المس بالذات الإلهية.. المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف أمام اختبار صعب

16 أغسطس 2025 21:43

المس بالذات الإلهية.. المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف أمام اختبار صعب

هوية بريس – متابعات

أثار الجدل المتواصل حول تدوينات الناشطة المثيرة للجدل ابتسام لشكر، التي تضمنت عبارات تمسّ بالذات الإلهية وتستفز مشاعر المسلمين، عاصفة من الغضب الشعبي، وأعاد إلى الواجهة النقاش العميق حول الفرق بين حرية التعبير والانحراف العقدي، وحول مسؤولية الدولة ومؤسساتها في حماية المقدسات الدينية باعتبارها جزء لا يتجزأ من الأمن الروحي للمغاربة.

المجلس العلمي الأعلى، باعتباره المرجعية الدينية العليا، يجد نفسه أمام مسؤولية تاريخية ودينية لتوضيح الأحكام الشرعية المتعلقة بسبّ الله جل وعلا أو إعلان الإلحاد جهارا، وهي ممارسات تتجاوز التعبير الفكري لتدخل في دائرة الاعتداء على ثوابت الأمة.

وقد شدد علماء ومثقفون وباحثون في الشريعة على أن هذا المجلس لا يمكن أن يظل صامتا أمام انحرافات تمسّ الدين مباشرة، بل يتوجب عليه ممارسة مهامه التأطيرية والتوعوية والتحذير من خطورة هذه الظاهرة التي قد تؤدي إلى اهتزاز المرجعية الدينية الجماعية.

في السياق نفسه، برزت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دائرة التساؤل، إذ إن من مهامها الدستورية السهر على حماية الدين وتحصين المغاربة من موجات العبث العقدي والانحلال القيمي.

ويرى متابعون أن الوزارة مطالبة بتعزيز برامجها في المساجد ووسائل الإعلام الرسمية، وتطوير خطابها الديني ليخاطب الشباب مباشرة بلغة واضحة تحصنهم من الشعارات المستوردة.

القضية لم تبق دينية فقط، بل تحولت إلى سجال سياسي وحقوقي، حيث دخلت النيابة العامة على الخط بفتح تحقيق حول مضمون التدوينات، في حين اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والجبهة المغربية لمناهضة التطرف والإرهاب أن المتابعة تهديد لحرية التعبير، كما ساندت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان صاحبة التدوينات باعتبارها ضحية “تضييق على الحريات الفردية”. هذه المواقف أثارت استنكارا واسعا لدى طيف كبير من المغاربة الذين يرون في الدفاع عن سب الرب استفزازا لمشاعرهم الدينية، بل وخروجا عن الحد الأدنى من القيم المشتركة، ومسا خطيرا وغير مسبوق بإمارة المومنين.

النقاش احتدم أكثر مع السجال العلني بين مصطفى الرميد، وزير حقوق الإنسان السابق، وعبد الرحيم الجامعي، حيث دافع الأول عن ضرورة تدخل القضاء لحماية المقدسات، بينما رأى الثاني أن الأمر يدخل في إطار حرية الفكر.

هذا التباين يعكس الانقسام القائم بين تيار يدافع عن الهوية الدينية ويعتبرها خطا أحمر، وتيار آخر يسعى لتوسيع مساحة الحريات الفردية ولو على حساب المقدس والثوابت العقدية والمس بالذات الإلهية.

علماء المغرب، الذين طالما لعبوا دورا أساسيا في مواجهة موجات الإلحاد أو الانحراف العقدي في فترات سابقة، يجدون أنفسهم اليوم أمام اختبار جديد. فبينما كان صوتهم حاضرا بقوة في الماضي في التصدي لمظاهر الانحراف، يُسجل مراقبون نوعًا من الفتور أو التراجع في تدخلاتهم العلنية، ما يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول مدى جاهزية المؤسسة العلمية لمواجهة هذه التحديات بالصرامة المطلوبة.

إن القضية لم تعد مجرد تدوينة معزولة على وسائل التواصل الاجتماعي، بل باتت مؤشرًا على صراع أعمق بين مرجعية دينية جماعية يرعاها أمير المؤمنين، وبين تيارات حداثية ولادينية تسعى إلى إعادة صياغة علاقة المغاربة بدينهم.

وهو ما يفرض وفق عدد من المتابعين تدخلا متكاملا يجمع بين المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والنيابة العامة ووسائل الإعلام، مع إشراك المجتمع المدني في تحصين الهوية الدينية، باعتبار أن حماية المقدسات ليست تقييدا لحرية التعبير بل حماية للأمن الروحي الذي يقوم عليه تماسك الدولة والمجتمع.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
10°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة