في إطار أنشطتها الإشعاعية، تعلن هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة لشمال المغرب في بلاغ صحفي توصلت “هوية بريس” بنسخة منه، للرأي العام الوطني والفعاليات المدنية، عن تنظيم المؤتمر الدولي السادس للإعجاز في القرآن والسنة بمدينة تطوان أيام: الجمعة والسبت 29-30 أبريل 2016 بتطوان.
فبعد تنظيم ثلاث مؤتمرات بشراكة مع كلية العلوم بتطوان في ميدان الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، ومؤتمرين بشراكة مع الكلية متعددة التخصصات بمرتيل في ميدان الإعجاز الإقتصادي في القرآن والسنة، تحط الهيئة رحالها في هذه السنة بكلية أصول الدين التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان لتنظم معها مؤتمرها السادس في موضوع الإعجاز التشريعي في القرآن والسنة تحت شعار:
“التشريع الاسلامي الملاذ الآمن للبشرية”
هيئة الإعجاز في القرآن والسنة لشمال المغرب وكلية أصول الدين تنظمان هذا المؤتمر بتنسيق مع:
الكلية متعددة التخصصات بمرتيل وكلية العلوم وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان وكلية العلوم والتقنيات بطنجة والمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة والكلية متعددة التخصصات بالعرائش، والمجالس العلمية المحلية بكل من تطوان والمضيق وطنجة والعرائش والشاون ووزان وجمعية العمل الاجتماعي والثقافي وجمعية الإحسان والتوعية بتطوان وجمعية الإمام عبد الله الهبطي للقرآن الكريم بشفشاون.
وستقام الجلسة الافتتاحية بكلية أصول الدين يوم الجمعة 29 أبريل2016 صباحا، على أن تتم باقي أشغال المؤتمر بقصر المؤتمرات جنة بالاص الكائن بطريق مرتيل بتطوان/ المملكة المغربية.
ويعد المؤتمر الدولي السادس للإعجاز في القرآن والسنة بمدينة تطوان الذي تنظمه هيئة الاعجاز في القرآن والسنة لشمال المغرب ، محطة وطنية بالغة الأهمية لاستشراف الرؤية المستقبلية لبناء إنساني مستقر على هامش الوضع الدولي المرتبك، تنفتح به الهيئة على المجتمع الوطني والدولي وتعكس فيها القضايا الانسانية وأسئلتها المفتوحة،
يشارك في مناقشة ملفات المؤتمر شخصيات وطنية ودولية من مختلف التخصصات العلمية من داخل المغرب وخارجه.
كلمة المؤتمر الدولي السادس للإعجاز في القرآن والسنة
الرؤية المستقبلية لبناء مستقر… على هامش الوضع الدولي المرتبك
الحمد لله رب العالمين القائل: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107)، والقائل: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأعراف: 96). وأصلي وأسلم على أشرف خلقه القائل: ” يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة” (حديث صحيح، أخرجه الحاكم في مستدركه).
وبعد:
يشوب النظام الاقتصادي العالمي غموض يهدد بانهيار دول بأكملها، فهو لا يكاد يخرج من أزمة حتى يدخل في أزمة أخرى معتمدا على اقتصاد عنكبوتي سريع الانتشار ولكنه سريع الانهيار أيضا، وهو نظام متطور جذاب لكنه نظام أزمات مستمرة ومتكررة، فكم من نقود تطبع بلا مقابل لها من أصول مادية وكم من حجم لديون الأجهزة المصرفية داخل الدول الغربية يفوق حجم الناتج القومي لتلك الدول بكثير، نعم إنه اقتصاد الفقاعة.. وقد زاد الأمرُ وضوحا في السنوات الأخيرة في سلسلة من الأزمات الاقتصادية العالمية المتقاربة عبر تاريخ عصر العولمة الحديث.
ومع غياب مؤشرات لتحسن واضح للأوضاع في ظل الظروف الحرجة التي أعقبت هذه الأزمات…
في ظل تدهور الأوضاع واستنزاف موارد الدول عربيًا ودوليًا..
صار حديث المفكرين الغربيين الآن عن عصر ما بعد العولمة، بل وعصر ما بعد الرأسمالية، وتبين لهم أن التاريخ لم ينته عند القيم الرأسمالية الليبرالية، كما لم يتحقق هذا الحلم الرأسمالي جغرافيا وأخفق منذ بدايته.
وقبل السقوط والانهيار الكامل.
بدأ الغرب ينقلب على ثوابته من القيم الرأسمالية الليبرالية التي كانت الحرية الاقتصادية المطلقة إحدى ثوابته، فبدأ يروج للوقوف في وجه الاحتكار، ويقوم بتأميم المؤسسات وقد كان ذلك من محرماته…
وبدأ يعترف أن بعض معاملاته المالية هي سبب الأزمة:
كالربا، وبيع الغرر والميسر والمتاجرة في الديون، والمضاربات الوهمية غير المشروعة..
