“الكيان الصهيوني” يقترب من خَيْبَر سكة حديد للصهاينة في جزيرة العرب بدل سكة السلطان عبد الحميد
إبراهيم الطالب – هوية بريس
يبدو أن ملامح صفقة القرن تشق طريقها نحو الإرساء على أرض الواقع في صمت وعلى مهل، حيث رأينا في أواخر شهر أكتوبر المنصرف عدة أحداث تطبيعية مع الصهاينة في الخليج، كان أهمها زيارة نتنياهو رئيس وزراء الكيان لسلطنة عمان والاحتفال الكبير به من طرف السلطان قابوس.
واليوم بعد أقل من أسبوعين عن الزيارة المذكورة نشاهد وزير النقل “الإسرائيلي”، “يسرائيل كاتس”، في مسقط في عُمان، للترويج لمشروع سكة الحديد الذي يراد له أن يربط البحر الأبيض المتوسط بالخليج عبر “إسرائيل”.
فقد صرح “كاتس” الذي كان يتحدث خلال مؤتمر للنقل الدولي في عُمان بأن هذا العمل “أمر منطقي ويتجاوز الخلافات السياسية والإيديولوجية” موضحا أن المشروع الذي أُطلق عليه “سكة حديد السلام” يلقى دعمًا من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ثم أشار إلى أنه “مبني على فكرتين رئيسيتين إسرائيل، كجسر برّي والأردن كمركز مواصلات إقليمي”، معلنا أن المشروع يصب في صالح السعودية ودول الخليج المجاورة إضافة إلى الاقتصاد الفلسطيني”.
وقال إنه سيؤدي إلى “إقامة ممرّ تجاري إضافي في المنطقة يكون أقصر وأسرع وأقل كلفة وسيساهم في اقتصادات كل من الأردن والفلسطينيين الذين سيرتبطون بالمبادرة كذلك مستقبلا بالإضافة إلى إسرائيل والسعودية ودول الخليج، وحتى العراق”.
زيارات التطبيع هذه مع الكيان الصهيوني تأتي بعد الخراب الذي حل بالعراق والدمار الذي شمل كلا من سوريا واليمن وسقوط مصر مرة أخرى في يد العسكر المغالي في الولاء للكيان الصهيوني.
هذا بالإضافة إلى توتر دول الخليج والحرب الباردة بين أقطابها وزعمائها، فطبيعي والحالة هذه أن يجد الصهاينة الطريق مفتوحة للمزيد من علاقات التطبيع لتخرج إلى العلن مثل هذه المشاريع للتمهيد للشرق الأوسط الكبير الذي سترأسه دولة الصهاينة كما يقول منظروه.
“مشروع سكة حديد السلام” تطرحه حكومة دولة الصهاينة على عرب الجزيرة بعد أن خربت دول عرب العراق والشام ومصر، ولَم يبق لها سوى دول عرب الجزيرة، والمخيف أنها بدأت تترنح وكثرت التصريحات من بعض مسؤوليها ونخبها تلمح بإمكانيات فتح صفحة جديدة مع الكيان الإرهابي، بحيث أصبح جل مراقبين يتحدثون عن السقوط الوشيك للسعودية ودوّل الخليج في مستنقع التطبيع النتن، وحينها سيكون الصهاينة على مرمى حجر من خَيْبَر والمدينة، لا قدر الله ذلك.
العرب الذين كانوا مع لورنس الضابط الإنجليزي يحاربون دولة الخلافة ويدمرون السكة الحديدية التي أنشأها السلطان عبد الحميد لجمع المسلمين وتيسر الوحدة التجارية بينهم، لا نستبعد أن يقوم أحفادهم اليوم بالشراكة مع عدوهم في بناء سكة حديدية ستأتي بالدمار والشنار والبؤس والخراب والهلاك.
فيا لها من مفارقة: سكة حديدية صهيونية في نفس مكان سكة حديدية لصاحب الجامعة الإسلامية السلطان عبد الحميد عدو الصهاينة.
دعونا الآن من كراكيز الزمان، ومن سياسة الغلمان في هذا الأوان، ولنرى تحذير نبينا الكريم لأهل شبه الجزيرة ومن خلالهم يحذر المسلمين كافة.
هو تحذير وفِي نفس الوقت نبوءة، نسردها لنشاهد حالة المسلمين جميعهم.
فعن عمرو بن عوف الأنصاري، وكان شهد بدرًا: “أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين ليأتي بجزيتها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو صالح أهل البحرين، وأمَّر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمِعَت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافت صلاة الصبح مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما صلى بهم الفجر انصرف، فتعرضوا له، فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رآهم، وقال: أظنكم قد سمعتكم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء؟
قالوا: أجل يا رسول الله.
قال: فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم”. أخرجه البخاري ومسلم.
الغريب أن العرب لما كانوا في الفقر وشظف العيش قاتلوا اليهود في مجموعة من الحروب، ولما فتح الله عليهم أنهار النفط التي أجراها تحت أرجلهم يملأون بها ملايين البراميل يوميا، ويعبون المال عبا، نسوا ألبان الإبل وأبوالها، والخيام التي كانت تعبث بها الرياح، وتنافسوا في بناء حضارة الإسمنت، اجتهدوا في جمع المليارات وبناء الأبراج وناطحات السحاب، لنرى نبوءة أخرى للمصطفى صلى الله عليه وسلم تتحقق، وهي: “أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان”، هذا كان جوابه صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الساعة وأشراطها.
تنافس العرب في جمع المال وتحصيل الدنيا، لم يعرف حدا، ولَم يرع شرعا، حيث شاركوا بأموالهم في الشركات المتعددة الجنسية لتصبح مصالحهم متحدة ضد شعوب المسلمين، بل خلطوا أموال شعوبهم بأموال أعدائهم وأعداء دينهم، فكيف لهم أن يحرروا الأقصى مسرى رسولنا الكريم؟
بل كيف لهم ألا يطبعوا مع الصهاينة؟؟
بل كيف لهم إن استمر الانحدار أن يحافظوا على الحرمين وقبلة المسلمين؟
لقد توالت الأحداث وتسارعت لنرى أحفاد يهود بني قينقاع وبني قريظة وبني النضير ترجع عبر بوابة التطبيع الاقتصادي إلى الجزيرة العربية، وتقترب كل يوم من خَيْبَر، أي من مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ليقضي الله أمرا كان مفعولا، فربما هي سيرورة للأحداث لتتحقق نبوءات يؤمن بها اليهود والنصارى والمسلمون على السواء.
حكام ضعفاء الشخصية جبناء لا يصلحون أن يحكموا الشعوب المسلمة التي ما يسمى إسرائيل ستبقى عدوة لهم إلى قيام الساعة.
اتبرأ إلى الله من السلطان قابوس ومن جميع من طبّع مع العدو الصهيوني ومن كل من رضى بذلك.
سعيد بن عبدالله الدارودي ــــ باحث في اللهجات الظفارية والبربرية ـــ سلطنة عُمان / ظفار.