شك على الإطلاق في أن هذه المعادلة صنعت على مستوى عال من الدقة والمهارة في مراكز الأبحاث والدراسات الغربية التي لديها ظاهر وباطن، ظاهرها البحث وباطنها التخابر. لقد تم توظيف جماعة داعش الإرهابية بطريقة راقية بحيث تؤدي المطلوب منها بدقة. وهكذا صار الإسلام السوي الذي عاشه الناس قرونا مقرونا بالتطرف وصار الإصلاح الديني مقرونا بالتفسخ.
واليوم -وما أدراك ما اليوم!- أصبح الدفاع عن النص تطرفا واغتصاب النص إصلاحا. لا تكاد ترى حولك إلا من يهاجم الحديث أو يلوي أعناق الآيات أو يلعن الفقه من الماء إلى الماء أو يسخر من صحابي أو يطعن في رواية أو يتهم القرآن بالنقصان والله بالنسيان ويرد الدين بالبطلان.
ووسط هذه الجموع المباركة لا تكاد تجد واحدا يحفظ كتاب الله ويعلم بالناسخ والمنسوخ. ليس هذا هو الإصلاح الديني أيها السادة، هذا نخر في الأعمدة حتى يخر السقف.
أمة كثر فيها الجدل وقل فيها العمل. لنكن صرحاء: الاصلاح الديني حق، لكنه علم يؤخذ، خذوا العلم أولا، وعندما تأخذونه تأكدوا أنكم ستصبحون أكثر مسؤولية، ومن كان مسؤولا تعقل. سيروا سير ضعافكم”.
شكرا للاستاذ الكنبوري على دقة ملاحظاته وعمق تفكيره. (….لاتزال طائفة من امتي ظاهرة على الحق لايضرهم من خالفهم…..)