المسؤولية الذاتية والتربية وآثارها: نقطة محورية مهمة!
هوية بريس – تسنيم راجح
مهم جداً عند الحديث عن خطأ تربوي قد يقع الوالدان فيه وأثره المحتمل على من يربون (كما فعلت في آخر عدة منشورات) أن نعلم نحن أيضاً كمتأثرين بالتربية قبل أن نكون مربين ونوجه تركيزنا وتركيز السامع إلى المسؤولية الذاتية عند كلٍّ منا..
فكما أن الوالدان مسؤولان عن القيام بأفضل ما يستطيعونه في تربية الابن ليرضوا الله تعالى ويؤدوا الأمانة، فهذا الابن بمجرد بلوغه يصير مسؤولاً عن خياراته الخاصة وأقواله وأفعاله وتصوراته، وعليه أن يعمل على تزكية نفسه بغضّ النظر عما مر به من تجارب مما ينبغي أن يفهمه كجزءٍ من ابتلاءات الله وأقداره التي لا يملك اختيارها ولا تغييرها ولكن يعمل معها على أنها امتحاناتٌ يجيبها بحسب ما يرضي ربه..
فخطأ الوالدين لا يبرر أن تستمر كابن أو ابنك -وقد تجاوزتم البلوغ ومن ثم أو تزوجتم وبدأتم أسرتكم او أقبلتم على ذلك- على مجرد التأثر بالخطأ ورد الفعل له ثم ادعاء أن هذا بسببهم ونتيجة تربيتهم! بل أنت تملك خياراتك وستحاسب وحدك على فعلك ولا تملك أبداً أن تقول لربك يوم يسألك أن أخطاءك هي بسبب أي شخص آخر..
بل اذكر أنك آتٍ ربك يوم القيامة فرداً تُسأل عن نفسك، واعلم أن أثر التربية ليس ثابتاً ولا هو معادلةٌ تجبرك على سلوك طريقٍ معين، ودليل ذلك أنك تجد ابنين تربيا في ذات البيئة فكان منهما العالم ومنهما الضال أو الملحد.. وما ذاك إلا لأن أحدهما اختار أن يزكي نفسه ويفهم تحربته ويتعلم منها، والآخر “اختار” أن يبقى ضحيتها ويجعلها شماعة أخطائه وكسله عن التغيير وطلب العلم والعمل!
فاستعن بالله وقم واعمل واجتهد بغض النظر عن مكانك، دعك من أخطاء والديك التي إن تابا أصلاً تغتفر لهما وتبقى أنت في اختبارك، ارحم ضعفهما وادعُ لهما واجتهد لتبرهما اليوم كجزءٍ مما عليك، لا تقضِ الوقت بالحديث عن صعوبات حياتك وما مررت به وتلوم القدر وترسم نفسك كضحيّةٍ مغلوبٍ على أمره، بل استفد من تلك التجارب في نفسك وتربيتك وبناء حكمتك، واعلم أن وجود تربية كاملةٍ أمرٌ نادرٌ جداً لا نملك إلا الاجتهاد نحو جزءٍ منه وقد صرنا مربين أنفسنا..