المعركة من أجل لغة الأمة معركة مصيرية وتحتاج لكل جنودها
هوية بريس – د. عبد العلي الودغيري
المعركة من أجل لغة الأمة معركة مصيرية وطويلة وشاقة، وهي اليوم أكثر صعوبة من أي وقت مضى، بعد أن تخلَّت عنها الأحزاب التي كنا نسميها وطنية فتبيّن أنها لم تعد تختلف عن غيرها في شيء وإنما أصبحت تُسيِّرُها الهواتفُ النَّقالة، فاقدةً لاستقلاليتها وحرية قرارها، وبعد أن وصلَ المدُّ الفرنكفوني إلى أقصاه وتغلغلَ في كل فئات المجتمع، ولم تبقَ إلا خطوة واحدة نحو الاعتراف الرسمي باللغة الفرنسية وجعلها لغةً وطنية دستورية، وهي الخطوة القادمة التي يُهيّئُها خصوم العربية على نار هادئة.
القضية الآن أصبحت قضية كل من يؤمن بها من أفراد المجتمع وأطيافه ومكوِّناته، وتياراته وحساسياته ومرجعياته الفكرية والدينية والسياسية. والمعركة بطبيعة تعقيداتها وصعوبة المرحلة التي تمرّ بها، محتاجة إلى أن يتجنَّد لها كل أبناء الوطن المؤمنين بحتميتها وأهميتها ليشاركوا في خوضها كلُّ بما يستطيع وبالطريقة التي يراها مُجدِية، وبالمبادرة التي يراها مناسبة. هي واجبٌ على الجميع وحقٌّ للجميع أيضًا. ولا يجوز لأحد منا أو من غيرنا أن يحتكرها لنفسه أو جماعته، أو يمارس الإقصاء ضد آخر أو الوصاية على شخص بعينه أو جهة بعينها. فللجميع حقُّ المشاركة، كلٌّ على قَدر إيمانه، وحسب جهده وعلى طريقته وأسلوبه، ويقدم لها قليلاً أو كثيرًا من دعمه وفكره ووقته واقتراحه. ثم إن الجهود الفردية وحدها لا تكفي مهما كانت صادقة ومخلِصة. لا بد من تظافر الجهود وتكتّلها ولو على مراحل. ولن يضرُّ القضية في شيء إن تعدّدت المنابر والمبادرات والجماعات والتنظيمات التي تصبُّ في هدف واحد. بل على العكس من ذلك، بإمكان كل مجموعة ترى أنها متوافِقة ومنسجِمة فيما بينها أن تتخذ المبادرة التي تراها مُؤدّية للغرض. أما إضاعةُ الوقت في الخلافات والنزاعات والتشكيك في النوايا والطعن في الأشخاص، عوض الانصراف إلى العمل المفيد، فلن تكون له سوى نتائج سلبية تُشيع روح اليأس والإحباط والهزيمة والانكماش.
أما من جهتي الشخصية، فأنا، كما قلت لأخ عزيز عليّ، مستعد للانضمام لكل مبادرة من المبادرات المفيدة إذا عُرضت عليّ. إذن، عوض أن ينصرف بعضُنا إلى نسف مبادرة الآخر، عليه أن يعمل على تكوين الخلية أو المجموعة التي يقتنع بالعمل معها.
ليس الوقت الآن وقت تصفية الحسابات، وتبادل التهم. الوقت وقت عمل نحو هدف مشترَك ونقطة واحدة هي محاربة فرنسة التعليم بالمغرب. ولكل مؤمن بهذه القضية، وكل من يريد أن يعمل لأجلها لن يَعدم وسيلة أو جماعة يشتغل معها. أما الجلوس على الشاطئ وتوجيه الانتقاد لمن يمارس السباحة. فهذا أسلوب سيضر القضية أكثر مما ينفعها.
ملاحظة: كلامي موجّه لمن يؤمن بقضية اللغة العربيةومناهضة فرنسة التعليم، أما غير هؤلاء، فالأمر لا يهمهم في شيء.