المطالبة بتعديل الفصل 47 من الدستور المغربي تسخين انتخابي أم مكر سياسي
هوية بريس-حوار: أحمد السالمي
|
1 – ما هي الأهمية التي يكتسيها الفصل 47 من الدستور المغربي (2011)؟
بداية، أشكر جريدتكم الموقرة على إتاحة الفرصة لي، لإبداء رأيي كباحث أولا، وثانيا كفاعل سياسي، وأما بخصوص هذا الفصل، فإنه أثار ولازال يثير نقاشا قانونيا ودستوريا بين فقهاء القانون، وكذا لدى المهتمين والفاعلين السياسين.
مما لاشك فيه، أن هذا الفصل يكتسي أهمية بالغة، إذ بموجبه “يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي يتصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها” (الفقرة الأولى)؛ وتجدر الإشارة إلى أن مضمون هذه الفقرة، هو نتاج واستجابة لمطالب الفاعلين السياسيين الذين نادوا بضرورة دسترة هذا المطلب منذ حكومة التناوب؛ فهو بحق مكسب دستوري جوهري؛ كما أن هذا المسعى كان من أساسيات المذكرات التي تقدمت بها أغلب الأحزاب السياسية للجنة التي كلفت بصياغة دستور 2011.
وينص كذلك على أن الملك “يعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها” (الفقرة الثانية)؛ كما أن له “بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم” (الفقرة الثالثة)؛ وبموجب هذا الفصل فإن “لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة” (الفقرة الرابعة)؛ وله كذلك أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية” (الفقرة الخامسة)؛ وفي حالة استقالة رئيس الحكومة، فإنه يترتب عنها إعفاء للحكومة بكاملها (الفقرة السادسة)؛ ويختتم بأن الحكومة المنتهية مهامها تواصل تصريف الأمور الجارية إلى غاية تشكيل الحكومة الجديدة (الفقرة السابعة).
وبالجملة، فإن مقتضيات هذا الفصل، ولاسيما الفقرة الأولى منه، توضح بشكل جلي أن الحزب المحتل للمرتبة الأولى انتخابيا، هو من يحظي برئاسة وتشكيل الحكومة.
2- في حالة التعثر أو “البلوكاج”، هل نحن في حاجة إلى تعديل أو إلغاء هذا الفصل؟ ولماذا تطالب بعض الأحزاب بذلك؟
ارتباطا بالشق الثاني من سؤالكم، أنوه إلى أنه -وحسب المعلومات المتوفرة لدي- لم يطالب أو يتقدم أي حزب سياسي بشكل رسمي بتعديل أو إلغاء هذا الفصل؛ كل ما في الأمر هو بزوغ بعض الأصوات الحزبية التي تنادي بضرورة فتح نقاش حوله؛ بل أكثر من ذلك، فإن الإجماع لم يحصل بشأنه (فتح النقاش) داخل الهيئة السياسية الحزبية الواحدة.
ولعل أوضح مثال للتدليل على ذلك، ما نشب من اختلاف في الرأي بين تيارين داخل حزب الأصالة والمعاصرة، بعد تصريحات أمينه العام السيد حكيم بنشماس بخصوص التعديل الدستوري إبان كلمته الافتتاحية في ندوة النموذج التنموي؛ ولم يقتصر الأمر على المخالفة في الرأي، بل المطالبة من قبل التيار المخالف له (الأمين العام) بفرض رقابة على تصريحاته بهذا الخصوص.
وأما فيما يتعلق بالشق الثاني من سؤالكم حول تداعيات التعديل أو الإلغاء؛ فإنني أتساءل أولا، هل نحن في حاجة ماسة قانونيا ودستوريا لذلك؟
لا مشاحة في أن مثل هذا النقاش (المطالبة بالتعديل أو الإلغاء) قد أذكاه التعثر الذي عرفته عملية تشكيل حكومة عبد الإله بنكيران الثانية بعد انتخابات السابع من أكتوبر 2016؛ والتي استهلكت غلافا زمنيا طويلا وغير مسبوق في تاريخ تشكيل الحكومات المغربية السابقة؛ إذ امتدت إلى ما يقارب نصف السنة. وهو الأمر الذي جعل المهتمين والمتخصصين يتساءلون عن مقدار المدة الزمنية المسموح بها لرئيس الحكومة المعين -لم يفصح عنها الفصل 47- والتي عليه الالتزام بها لتشكيل حكومته؟
ونتيجة لهذا النقاش، برزت عدة آراء: أولها، يعتبر أن احترام المنهجية الديموقراطية يستدعي تمكين الحزب المحتل للرتبة الأولى من رئاسة الحكومة؛ وثانيها، يدعو إلى تعيين شخص آخر من نفس الحزب؛ وثالثها، يؤكد على ضرورة التوجه شطر الحزب صاحب المرتبة الثانية؛ ورابعها، يدعو إلى تعيين أي مسؤول سياسي شريطة أن يكون متحزبا، وقادرا على تشكيل الحكومة؛ وخامسها، دعا إلى العودة لصناديق الاقتراع، أي تنظيم انتخابات تشريعية جديدة.
|