المؤتمر الوطني السابع للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية.. قراءةٌ في السياق ودلالات الشِّعار
هوية بريس – ذ. عبد الله كوعلي
تنظم الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية مؤتمرها الوطني السابع أواخر الأسبوع الجاري، حيث سيحتضن مركز تكوين الأطر الهلال الأحمر-المهدية- قرب مدينة القنيطرة أيام 27 و28 و29 يوليوز 2024 أشغال الدورة السابعة للمؤتمر الوطني للجمعية.
وقد جاء هذا المؤتمر الوطني العادي للجمعية في سياق زمني مختلف، كما سيأتي بيانه في هذه المقالة المقتضبة.
ورفعت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية شعارا لهذه الدورة كالآتي: “التربية الإسلامية علمٌ يهدي، وقيمٌ تبني”. وسنبين إن شاء الله بإيجاز تمظهرات السياق الاستثنائي الذي ينعقد فيه المؤتمر الوطني السابع، والدلالات الرمزية والرسائل الكامنة في الشعار الذي رفعه المؤتمرون.
أولا: سياق المؤتمر الوطني السابع
قبل الغوص في بعض الجوانب المتعلقة بسياق المؤتمر، يحسن التذكير بما يلي:
1-إن الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية جمعية مهنية، لها تجربة طويلة في التدبير تتجاوز ثلاثة عقود من الزمن.
2-إن الهدف الأكبر والمرمى الهام الذي تعمل في إطاره الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، هو تمكين مادة التربية الإسلامية داخل الهيكل التعليمي المغربي، وكذا دعم كل ما يتعلق بترسيخ القيم الإسلامية والوطنية في وجدان الجيل الناشئ.
إن لسياق المؤتمر الوطني السابع للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية عدة أبعاد، يمكن أن نحصرها في أربعة:
البعد الأول: السياق القدري
وهذا البعد متعلق بالقدر الأعلى الذي كتبه الله عز وجل منذ الأزل، ولا نملك حياله إلى تمام الرضا به، وفي هذا الباب نذكر حدثين كبيرين مرت بهما بلادنا، وهما جائحة كورونا، ثم الزلزال الذي ضرب وسط المملكة، وذكرت هذين الحدثين لأنهما حصلا أثناء فترة المكتب الوطني الحالي الذي انتخب أثناء المؤتمر الوطني السادس المنعقد أواخر سنة 2018 بمدينة آسفي، ويمكن للمؤتمر أن يسائل المكتب الحالي عن منهجيته في التعامل مع مثل هذه النكبات.
وكلا الحدثين لن يغيب ذكرهما عن أشغال المؤتمر الوطني السابع، وقد ساهمت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية بما ما تيسر لها من إمكانات للتخفيف من حدة هاتين الأزمتين، ماديا، وتربويا، وإعلاميا…
البعد الثاني: السياق الهوياتي والقيمي
لا يختلف اثنان أن بلدنا في الآونة الأخيرة يشهد نقاشا هوياتيا حادا، وفورانا قيميا لا ينتهي، حيث تعمل تيارات فكرية مناوئة للقيم الأصيلة للمغاربة على تغيير الثوابت الدينية والوطنية للأمة المغربية، بدءا بالسعي إلى تفكيك الأسرة والتشكيك في القطعيات الدينية، ثم زعزعة الثوابت التي أجمع عليها المغاربة.
وهذا الأمر من بين اهتمامات الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، فهي تساهم في هذا الحراك بالشكل الذي تراه صحيحا وبناءً، داعمة بكل ما أتيح لها من سبل قيم المغاربة النابعة من دينهم وضميرهم الجمعي، وفي هذا السياق نذكر أن الجمعية قدمت ورقة متكاملة للجنة الملكية لتعديل مدونة الأسرة، كما نظمت العديد من الندوات واللقاءات ذات الصلة بالهوية المغربية.
البعد الثالث: السياق التعليمي التربوي
إن الشأن التربوي هو المجال المركزي الذي تشتغل من خلاله الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، فكل حركة وسكنة تقع في هذا الميدان إلا والجمعية لها فيه رأي وموقف، إما بالدعم والمساندة إن كان خيرا، وإما بالنقد والمراجعة إن كان مجانبا للصواب.
