المقرئ أبوزيد للأناضول: “الربيع العربي أول مستفيد من إفشال الانقلاب بتركيا”
هوية بريس – الأناضول
اعتبر المفكر المغربي “أبو زيد المقرئ الادريسي” أن المستفيد الأول من إفشال الشعب التركي للانقلاب هو الربيع العربي، متوقعاً خروج الشباب العربي مجدداً للشوارع من أجل المطالبة بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
وشدد أبو زيد في حوار مع الأناضول على أهمية زيادة الوعي في صفوف الشباب لتفادي مخططات “القوى الإمبريالية” في إجهاض أحلامهم مستشهدا بالتحولات التي شهدتها بعض بلدان أمريكا اللاتينية في ظل الوعي والإرادة الشعبية التي أبداها مواطنوهم العازمين على النجاح.
ولفت إلى أن العوامل الخارجية باتت من العناصر الأساسية التي تسهم في تشكيل توجهات أبناء المنطقة وخارطة الأحداث والأوضاع التي يعايشونها.
وفيما يلي نص الحوار:
– كيف سيؤثر الانقلاب الفاشل بتركيا على المنطقة العربية مستقبلا؟
الانقلاب الفاشل بتركيا كان يراد له أن يكون منعطفا سلبيا يغلق قوس الربيع العربي، رغم أن تركيا ليس بلدا عربيا، إلا أنها مساندة للربيع العربي، إيمانا منها بالديمقراطية التي بدأت تظهر في بعض الدول العربية، ولما فشل الانقلاب شكل الأمر منعطفا إيجابيا، ساهم في فتح القوس الذي كاد إغلاقه يسدل الستار على حلم الشعوب العربية في إدارة نفسها.
وهذا الانقلاب ينطبق عليه قول الله تعالى “وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا”، ليس فقط لتركيا التي وجدت فرصتها لمنع أي احتمال لرجوع العسكر للسلطة، وتعيد هيكلة الدولة وتأهيل المؤسسات وتستدرك الثغرات وتحمي المكاسب المدنية والديمقراطية، لكي تدخل تركيا مصاف الدول المحصنة من الانقلابات، ويصبح الجيش كما هو في كل الدول المتقدمة ناجحا في حماية حدوده وحراسة وطنه، ولكنه بعيد عن الشأن السياسي.
النجاح الذي سيترسخ في تركيا، له ثمنه، فالدول الغربية المنافقة بدأت بالتظاهر بالقلق على وضعية حقوق الانسان وما يسمى بين قوسين (انتهاكات)، في حين أن ما يحصل حاليا هو اقتلاع جذور الانقلاب حتى لا يعاود الكرة، وأول مستفيد من فشله هو الشباب العربي الذي مارس مع عموم المسلمين حركة رمزية في دعم الشعب التركي في تحركه.
– لماذا لا تزال الدول العربية تراوح مكانها، خصوصا بعدما تحول الربيع العربي إلى خريف؟
سبقتنا أمريكا اللاتينية بالوعي وتشكل الإرادة للخروج من الهيمنة الأمريكية، حيث كانت تتعامل واشنطن على مدى قرنين مع أمريكا الجنوبية باعتبارها حديقة خلفية، ونشأت مع الوعي موجات من الربيع الأمريكي اللاتيني، وتم إجهاضها بنفس القسوة والبشاعة التي عرفها العالم العربي أو أشد، وفي كل مرة كانت تخرج الموجة من جديد، يتم إفشالها، وترتد بنسبة أقل ثم تفشل وترتد بنسبة أقل، إلى أن أصبح لدينا اليوم النموذج البرازيلي والفنزويلي والكوبي والبوليفي.
فنحن نمر من حيث مر الأمريكيون اللاتينيون بفارق نصف قرن، وعلينا أن نخضع لسنة الله في الكون في المحاولة وإعادة المحاولة والكر والفر، ونتوقع أننا سنحتاج إلى 3 دورات أو موجات، حيث يتم إفشال ذلك من طرف القوى الإمبريالية، ثم نعود إلى المطالبة بالحرية والعدالة والكرامة.
– هل هذا يعني أن الشباب العربي سيخرج مجددا للشوارع للمطالبة بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية؟
هذا احتمال كبير، ليس خروج الشباب فقط، بل سيخرج الشباب والشيوخ والأميون والمتعلمون، فعالم المستقبليات (الدراسات المستقبلية) المغربي “المهدي المنجرة” سبق أن تنبأ بانتفاضات في زمن “الذلقراطية” (الذل والديمقراطية)، قبل الربيع العربي بعشر سنوات، وكتب عن ذلك في كتاباته ودراساته.
فرد فعل الامبريالية إزاء ما سيقع بالدول العربية، سيكون أكثر عنفا وتوحشا كما رأيناه في مصر، وكما يراد له أن يكون في ليبيا واليمن، ولما لا الصومال الذي لم يعرف ربيعا عربيا، بل كان عينة تجريبية بحسب تعبير المعارض الأمريكي “نعوم تشومسكي” في صناعة الفوضى الخلاقة والخروج من الاستقرار إلى “اللامستقبل واللاأمن واللااستقرار واللاأفق”.
– ماذا يجب على الشباب العربي أن يستوعب في ظل الأوضاع الحالية؟
وأي نصيحة اليوم للشباب العربي، هي نوع من الوصاية عليهم، فهم أعرف منا بتحولات الواقع، وأتقن منا بالتكنولوجية الجديدة، وشبكات التواصل الاجتماعي، وأفهم منا بخطاب العصر ومفرداته، وأكثر منا التصاقا بالواقع.
فقط يجب أن يحذروا من الأنانية وحب الزعامة والاقتتال الداخلي، الذي سبق أن فتت الأحزاب والحركات الإسلامية، وهنا أستحضر شباب اليمن الذين لا يزالون صامدين رغم المناورات، وأظن أنهم سيخرجون منه واقعهم بجراح، ولكن بوعي وتصميم أشد.
– ما هي أسباب تردي أوضاع الدول العربية حاليا، هل هي مرتبطة بعوامل داخلية أم خارجية؟
لو أردنا أن نجعل للسياسة عمقا، ونسمي هذا العمق فِقها، لقلنا إن فقه السياسة، هو معرفة مدى تفاعل العوامل الداخلية مع الخارجية، في صناعة حدث ما، أو تشكيل وضعية ما، ومن البديهي والمعلوم أن لا شيء في عالمنا اليوم تصنعه عوامل داخلية فقط، أو خارجية فقط.
أصبح العنصر الخارجي حاسما في تشكيل هويتنا وتوجهنا وخريطة الأحداث والأوضاع التي نعيشها، وكتابات منير شفيق “الاستراتيجي الفلسطيني” تشير إلى ذلك، وهو ما يبين وجود العالم الخارجي بشكل ضاغط، إلا أن هذا لا يعفينا من المسؤولية، أولا الرؤية القرآنية القائمة على أن ما أصابك من سيئة فمن نفسك، حيث نزلت هذا الآية في هزيمة “أحد”، حيث تعمد القرآن ألا يذكر العامل الخارجي، وهو الغزو القرشي، ولكن تكلم عن العامل الداخلي وهو معصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانيا؛ تفاعلنا السلبي بسبب تخلفنا مع المعطيات الخارجية، المتسمة بالتآمر والتحكم وحماية المصالح الخارجية، أو كما يسميها المفكر برهان غليون (مفكر سوري معارض) “حراسة التخلف”.
وأبو زيد المقرئ الادريسي داعية ومفكر مغربي، ونائب عن حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي، وسبق أن كان عضوا بنادي الفكر الاسلامي المغربي (غير حكومي)، ورابطة الأدب الاسلامي العالمية، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
من آفات العصر كثرة الذين تسبق ألسنتهم عقولهم.
صحيح لكنك وقعت في نفس الخطأ و أكثر من ذالك