“المحسوبية بذلة سوداء”..؟
هوية بريس – يونس فنيش
في الجزيرة العجيبة الغريبة الأعجوبة المعزولة، أحداث مروعة كادت أن تهز عرش مهنة المحاماة فما كان لحكيم القبيلة سوى أن تدخل باستعجال، بموضوعيته المعهودة، لشرح ما يجري و يدور حول ما أضحى يصطلح عليه “المحسوبية بذلة سوداء” من لدن غاضبين و غاضبات رسبوا في مباراة نظمت لفرز أساتذة دفاع المستقبل، في الرواية الأدبية الإبداعية الخيالية المحضة :
” أولا، المحاماة مهنة نبيلة ولكنها ليست مهنة نخبة غنية أو ذات نفوذ، و يجب أن تظل كذلك لأنها مهنة شعبية عكس مهنة التوثيق مثلا التي لا أحد يشكك في تكافىء الفرص لولوجها رغم أنها مهنة ليست في متناول الطبقة الشعبية، إلى آخره… و أما المحسوبية فهي ظاهرة عامة تتعلق بعقلية جماعية و ليست حكرا على مهنة المحاماة أو غيرها، ولكن يمكن الحد من تعاظمها شيئا ما بإجراءات إدارية ناجعة و بإرادة قوية و ثمة قضية أخرى…
ثانيا، التنديد و الرفض المتصاعد في ما يخص نتائج امتحان أهلية المحاماة مؤخرا، في الرواية الأدبية الإبداعية الخيالية المحضة، يحيلنا إلى مشكل عويص و عميق جدا يتعلق باتساع هوة الثقة بين الإدارة و المواطنين الشباب البسطاء الذين أصبحوا يعتبرون أنفسهم ضحايا المحسوبية المتغولة التي تمنعهم من أدنى فرصة للعيش الكريم و معانقة المستقبل بكل أمل و اطمئنان.
فأن يصرح “وزير في العدلية”، بعفوية، بأن شاب -قيل أنه نجح في امتحان المحاماة- “حاصل على إجازتين في ما وراء البحار لأن أباه رجل ثري…”، فهذا يعني أن الدراسات العليا و المناصب من نصيب الأثرياء فقط و ليست من حق الطبقات البسيطة، و كذلك قد يعد ذلك محاولة لفرض أمر واقع جديد بكل صراحة متوحشة صعبة و بدون لف و لا دوران، في شرح مخيف لمفهوم “عدالة اجتماعية جديدة” تحطم نهائيا معنويات الشباب و تكسر طموحهم في النجاح في الحياة.
نعم، الصراحة مطلوبة لدى كل وزير، ولكن من كان وزيرا و لم يستطع تصحيح الأمور، فعليه على الأقل تجنب استفزاز الناس و قهرهم بكلمات متعالية قاسية توصد الأبواب في وجوههم، و تقهرهم، و تتشفى في ضعفهم المادي، و تشعرهم بالدونية، و لا ننسى أن كلام “وزير العدلية” ليس كلام أيها الناس نظرا للرمزية التي يحملها على عاتقه، رمزية العدل التي تعني الإنصاف في كل تجلياته. فكيف ل”وزير العدلية” أن يدلي بكذا تصريحات و هو مؤتمن على التحضر و القيم الإنسانية التي لا تحتمل احتقار الإنسان، ذلك لأن “وزير العدلية” في خدمة المواطنين جميعهم و ليس أبناء الأثرياء فقط.
لا داعي لفرض “أمر واقع جديد غريب” تحت شعار: “المحاماة لأبناء الأغنياء و المهن الدنيا لأبناء الفقراء”، لأن أساتذة المستقبل أبناء الأثرياء لن يجدوا مشكلة في كل الأحوال للحصول على ملفات سمينة للدفاع عنها مقابل عمولات سخية بحكم العلاقات المثمرة التي يتمتعون بها و نظرا لانتمائهم لأسر أو لعائلات نافذة حسب منطق “وزير العدلية”، فلما لا نترك لأبناء الفقراء أيضا فرصة مزاولة المحاماة بدون امتحان أهلية و لا مباراة بما أنهم لن يستطيعوا التضييق على أبناء الأغنياء داخل المهنة، لأنهم لن ينالوا سوى فتات ملفات بسيطة بالكاد ستمكنهم من كسب قوت يومهم بمشقة كبيرة، أم أن مجرد ارتداء البذلة السوداء شرف لا يستحقه سوى أبناء الأغنياء في إطار مفهوم “عدالة اجتماعية جديدة” ما أتى بها أحد من العالمين منذ أن تقدمت البشرية و صارت تهتم بالمساواة في الحقوق بين كافة الطبقات الإجتماعية ؟
أيها الناس، إن أبناء الفقراء لن يكلفوا الدولة مليما واحدا إن هم ولجوا مهنة المحاماة، كما أنهم لن يضيقوا على المحامين الأثرياء بل سينقذون فقط أسرهم و عائلاتهم من الفقر و سيقلصون رقم البطالة المهول لدى الشباب الموجزين، فلا بأس من إلغاء امتحان أهلية الولوج إلى مهنة المحاماة لأن الجامعات تكفي لتلقين دروس القانون للطلبة، و لنترك سوق الشغل الحر مفتوحا لمن يريد أن يشتغل و يحقق ذاته في الحرفة أو المهنة التي يختارها، فتنظيم مباراة لانتقاء أساتذة المستقبل ترف كبير ليس بعد في متناولنا نظرا لانسداد الآفاق، و اتساع دائرة البطالة، و عجز الدولة على التوظيف، و أيضا نظرا لمشاكل جمة مازالت تكبل العقلية الجماعية…
أيها الناس، إذا كان هذا زمنكم الذي أردتموه لنا ليبيراليا، فهيا اتركوا الناس تعمل و ليتنافس المتنافسون في العمل الجاد و لا خوف من الشباب لأن الأرزاق بيد الله.”
هنا تنتهي مداخلة شخصية حكيم القبيلة، دمتم في رعاية الله و إلى اللقاء في متابعة مقبلة لفقرة جديدة من فقرات الرواية الأدبية الإبداعية الخيالية المحضة في الجزيرة العجيبة الغريبة الأعجوبة المعزولة…