الماء والمسؤولية المشتركة

02 أغسطس 2024 10:00

هوية بريس – ابراهيم أقنسوس

تعتبر أزمة الماء من الإشكالات البنيوية، التي تتطلب معالجة عاجلة وشاملة، تفترض بالضرورة انخراط الجميع، كل من جهته، وبحسب درجة مسؤوليته ؛ ويقتضي التدبير العقلاني والمواطن لأزمة الماء الإشتغال على ثلاث واجهات رئيسة:

الواجهة الأولى: وتعني المستوى الرسمي والمؤسسي، حيث يتعين من جهة، العمل على تحيين كل المشاريع والتدابير التي تمت برمجتها سابقا، وفق جدولة زمنية، لم يتم احترامها، أو لم يتم إنجازها بالشكل المطلوب، ما يؤكد الحاجة إلى متابعة أشكال الخلل التي رافقت هذه الأشغال، تعلق الأمر بعدم الإنجاز، أو بسوء الإنجاز، (مشروع الربط بين الأحواض المائية، السدود التي تمت برمجتها..)، كما يتعين من جهة أخرى، تحمل المسؤولية الكاملة، في تنزيل كل المشاريع التي من شأنها ضمان تزويد المواطنات والمواطنين بالماء الصالح للشرب، وذلك باحترام الآجال المحددة لذلك، مع الدقة اللازمة في الإنجاز، بلا أدنى تردد أو تفريط، فالأمر يتعلق بالأمن المائي للوطن، وبضرورة حياتية لا يمكن الإستغناء عنها، فلا معنى للإخلال بالمسؤوليات المرتبطة بمسألة الماء، ولا معنى لتحويل أزمة الماء إلى موضوع للنقاش السياسوي ؛ فالحاجة ماسة إلى تدابير آنية حول الماء، وليس إلى كلام في أزمة الماء.

الواجهة الثانية: وتعني الذوات والجهات التي تتحمل أكثر من غيرها مسؤولية تبذير الماء، من خلال استنزافها للفرشات المائية، في مشاريع واستثمارات ضخمة، مختلفة ومتنوعة، عقارية وفلاحية وصناعية، خاصة في أغلبها، تذر عليها الكثير من المال، ولا تبدو مهتمة لما يتهدد مواردنا المائية من خطر ؛ فلم يعد مقبولا اليوم، بل ولم يكن مقبولا قبل اليوم أيضا، التعامل مع الماء بمنطق الأنانية والبحث عن الربح السريع، فقد تأكد الآن أن الماء لا ثمن له، كما لم يعد مقبولا تبذير مادة الماء الصالح للشرب، في سقي الحدائق والمساحات الخضراء، وملئ المسابح والصهاريج والنافورات، باستعمال أنابيب واسعة تضخ كميات هائلة من الماء، ولأوقات طويلة ؛ وعلينا أن نكون صرحاء في تحديد أوجه التبذير الحقيقية للماء، وترتيب المسؤوليات على ذلك.

الواجهة الثالثة: وتهم عموم المواطنين والمواطنات، حيث يجب الترويج لثقافة حسن استعمال الماء، واستهلاكه دون تبذيره، عبر برامج توعوية، ووصلات إشهارية، ونقاشات علمية، تستهدف انخراط كافة المواطنات والمواطنين في المحافظة على هذه المادة الحيوية، وعدم تعريضها للضياع. إن مواجهة أزمة الماء تقتضي بالضرورة انخراط هذه الجهات الثلاثة جميعها، وبحسب درجتها ومستويات مسؤولياتها، (المسؤولون المباشرون عن الشأن السياسي في شقه التشريعي والتنفيذي الذي يهم الماء ؛ الذوات والجهات المعنية أكثر من غيرها بمسألة تبذير الماء، عامة المواطنين والمواطنات ) في مواجهة هذه الآفة، بما يضمن التزود العادي، والإستعمال العقلاني لهذه النعمة التي تعني الحياة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M