الكنبوري يكتب: جميل أن هناك يقظة ضد الفساد في البلاد .. ولكن!!
هوية بريس – متابعات
دخل المفكر والكاتب المغربي، الدكتور إدريس الكنبوري، على خط ملفات الفساد الثقيلة التي جرى فتحها مؤخرا، والتي أطاحت برؤوس كبيرة ووازنة في عالم السياسة والرياضة.
وأبدى الدكتور الكنبوري – في مستهل تدوينة له على صفحته بـ”فيسبوك” – استغرابه من الانتشار الكبير والتداول الواسع لأخبار الفساد قائلا ” من أكثر الأخبار انتشارا في المغرب أخبار السرقات والاختلاسات والتزوير والسطو وتحويل الأموال وتبييضها؛ حتى كأن البلد صار مزرعة؛ فلا تكاد تفتح جريدة أو موقعا إخباريا إلا وتأتيك رائحة الفساد؛ أما في مواقع التواصل الاجتماعي فحدث ولا حرج؛ هذا يبكي وهذه تشكو وهؤلاء يحتجون وهذا يصرخ وذاك يندد وهذه تستنكر وهذا يصور وهذه تسجل”.
واستطرد الكنبوري ” نفس الأخبار تتكرر كل يوم: توقيف 18 رئيس جماعة بتهم اختلاس المال العام؛ محاكمة وزير سابق بتهمة كذا؛ اعتقال موثقين بتهم كذا؛ متابعة برلماني في كذا؛ صفقات مشبوهة في مؤسسة كذا؛ تبديد أموال يلاحق وزيرا سابقا؛ مسؤول رياضي أمام الوكيل العام للملك… إلخ إلخ إلخ إلخ إلخ”.
ونَبَّهَ الباحث المغربي إلى أن هذا التداول المثير لأخبار الفساد قد تجعل ” المواطن يتساءل:
هل بقي فينا الصالحون؟
وكيف يثق المواطن في الدولة إذا كانت هذه الأخبار تتكرر كل يوم؟
وما هي الضمانات أن الذين لم يحاكموا اليوم نزهاء؟
ولماذا تكرر دائما عبارة وزير سابق؛ ألم يكن وزيرا في وقته كما هناك وزراء في اوقاتهم اليوم؟
ما الذي يحصل حتى تتم محاكمة وزير بعد أن تلحق به صفة الوزير السابق؟ أم أن المسؤولية حجاب؟ “.
وأضاف الكنبوري قائلا ” جميل أن هناك يقظة ضد الفساد في البلاد؛ ولكن ما فائدة المحاكمات والاعتقالات بتهم سرقة المال العام إذا لم تسترجع الدولة المال المسروق؟ هؤلاء الذين يتمتعون بالحظوة خارج السجن بسبب المال العام هم الذين ينتفعون به وهم في السجن؛ فكما يشترون المواقع في المجتمع يشترونها في السجون؛ ويتركون تلك الأموال لعائلاتهم ثم يستفيدون منها بعد المغادرة. فما الذي يستفيده المواطنون من أخبار الفساد؟”.
وأردف ذات المتحدث ” كان المخزن في الماضي عندما يحاكم مسؤولا بتهمة سرقة مال الدولة يقوم بتتريكه؛ أي مصادرة أمواله المكتسبة من الحرام كما نقول اليوم؛ لأنه كان يفهم أن تلك الأموال أخذت من بيت المال لذلك يجب أن تعود إلى مكانها؛ أما اليوم فقد تغيرت القاعدة حيث يبقى المال بيد المجرم؛ ولا يعاد إلى الخزينة؛ بل المجرم هو الذي يعود إليه ليسترجعه”.
كما أشار الكاتب المغربي إلى أن ” كثرة هذه الأخبار تؤكد بأن ما خفي أعظم؛ فهي تدل على أن الفساد أصبح هو القاعدة العامة إلا من رحم ربك وما أقلهم؛ ما أقلهم لأن الوازع الأخلاقي غائب والوازع القانوني انتقائي. وكم من حالات فساد يعرفها الناس عيانا لكن تعوزهم الأدلة الملموسة؛ رغم أن هذه الحالات دليل على نفسها من الواقع الذي يعرفه الناس؛ ولكن الأدلة الورقية غير موجودة لديهم بل هي لدى أصحاب الشأن الذين يعرفون كل واحد باسمه وماذا يلبس أثناء النوم”.
وختم الدكتور إدريس الكنبوري تدوينته قائلا ” نعم؛ انتشار الفساد له كلفة سياسية ومالية ولكن محاربة الفساد بشكل شمولي لديه كلفة سياسة أكبر؛ لذلك هناك تردد في خوض المغامرة؛ ونتمنى أن تكون السنة الجديدة سنة محاربة الفساد؛ فلعلنا لا نمطر بسبب شرارنا؛ لأن الفساد ظلم للعباد والظلم مؤذن بخراب العمران كما يقول ابن خلدون”.