نذكر في إطار السياق التربوي لهذا المؤتمر الوطني السابع قضايا منها: تعميم تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، التصديق على النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، تنزيل المدرسة الرائدة بشكل جزئي …
وتشدد الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية دوما على أهمية التدبير التشاركي للقضايا التعليمية والتربوية، وذلك بإشراك الأطراف المعنية، منها الجمعية نفسها، خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع منهاج التربية الإسلامية، تعديلا أو تنزيلا.
البعد الرابع: السياق الدولي
لا يخفى على أحد في العالم ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الأعزل من إبادة وتقتيل بشكل لم تر البشرية نظيرا له في التاريخ، من طرف العصابة المجرمة ورمز الشر المطلق الكيان الصهيون الإرهابي، ويقع هذا وأبشع منه أمام مرأى ومسمع من العالم كله، وأمام أنظار المسلمين، حكاما أو محكومين، ولكن الخذلان هو سيد الموقف. ونسأل الله تعالى أن يعجل بالفرج من عنده، وأن يغيث إخواننا في الأرض المباركة، ويقطع دابر ذلك الكيان الغاصب، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ثانيا: دلالات شعار المؤتمر الوطني السابع
اتخذت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية عبارة: “ التربية الإسلامية علم يهدي وقيم تبني” شعارا للمؤتمر الوطني السابع، الذي تحتضنه مدينة المهدية ضاحية القنيطرة، أواخر الشهر الحالي. ومن خلال هذا الشعار نخلص إلى الاستنتاجات والخلاصات الآتية:
1-التركيز على تسمية “التربية الإسلامية”، وفيه رسالة واضحة إلى كل الجهات والأطراف التي لها ارتباط بصناعة القرار التربوي بالمغرب، بأن التسمية التي لن تقبل الجمعية غيرها هي التربية الإسلامية، علما أنه كانت هناك محاولة فاشلة لتبديل اسمها إلى (التربية الدينية) وهو ما أثار احتجاج الفئات الغيورة على هذه المادة وقيمها.
2-مصطلح التربية الإسلامية له معنيان، معنى خاص ومعنى عام.
-أما المعنى الخاص فيقصد بها (وفق منهاج التربية الإسلامية) مادة دراسية تروم تلبية حاجات المتعلم(ة) الدينية التي يطلبها منه الشارع، حسب سيروراته النمائية والمعرفية والوجدانية والأخلاقية وسياقه الاجتماعي والثقافي.
-وأما المعنى العام: فيقصد بها تربية الناس وتوعيتها بأحكام دينهم ودنياهم لما فيه الخير لهم في حياتهم وبعد مماتهم، ويقوم بهذه المهمة إلى جانب أساتذة التربية الإسلامية أطر الشأن الديني من العلماء والخطباء وغيرهم، في المساجد والمدارس والأسر والإعلام…
والجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، وإن كان اهتمامها مركزا بكيفية أكبر على المعنى الخاص للتربية الإسلامية، فهى لا تُهمل المعنى العام كذلك، لذلك تنظم العديد من الندوات واللقاءات… وتنسق مع المجالس العلمية وجمعيات المجتمع المدني لتبليغ رسالة الإسلام إلى كل الناس.
1- عبارة “علم يهدي” مأخوذ روحها من القرآن الكريم، قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) [البقرة/120] والمقصود بالعلم هنا هو علم الدين، الذي ميز الله به للناس بين الهدى والضلال. ومادة التربية الإسلامية مادة تعنى بتعليم أحكام الدين، والتربية على قيم الإسلام لهداية الأبناء إلى الطريق المستقيم، وإبعادهم عن مسالك الهوى والظلمات.
2-عبارة “قيم تبني” تبرز لنا أن الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية منخرطة في كل نقاش يهم القيم الدينية والوطنية للمغاربة، وتساهم في هذا النقاش بكيفية بناءة ومفيدة وإيجابية.