المؤتمر الصهيوني العالمي الأول مكر تخطيط … وفتيل إشعال
هوية بريس – منير رشيد
في نفس القاعة والمكان والتاريخ وبعد ماية وخمس وعشرون عاما بحضور ١٤٠٠ شخصية صهيونية بميزانية تقدر ٥،٧ مليون يورو خصصتها الحكومة السويسرية مع اغلاق لحركة الملاحة امام سفن نهر الراين ويتزامن بإغلاق المجال الجوي امام حركة الطيران وتأمين المكان بآلاف من افراد الامن والحماية لمدة ثلاثة أيام صرح الرئيس (الاسرائيلي) إسحاق هرتزوغ ( إن الذكرى السنوية ١٢٥ للمؤتمر الصهيوني الاول في بازل هي معلم تاريخي وحدثا حاسما للشعب اليهودي والإنسانية ، ثم يقول بصفتي رئيس الدولة القومية للشعب اليهودي أشعر بسعادة غامرة وفخورة لرؤية هرتزل تنبض بالحياة أمام اعيننا ،ونرى اليوم أن دولة إسرائيل تساعد دول العالم في أي لحظة وتؤتي حلم هرتزل ورؤيته وحلم المندوبين الآخرين الذين جاءوا الى بازل من جميع انحاء العالم.
إن مؤتمر بازل الاول ٢٧\٨\١٨٩٧ بحضور مئتي وثمان شخصيات صهيونية لبلورة رؤية اقامة دولتهم وكيانهم الإستعماري هو شرارة البدء لمشروعهم الاستعماري الإحلالي وهو عود الثقاب وفتيل الإشتعال والإشعال لإحراق المسجد الأقصى المبارك إضافة انه معول الهدم للقرى والبلدات وتدمير المساكن بل هو أداة القتل وسفك الدماء للأبرياء والشيوخ والنساء والاطفال.
هذا المؤتمر اساس البلاء وأس الداء حيث تبنى إدعاء كاذب (عبارة أرض بلا شعب لشعب بلا ارض) والتي اطلقها رجل الدين المسيحي انتوني كوبر عام ١٩٤٣ وعمل على نشره وترويجه زعماء الحركة الصهيونية على رأسهم هرتزل نتج عنه كارثة الكوارث ونكبة النكبات عام ١٩٤٨ بترحيل الشعب الفلسطيني عن ارضه ودياره.
جاء هذا المؤتمر مؤسسا وداعما لنكسة عام ١٩٦٧ ومشرعنا للإستيطان والإستيلاء على الأرض فبعد عام من النكسة وفي إجتماعه السابع والعشرين صدر برنامج اورشليم والذي نص على الاهداف الصهيونية بوحدة الشعب اليهودي ومركزية أرض إسرائيل لجميع الشعب اليهودي في وطنه التاريخي عن طريق الهجرة من كل بقاع العالم والمحافظة على أصالة الشعب بتنمية التعليم اليهودي واللغة العبرية وبث القيم الروحية والثقافة اليهودية.
إن رؤية المؤتمر الصهيوني لا تقوم إلا على يهودية الدولة وطرد غير اليهود ضمن سياسات لا تغفلها الشعوب وحكوماتها فقراراته معلنة وأولها إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين بوسائل تشجيع الهجرة وتنظيم اليهود في العالم وإتخاذ السبل والتدابير للحصول على تأييد دول العالم للهدف الصهيوني بمعنى الحصول على الشرعية الدوليه، وكذلك تشكيل المنظمة الصهيونية بقيادة هرتزل إضافة الى تشكيل الجهاز التنفيذي في الوكالة اليهودية لتنفيذ القرارات ومهتها جمع الاموال اللازمة لتغطية نفقات متطلبات الكيان المزمع اقامته.
الشعب الفلسطيني لم يستسلم لواقع طارئ عليه فُرض عليه بالقوة بإنتداب بريطاني عمل على تسهيل هجرة اليهود وإنتقال الاراضي لهم لإقامة المستعمرات فثار في وجه الإنتداب وقاوم المنظمات اليهودية المسلحة وتشكلت فرق المجاهدين والمتطوعين مع إدراكهم ان موازين القوى مختلة ولا تميل لصالحهم فلم ييأسوا وقاتلوا بشجاعة وبسالة رغم التنكيل والأجرام الصهيوني وحرق المنازل والإبادة الجماعية تحت سمع وبصر حكومة الإنتداب وإثقال كاهل الشعب بالضرائب.
وبالرغم من إجراءات دولة الإحتلال ضد أهلنا الصامدين في الداخل المحتل لإذابة هويتهم وطمس ثقافتهم وكسر إرادتهم فهم لا ينظرون للكيان إلا انه محتل غاصب.
لقد شكلت الانتفاضات الشعبية تعبيرا جمعيا لرفض وجود المحتل ومقاومته لإخراجه من وطنهم فالأبطال الذين يسطرون كل يوم ملحمة بطولية يدركون صحة الهدف والوسيلة فمقاومة المحتل بكل الوسائل هي الطريق الصحيح بل الأصح في مجابهة المحتل ومقارعة الغاصب ، وما آلاف الابطال من الاسرى إلا دليل واضح جلي لرفضهم المحتل سطروا نموذجا للبطولة والرجولة والتضحية والفداء ومقارعة العدو من داخل زنازينه.
إن مكر تخطيط هذا العدو بدء مبكرا ففي مؤتمره الاول عام 1897 وضع رؤيته بالإستيلاء على الأرض وطرد سكانها وإقامة وطنهم القومي اليهودي المزعوم ولا ينظر الى اتفاقات السلام معه إلا ضمن مشروعه ورؤيته وما يخدم أهدافه فالسلام معه عبث والتطببع معه مضيعة للاوطان ولا يرى فيه إلا إحتلال ناعم بدون كلف بل يستفيد منه ولا يعطي إلا الفتات وقد أدركت المقاومة أهدافه ومراميمه وأساليبه الملتوية ولا وسيلة لإخراجه وعودة اصحاب الارض والحق والمقدس إلا بالمقاومة ولا مساومة معه.
قد يشعر المحتل براحة ورغد العيش إلا انه لا يشعر بالإطمئنان فالمحتل والمستعمر دائما في حالة قلق ويدرك أن الإحتلال والإستعمار مهما طال له نهايه فهذه سنن الحياة وشواهد التاريخ.