المؤثرون والمدونة.. أكاديمي يكتب عن: حالة فراغ مَهُول يعيشه المغرب!
هوية بريس – عبد الله التازي
تفاعل الدكتور إدريس الكنبوري، الأكاديمي والباحث والكاتب المغربي، مع إقدام حكومة عزيز أخنوش على الاستعانة بما أصبح يعرف بـ”المؤثرين” للترويج والدفاع عن تعديلات مدونة الأسرة في اليوتيوب، بل وجلبهم إلى الإعلام العمومي لمخاطبة عموم الشعب المغربي بما معهم من بضاعة مزجاة حول قضية لا يختلف اثنان حول أهميتها ودقتها، وكونها من القضايا الكبرى التي تهم حاضر هذا البلد ومستقبله.
وفي هذا السياق قال الدكتور الكنبوري، في تدوينة له على حسابه الرسمي على فيسبوك بأن ” تكليف المؤثرين بالمرافعة عن تعديلات مدونة الأسرة في اليوتيوب وجلبهم إلى الإعلام العمومي – الذي تنطبق عليه قاعدة “تخصيص العام” الأصولية – برهان على حالة الفراغ المهول الذي يعيشه المغرب، إذ أصبحت القضايا الكبرى للأمة توعز إلى الذراري”.
وأضاف الأكاديمي المغربي بأن المرء “يكاد يبكي لحالة هذا البلد عندما يذكر رجالات المغرب قبل ثلاثين عاما فحسب، علال الفاسي وامحند باحنيني وأحمد بن سودة وعبد الهادي بوطالب والمكي الناصري وعبد الله گنون وعبد الكريم غلاب ومحمد حجي ومحمد داود والمختار السوسي ومحمد بن الحسن الوزاني ومحمد علال سيناصر وأحمد بلافريج والمهدي بن عبود وأبي بكر القادري وأحمد بن الصديق وعبد العزيز بن الصديق ومحمد المنوني وعبد الهادي التازي وادريس الكتاني وعزيز الحبابي وغيرهم الكثير”.
كل هؤلاء العظام، يُردف الدكتور الكنبوري ” اجتمعوا في السبعينات والثمانينات فوق أرض واحدة كأنهم على موعد، وتعلم منهم المغاربة الوطنية والمصداقية والجرأة وحب المصلحة العليا مهما هبطت ببعضهم الأخلاق الفردية العادية التي لا يخلو منها البشر السوي لكنه هبوط الكبار الذين إذا هبطوا تعففوا عن أن تمس أقدامهم الأرض ثم رجعوا إلى التحليق”.
وأوضح ذات المتحدث أن هؤلاء الأعلام لم يكونوا ” كل المغاربة فغيرهم كان أكثر، لكن أتيحت لهم النوافذ التي أطلوا منها على الشأن العام فتركوا وراءهم روحا وطنية، قبل أن يعوضهم بعض من يقف به حلمه عند ترك الثروة والذهاب غير مودع.
ولفت الدكتور الكنبوري في ختام تدوينته إلى أن ” الذين عاشوا في زمن هؤلاء أو بعضهم لا بد يشعرون بغربتهم، ويرددون قول لبيد بن ربيعة الذي كانت تحبه عائشة أم المؤمنين:
ذَهَبَ الَّذينَ يُعاشُ في أَكنافِهِم // وَبَقيتُ في خَلفٍ كَجِلدِ الأَجرَبِ
يَتَأَكَّلونَ مَغالَةً وَخِيانَةً // وَيُعابُ قائِلُهُم وَإِن لَم يَشْغَبِ
وأخذ محمود درويش المعنى فقال:
ذهب الذين أحبهم، ذهبوا // فإما أن تكون… أو لا تكون “.
تجدر الإشارة إلى أن عددا كبيرا من العلماء والأكاديميين والباحثين أبدوا استنكارهم لكثير من المقترحات التي جرى الكشف عنها رسميا لتعديل مدونة الأسرة، مثل بيت الزوجية وحضانة الأطفال بعد الطلاق وتعدد الزوجات، مشددين على أن هذه التعديلات لم تنبع من نقاش فقهي أو مجتمعي حقيقي، وإنما هي ضغوط دولية فرضت على المغرب وعلى غيره من البلدان اﻹسلامية، وأن نتائج هذه التعديلات لن تخدم اﻷسرة ولا المجتمع ولا المرأة نفسها، بل سيزيد عزوف الشباب عن الزواج، ويتصاعد الشقاق والنزاع داخل اﻷسرة.