اللوبي اليهودي في أمريكا صنع مفهوم “خطر الإرهاب الإسلامي”

هوية بريس – ادريس الكنبوري
العملية التي نفذها الشاب الأمريكي إلياس رودريغيز وأسفرت عن مقتل إسرائيليين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن أمام المتحف اليهودي تدل على تنامي ما يسمى معاداة السامية، تلك التهمة التي اختطفها اليهود قبل أكثر من قرن وجعلوها سجلا تجاريا يجنون به الأرباح.
اختلطت الحسابات على الجميع وبُهت الذي كفر، ذلك أن الشاب اسمه رودريغيز وليس عيسى أو موسى، وهو شاب مسيحي لا مسلم، وليست لديه ملامح “شرق أوسطية”، تلك الملامح العنصرية التي صنعوها بعد تفجيرات أمريكا عام 2001 لكي يجعلوا للإرهاب لونا وجنسا وديانة، وإنما هو ذو ملامح أمريكية بيضاء، ولذلك تحيروا في الأمر، فنقلوا القضية من “جريمة إرهابية” إلى “جريمة قتل من الدرجة الأولى”، و”جريمة قتل مسؤولين أجانب”(أصبح اليهود أجانب في أمريكا!!!)، ووقف الموضوع هنا لأن رودريغيز ليس عربيا أو مسلما حتى يتم تذكير العالم بالاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب العالمي!! ولا أحد تحدث إلى أمريكا وطالبها بلجم مواطنيها المتطرفين، ولكن ما إن يكون المجرم عربيا أو مسلما حتى تبدأ المطالب بتعديل مناهج التعليم ونشر الاعتدال وتربية الأوباش.
إسرائيل اعتبرت الجريمة معاداة للسامية، ووصف جميع المسؤولين فيها تلك الحادثة بأنها تعبير عن انتشار ظاهرة اللاسامية أمريكا والعالم، وهذا تحول نوعي ولكنه صحي. لماذا؟
لأن إسرائيل واللوبي اليهودي في أمريكا عندما رأى أن الإسلام أصبح في الواجهة بعد نهاية الحرب الباردة وأن عودة الإسلام بقوة سوف يدعم الرواية الدينية عن فلسطين، صنعت مفهوم “خطر الإرهاب الإسلامي”.
أقول صنعت لأن هذه هي الحقيقة، فقد صُنع المفهوم كما تصنع السيارة أو التلفزيون، وأعاد العرب تركيب السيارة وفتحت محلات تجارية لتدويرها محليا، وانتشر الرواج التجاري وظهرت طبقة جديدة من الأغنياء العاملين في الاستيراد والتصدير.
ولكن منذ بداية العدوان بدأ هذا المفهوم يختفي تدريجيا، فقد شربت الأرض داعش بعد أن قضى منها زيد وطرا، وظهر مفهوم جديد هو “خطر معاداة السامية”. وقد أرادوا أمرا وأراد الله أمرا، فقد صنعوا مفهوم الخطر الإسلامي كذبا وتضليلا فسلط عليهم خطر اللاسامية الحقيقي، صنعوا المفهوم الأول بأفكارهم وصنعوا المفهوم الثاني بأعمالهم.
وحتى يتأكد الجميع من أن مفهوم الخطر الإسلامي صناعة إسرائيلية أضع عليهم تحديا، وهو أن مفهوم خطر معاداة السامية سوف يصبح هما قريب أكثر المفاهيم تداولا في العالم وسوف يغطي على مفهوم الخطر الإسلامي، فإذا صح هذا فالخطر الإسلامي صناعة إسرائيلية، وإذا لم يصح هذا فالخطر الإسلامي حقيقة. هذا هو التحدي. فالمفاهيم التي تخدمهم هي التي تنتشر لأنها صناعتهم، ويبقى التحدي قائما.



