المرأة المغربية.. إلى أين؟

24 أغسطس 2025 11:25

المرأة المغربية.. إلى أين؟

هوية بريس – د.يوسف فاوزي

الناظر في تاريخ المغرب مذ نشأة الحضارة الإسلامية به؛ لن يغفل عن الجوانب المضيئة للمرأة المغربية فيه؛ فلقد كانت هذه المرأة رمزا للهوية الإسلامية العريقة؛ فهي الأم المربية؛ والعالمة الفقيهة؛ والمقاومة المجاهدة؛ والمتصدقة بمالها؛ والمشاركة في مختلف الشؤون العامة للدولة؛ ولقد دون لنا التاريخ المغربي أسماء نساء تركت بصمات مشرقة في تاريخ المغرب؛ أمثال: كنزة الأوربية أم ادريس الأول؛ وزينب النفزاوية زوجة السلطان المرابطي يوسف بن تاشفين؛ والأميرة خثانة بنت بكار العلوية؛ ومسعودة الوزكتية؛ وفاطمة الفهرية؛ وغيرهن كثير ممن سجلت كتب التاريخ مآثرهن.

ولذلك ظل المجتمع المغربي في قرونه الأولى متماسكا من حيث تركيبته الاجتماعية لما كانت المرأة تقوم بدورها الطلائعي فيه؛ سواء داخل الأسرة أو خارجها، ويتذكر المغاربة جيدا كيف كانت مركزية الجدة والأم داخل الأسرة والعائلة؛ فكانت أغلب الأمهات المغربيات ربات بيوت يقرن فيها؛ وكن ينجبن ما معدله من 5 إلى 11 من الذكور والفتيات؛ ورغم أن أغلبهن لم يكن في مستوى تعليمي جيد؛ بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية التي عرفها المغرب في القرن التاسع عشر؛ غير أنهن تمكن وبنجاح في تأدية دورهن التربوي؛ فكن خير مدرسة تخرج منها خيرة الرجال من العلماء والمجاهدين والمصلحين والصالحين؛ ولم تكن الأسرة المغربية في عهدهن تعرف هذا الانهيار الخطير الذي نعيشه اليوم على مستوى القيم والأخلاق.

ومع دخول المستعمر الفرنسي للمغرب، ولما تنبه للمكانة الكبيرة للمرأة ومدى تأثيرها في النسيج الاجتماعي المغربي؛ وضع مخططات شيطانية استهدفت قيم وأخلاق المرأة تمهيدا لانسلاخها من هويتها الأصيلة؛ فشجعت السلطات الفرنسية على تمرد المرأة المغربية على الأخلاق والقيم بدعوى التحرر ومواكبة العصر؛ وخير دليل على هذا ما كانت تقوم بنشره جريدة “السعادة” لسان حال السلطات الاستعمارية الفرنسية بالمغرب؛ التي تركزت مادتها حول أخلاق المرأة المغربية، فشجعت على نزع الحجاب وإباحة التبرج وحق تقرير الرغبات الشخصية دون تدخل الأب أو أحد المحارم؛ وهكذا بدأ الفساد يتسرب لهذه المرأة العفيفة؛ ثم توالت المخططات شيئا فشيئا إلى أن صدم المغاربة بامرأة يرثى لحالها.

فالمرأة المغربية اليوم تقف أمام منعرج تاريخي خطير؛ تسبب فيه سياسات حزبية مقيتة مدفوعة من قبل منظمات أوروبية تستكمل أداء دور السياسة الاستعمارية السابقة، هذه المرأة اليوم تعاني من معضلات اجتماعية خطيرة؛ منها:

ارتفاع نسبة العنوسة.

ارتفاع نسبة الطلاق.

ارتفاع نسبة الدعارة.

ارتفاع نسبة الإدمان.

ارتفاع نسبة الأمهات العازبات.

رفض العادات والقيم الفطرية.

كل هذه المعضلات هي كفيلة بطرح السؤال التالي:

المرأة المغربية إلى أين؟؟!!!

فوضع المرأة وسط هذه النكبات لا يؤهلها أبدا للقيام بدورها المطلوب داخل المجتمع؛ فكيف يمكن لها القيام بالإنجاب والتربية وهي مهضومة الحقوق الفطرية؟؟!، فحقوق المرأة هي صيانتها من الرذيلة؛ وتوفير كل سبل الفضيلة لحمايتها وتكريمها.

إن تمادي جمعيات ومؤسسات اليسار في تنزيل برامجها المستوردة من الخارج الهادفة إلى تدمير المرأة المغربية يجب أن يقابل بالحزم؛ فضياع المرأة ضياع للمجتمع؛ والعكس صحيح؛ فاذا تكلمنا فقط عن ظاهرة ارتفاع نسبة العنوسة، فهذه الظاهرة لوحدها تشكل تهديدا خطيرا للتركيبة الاجتماعية للبنية السكانية بالمغرب؛ وهو دليل على فشل هذه البرامج التي روجت لها أحزاب سياسية ادعت بادئ الأمر أنها برامج تنموية لصالح المرأة؛ غير أن الواقع اليوم كشف أن النتيجة هي العكس تماما؛ فالمرأة بسبب هذه البرامج لم تعرف سوى الفشل في مختلف المجالات؛ لأن هذه البرامج حرمت المرأة من حق تكوين أسرة تجد فيها ذاتها؛ فالأسرة هي جنة المرأة وهي راحتها النفسية؛ وهو المجال التي تبدع فيه؛ ولا يمكن منافستها فيه.

وبدل مواجهة هذه المعضلات ومعالجتها حفظا للمرأة والمجتمع، يتمادى التيار اللاديني في جريمته النكراء تجاه المرأة المغربية، عن طريف اقتراح أفكار مسمومة لتعديل مدونة الأسرة وكذا تعديل القانون الجنائي، وهي مقترحات تتغيى اعتبار المرأة مجرد رقم، لا قيمة له في الحياة الاجتماعية.

إن الواجب اليوم على كل المصلحين الانتباه لوضع المرأة المغربية؛ والتصدي بحزم لمواطن الخلل الواقعة في حالها ومكانتها؛ ورد الاعتبار لها عبر وضع برامج فكرية تربوية هادفة؛ وفضح المخططات الأجنبية الرامية إلى تدميرها.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
8°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة