المال السائب لا يصنع استثمارا
هوية بريس – ابراهيم أقنسوس
يقتضي الحديث عن الاستثمار، وإقامة مشاريع استثمارية ناجحة، توفير المناخ الملائم، وتهيئ الشروط الضرورية واللازمة، لتحقيق ذلك، ويأتي على رأس تلك الشروط، امتلاك حد معقول من الشفافية، في تدبير مجريات هذه المشاريع، بدءا باقتراحها، ثم تمويلها، مرورا بمراقبة كل العمليات المتعلقة بها، مع تسجيل كل أوجه التقصير والإخلال، المرتبطة بإنجازها، تمهيدا للمحاسبة القانونية.
فالحديث عن المشاريع الاستثمارية، يعني ببساطة، الحديث عن المال العام، وعن الميزانيات؛ كيفية تحصيلها؛ وأوجه صرفها، والتصرف فيها؛ فلا معنى للحديث عن إقامة المشاريع، وفتح الأوراش، أو ما يسمى كذلك، مع عدم القدرة على مراقبة أوجه صرف الميزانيات، الخاصة بها، ومع غض الطرف، لسبب من الأسباب، عن طرق تدبير الصناديق، وأساليب الاستفادة من التحويلات المالية؛ فالواضح البين، أن بلادنا لازالت تعاني كثيرا، على مستوى، مراقبة ومتابعة، أوجه التصرف في المقدرات المالية، وفي مختلف الصناديق، بجل مسمياتها، وكذا على مستوى إنجاز التقارير الوافية والكافية، لمجمل ما يتم صرفه من أموال، مقابل ما يتم إنجازه من خدمات ومشاريع حقيقية، ينتظر بداهة، أن يستفيد منها عامة المواطنات والمواطنين، وقلما يتحقق ذلك.
ولنا أن نفكر في العديد من الصناديق، التي تم السطو على مدخراتها، والعديد من الميزانيات التي تم اختفاؤها، دون التمكن من استرجاعها، ومتابعة ناهبيها، رغم كل الضجيج الذي يرتفع بين الحين والآخر، ثم سرعان ما يتراجع ويخبو.
لنا أن نفكر في، ( الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، صناديق التقاعد، الميزانيات التي خصصت للبرنامج الاستعجالي لإصلاح قطاع التعليم، أموال القرض العقاري والسياحي (السياش)، وغيرها).
ولنا أن نتأمل، بعد كل هذا، في المقولة الشهيرة، لرئيس حكومة سابق، (عفا الله عما سلف)، وما تعنيه من إقرار واضح، بضياع أموال كثيرة، وإقرار آخر، بعدم القدرة، على متابعة الفاعلين، أو استرجاع تلك الأموال، أو جزء منها، على الأقل، والعودة في كل مرة، إلى جيوب المواطنين والمواطنات، للبحث فيها عن الحل؛ فما الذي يضمن عدم الإستمرار في اجتراح نفس هذه الأفعال ؟؟، وبنفس المنطق والأساليب ؟؟ وما الذي يؤكد العكس اليوم ؟؟
إن إعلان المتابعة القانونية، في حق بعض الجهات والشخصيات، بين الحين والآخر، دون التمكن، من استرداد ماضاع من أموال البلاد والعباد، ودون ضمان عدم العودة، إلى اقتراف هذه الخروقات المؤسفة والمشينة، لا يمكن أن يكون حلا جديا ومعقولا، ولا أسلوبا ناجعا لإنضاج مناخ مشجع، لإقامة مشاريع واستثمارات اجتماعية، ناجحة وناجعة ومشرفة.