وأخذ النظام الغربي من أدوات اقتصادية إسلامية فرضت نفسها في قواميس البنوك الغربية كحل بديل مثل: “المشاركة”، و”الصكوك”، و”التكافل” وإزالة الفائدة الربوية.. من حيث أن العلاج الغربي المقترح للأزمة الاقتصادية العالمية جزء مهم منه يتوافق مع أحكام الشريعة واحترام مبادئ حددها النظام الإسلامي المالي.. ليتبين لنا بذلك وجه عظيم للإعجاز الاقتصادي والتشريعي لكتاب الله العزيز وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام… الذي بدأ الغرب يتناغم معه عن قصد أو غير قصد في معالجاته للأزمة الاقتصادية العالمية.
لقد أبان يد من المفكرين الاقتصاديين وبعض القادة الغربيين ترشيحهم للاقتصاد الإسلامي -بما يملك من أدوات – في المشاركة لمعالجة الأزمات البيئية والاجتماعية والسياسية التي تعيشها البشرية حاليا والتي تهدد وجود الحياة فوق أرضنا.
..وفي هذا السياق، يجب أن يُقَدَّم التشريع الاسلامي كقانون عالمي، أولا: لأنه كان بالفعل قانونا عالميا… وثانيا: لأن غرضه أن يحقق مصالح الدنيا والآخرة ويعطل جميع المفاسد ويقللها… فنحن لا نشك أن العالم سيجد نفسه يوما يدور في حلقات مغلقة من المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وسيكتشف عاجلا أم آجلا أن شريعة الإسلام السمحة هي الحل الأمثل لمشاكله في الأرض…
وحتى إن لم يطبق عقلاء الغرب هذا النظام بحذافيره، فنحن ملزمون في وطننا أن نحذر من نتائج هذه الأزمة وأن نرجع لأصولنا في التشريع.
وفي هذا الإطار أقامت هيئتنا مؤتمريها السابقين لتدارس الأزمة الاقتصادية العالمية في الكلية متعددة التخصصات بتسليط الضوء على المشروع الإسلامي الاقتصادي، وتقيم هذا العام مؤتمرها السادس بشراكة مع كلية أصول الدين مخصص للإعجاز التشريعي وبيان حِكَمه، لأننا نرى أن هذا النوع من الإعجاز مفتقر إلى خمسة أمور مهمة:
وضع تعريف له ينهي الخلاف بشأنه، وهو عمل ينبغي أن تتولاه هيئة عليا لإتمامه.
المقارنة الجادة بين بعض جوانب التشريع في الإسلام وجوانب التشريع عند الأمم الأخرى، وهذا عمل اجتهد فيه بعض المحدثين، لكن هذا من الأعمال الموسوعية التي ينبغي أن تلتقي عليها جهود رجال تشريع عظماء من الشرعيين والقانونيين والحقوقيين وعلماء الفكر والاجتماع والثقافة.
عرض هذا الإعجاز التشريعي العظيم على جماهير المسلمين لتزداد إيمانا بجلال هذا الدين وعظم تشريعاته.
دعوة غير المسلمين إلى النظر في جلال هذه التشريعات وإعجازها، وصلاحيتها لحل كل المشكلات التي يعانون منها في مجتمعاتهم.
عقد مؤتمرات عالمية تُعنى بجمع علماء التشريع في العالم وعرض ما في كتابنا العظيم وسنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم من تشريعات هم بأمسّ الحاجة إليها لإنقاذ مجتمعاتهم من الهوة السحيقة التي سقطت فيها.
فالإعجاز التشريعي لم يوف حقه، والجهود في بيانه والعناية به ضحلة للغاية، بل هو الإعجاز اليتيم الذي لم يجد من يرعاه ويقوم به إلى الآن.
وذلك في أفق أن تُنشأ هيئة عالمية للإعجاز التشريعي تُعنى به وتقوم على شؤونه.. فالتخصص طريق الإبداع.. ولِكُلِّ مُجتمَعٍ مَدرَسَتُهُ الفِكريَّةُ التي ينهَلُ مِنها، ويُحَدِّدُ سُلوكَهُ بناءً على مَفاهيمِها، ومبادئها، ويتميّزُ المَنهجُ الإسلاميُّ باستقلاليَّتِه عن غيرِه. كما يتميَّزُ بِشُمولِيَّتهِ ونُظُمِهِ؛ فهو لا يترُكُ العَنانَ لإيجادِ واقعٍ عمليٍّ مَفروضٍ، ثمَّ يعمَدُ إلى تأصيلِ هذا الواقعِ، وضَبْطِهِ ضِمْنَ مَنْهَجِه؛ بلْ يرسُمُ إطاراً مَنهجيَّاً عامَّاً مُتناغِماً لِكُلِ واقعٍ ومُحتملاً.