المعادن النادرة هي الورقة الرابحة للصين في حربها التجارية مع أميركا

هوية بريس – وكالات
تُعد المعادن النادرة من أهم المواد الخام على كوكب الأرض، وهي متأصلة بعمق في التقنيات التي تُشكّل أساس الحياة العصرية، وهذه المعادن التي تُعتبر سلعاً استراتيجية تُشكّل ورقة رابحة بيد الصين في حربها التجارية مع الولايات المتحدة الأميركية.
وتُستخدم المعادن النادرة، بأسماء غامضة مثل الغادولينيوم والديسبروسيوم، وتدخل في صناعة العديد من الأجهزة الحيوية والهامة في حياتنا، من أشباه الموصلات وهواتف آيفون إلى أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي وعلاج السرطان. وفي الآونة الأخيرة، ازداد الطلب عليها بفضل التكنولوجيا الخضراء التي تُساعد في خفض انبعاثات الكربون.
وقال تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” واطلعت عليه “العربية Business”، إن العالم يعتمد على الصين في الحصول على المعادن النادرة، وهو أمر استغلته الصين لمصلحتها في الرد على الحرب التجارية التي بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقد استغلت الصين هيمنتها على سلسلة التوريد للرد على التعريفات الجمركية الأميركية من خلال تقييد تصدير المعادن النادرة.
وكان رفع هذه القيود نقطة اشتعال في محادثات التجارة بين القوتين العظميين، حيث تم التوصل إلى اتفاق إطاري في يونيو الماضي لفتح تدفق شحنات المعادن الأرضية النادرة. ولكن قبل اجتماع متوقع بين ترامب والرئيس شي جين بينغ في أكتوبر الحالي، أعلنت الصين عن ضوابط أكثر صرامة تُلزم المُصنّعين الأجانب بالحصول على رخصة تصدير لبعض المنتجات إذا كانت تحتوي على كميات صغيرة من المعادن الأرضية النادرة الصينية المصدر.
ما هي المعادن الأرضية النادرة؟
والمعادن الأرضية النادرة هي مجموعة من 17 عنصراً معدنياً، جُمعت معاً بسبب تشابهها الكيميائي، حيث إن خصائصها البصرية والمغناطيسية والكهربائية تجعلها مناسبة لمجموعة واسعة من التطبيقات.
وعلى سبيل المثال، يوفر التيربيوم والإتريوم الألوان الزاهية على شاشات الهواتف الذكية والتلفزيون، بينما تُتيح قدرة السيريوم على تسهيل التفاعلات الكيميائية استخدامه بشكل شائع في المحولات الحفازة لتنظيف عوادم السيارات.
وتم تسخير النيوديميوم والبراسيوديميوم لإنشاء محركات مغناطيسية دائمة، حيث يمكن لهذه المحركات تحويل الكهرباء المخزنة في البطارية إلى حركة لتدوير عجلات السيارة الكهربائية، على سبيل المثال. كما يمكنها العمل في الاتجاه المعاكس لتحويل الحركة إلى كهرباء، مثل دوران شفرات توربينات الرياح.
ويقول العلماء إن العناصر الأرضية النادرة تعتبر شائعة جداً في قشرة الأرض، لكن التحدي يكمن في العثور عليها بتركيز عالٍ بما يكفي في مكان واحد ليكون التعدين فعالاً من حيث التكلفة.
وقد يكون الاستخراج ضاراً بالبيئة، حيث يتطلب الأمر كميات كبيرة من الماء والطاقة لفصل العناصر الأرضية النادرة عن الصخور التي توجد فيها. وهناك أيضاً خطر يتمثل في أن يؤدي استخراج هذه المعادن إلى تلويث التربة والمياه الجوفية المحلية، حيث غالباً ما توجد المعادن النادرة مع العناصر المشعة مثل اليورانيوم والثوريوم.
وكانت الولايات المتحدة أكبر مُنتج لهذه المعادن في العالم خلال الفترة من ستينيات إلى ثمانينيات القرن الماضي، لكنها تراجعت مع تكثيف الصين جهودها. ومكّنت العمليات منخفضة التكلفة هذه الدولة الواقعة في شرق آسيا من إغراق السوق بمعادن نادرة رخيصة، وفرض احتكار شبه كامل على سلسلة التوريد العالمية.
وتُعدّ الصين مسؤولة عن حوالي 70% من الكميات المُستخرجة من المناجم، حيث أنتجت 270 ألف طن متري من المعادن النادرة في عام 2024، مُضاعفةً إنتاجها على مدى خمس سنوات، وفقاً لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية. وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية بفارق كبير، حيث أنتجت 45 ألف طن فقط في نفس العام، حسب “العربية”.



