المؤامرة على وحدة ودين المغاربة
هوية بريس – نبيل غزال
لطالما اتُهـِم الإسلاميون والمحافظون عموما بتبني نظرية المؤامرة، وتعليق فشلهم على الآخرين، علما أن من يتهمهم بذلك غارق إلى أذنيه في تبني النظرية ذاتها، لدرجة أن بلغ الحد بأحدهم أن ادعى بأن جماعة الإخوان المسلمين وراء سقوط الأندلس في يد الحكام الصليبيين، وأقسم على ذلك.
القرآن الكريم وإن لم يذكر المؤامرة بلفظها فقد أورد ما يؤكد وجودها وحقيقتها من مثل كيد إبليس بالبشرية {فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} وتآمر الكفار على نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين} {إنهم يكيدون كيدًا} {ومكروا مكراً كبّارًا} {وإن كان مكرهم لِتزول منه الجبال} إلى غير ذلك من الآيات..
أيضا فنظرية المؤامرة، التي أضيف مصطلحها إلى قاموس أكسفورد عام 1997م، تتبناها الدول في الشرق والغرب، فبوتين يتهم أمريكا وحلف الناتو بالمؤامرة، وأمريكا بدورها تتهم الصين وروسيا وإيران بذلك، وبعضهم يتآمر ويمكر ببعض؛ من أجل تحقيق مصالحه ونيل أطماعه الاقتصادية والثقافية وغير ذلك.
ولا يرفع شعار “إنكار وجود مؤامرة” إلا فصيل علماني يعيش داخل الدول الإسلامية، يخالف مرجعية الأمة، ويعمل ليلة نهار على استهداف مقومات هويتها، وتفتيت صلتها بتراثها، وربطها عقديا وفكريا وسلوكيا بمرجعية وافدة دخيلة.
هذا الفصيل أوصت مراكز غربية في عدد من دراساتها بدعم المنتمين إليه، ماديا ومعنويا، وحتى نقف على حقيقة المؤامرة ما علينا إلا أن نطالع التوصيات التي تصدر عن مؤسسات من مثل “راند”، التي تحظى تقاريرها بأهمية قصوى من لدن صناع القرار الأمريكي، ولها نفوذ كبير وتأثير على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الخارج، ولها ارتباط بوزارة الدفاع الأمريكية، حيث تشرف على ثلاث مراكز أبحاث تمولها وزارة الدفاع، والتوصيات والتقارير التي تصدر عن “راند” غالبا ما يتم اعتمادها في السياسة الخارجية الأمريكية.
فجل المطالب التي يرفعها من يسمى زورا بـ”التيار التنويري” هي تنزيل لما أوصت به المؤسسات المذكورة من مثل الطعن في أحكام شرعية قطعية، وإنكار السنة، واستهداف رموز الأمة وعلمائها، والدعوة إلى رفع التجريم عما هو محرم في الدين من مثل الزنا (العلاقات الرضائية) والخيانة الزوجية والشذوذ الجنسي والربا وغير ذلك..
أضف إلى هذا أن منصات رقمية من مثل “أصوات مغاربية” التي تستضيف عددا من الوجوه المذكورة، وتروج خطابهم، تعلن في موقعها دون تخفٍّ أنها “تابعة لشبكة الشرق الأوسط للإرسال MBN، التي تدير أيضا قناة “الحرة” و”راديو سوا”، وهي مؤسسة لا تبغي الربح، يمولها الكونغرس الأميركي من خلال هبة مقدمة من الوكالة الأميركية للإعلام الدولي USAGM”.
وفي هذا الصدد يمكن أن نفهم ما صرح به قبل أيام سالم المعطاوي، الشخص الذي كان مقربا من د.محمد الفايد، الذي خرج وكشف عن وجود مؤامرة تقف وراءها عصابة تستهدف المغرب في وحدته الدينية والعرقية.
وأعلن عن تحالف بين عصيد وأيلال والفايد، وأشخاص آخرين من الخليج واليمن والسينغال، وقنوات موجهة للمغاربة، الهدف منها زعزعة المعتقد وتشكيك المغاربة في ثوابت دينهم.
طبعا ليس من العقل أن نربط كل حدث يقع بوجود مؤامرة، لكن استهداف المغرب في دينه واستقراره ولحمته أمر لا يمكن إنكاره البتة، وإلا كيف نفسر كلام من يدعي بأن “الإسلام لم يأت للأمازيغ وأن الهدف من وراء الفتوحات كان هو الجنس والمال”..
وبم نبرّر تصرف من يرفع مطلب “التخلص من هوية الإسلام القاتلة والتمسك بالروافد اليهودية والنصرانية والإفريقية”؟!
ألا يخدم هذا الكلام أطماع أعداء الأمة والدين والوطن؟؟
ألا يندرج ضمن منظومة التفتيت والاحتراب العرقي؛ التي أشعلت نارها فرنسا بإصدار الظهير البربري؛ ولازالت إلى اليوم -وكل أعداء المغرب- ينفخون في رمادها علهم تنالون من وحدة المغرب؟
فهل بعد كل هذا لازال هناك من ينكر وجود مؤامرة على المغرب؟
ليست هناك مؤامرة . الأمر يتم جهارا نهارا ودون خجل بتمويل الجمعيات من طرف منظمات دولية لا تخجل من إعلان ذلك ومن طرف قنوات أنشئت لهذا الغرض )الحرة مثلا)
أما المؤامرة فتحاك في ليل وفي الكواليس
“إنا نحن نزلنا الذكر وانا له حافظون” نعم لصيانة عقيدتنا والدفاع عن حرمتها ،لكن المبالغة في الضجيج والصراخ وكأن كل مشاكل الناس هي ما تتعرض له عقيدتنا من مخاطر مسألة قليلة الحكمة وضياع للجهد والوقت ،لان كل الأمور اجتماعية كانت أو اقتصادية أو دينية مشروطة اولا وأخيرا باصلاح أمور الحياة والناس وكرامتهم فالعناصر المادية والبشرية الدنيوية هي الجسر الاسلم لبناء الآخرة وليس العكس