“المليون درهم” وملخص حكيم القبيلة

“المليون درهم” و ملخص حكيم القبيلة
هوية بريس – يونس فنيش
كان الكاتب يريد ترك شخصية “حكيم القبيلة” في الكواليس أثناء عرض الروايه ليدخله في المشهد الأخير من سرد القصة، لأن الكاتب كان يرى أن “حكيم القبيلة” كان عليه أن يصمت قليلا.. قبل الشرح و الإفادة لكل غاية مفيدة… إلى أن تنتهي القصة، ولكن “حكيم القبيلة” فرض على كاتب الرواية، من حيث لا يدري، مداخلته التالية في هذا المقتطف العجيب :
“الملخص و الله أعلم كالتالي: صحفي يخرج فجأة و يتهم “مؤثرة” بتلقي مليون درهم من رئيس حكومة حالي مقابل مهاجمة رئيس حكومة سابق، فيغار “مؤثر ما” من مجرد احتمال حصول “المؤثرة تلك” على مليون درهم رغم نكرانها للواقعة، فيقول -ما معناه- أو يتهم بدوره: “لا يوجد مواطن واحد في الوطن لا يقبل مليون درهم مقابل أن يسكت عن الحق لأن الأمر يتعلق بمليون درهم، فهذا شيء طبيعي و لا مجال للكذب لأن المواطنين يعرفون بعضهم البعض…” !
كلام “المؤثر ذاك” كلام مهم جدا : نعم، إنه الحضيض. قعر البئر. نهاية كل شيء. موت الضمير لدرجة إسقاط الداء على جميع المواطنين بلا استثناء ظلما و عدوانا، فلقد نطق ذاك “المؤثر” من لاوعيه، و هو لاوعي يتمنى أن يعم الخراب في أفق إسقاط تجريم الرشوة من الترسانة القانونية ليرتاح، فلقد كانت مرافعة من أعماق اللاوعي تسللت عبر الكلمات في محاولة يائسة لإقناع الضمير الجمعي بأن لا حرج في الرشوة.
نعم، لقد ساءت الأحوال إلى هذه الدرجة، درجة لم يعد فيها من أمل لدى بؤساء و بئيسات سوى حلم الحصول على رشوة سمينة. و يا لطيف. اللهم ألطف بذلك “المؤثر” و افتح له أبواب الرزق الحلال الوفير الكثير.
و أما في ما يتعلق ب”المؤثرة و المليون درهم” فالملاحظ أن :
1- اتهام الصحفي مبني فقط على ما قالته له “المؤثرة”
تلك في مقهى من المقاهي أمام شخص آخر.
2- جواب “المؤثرة” تلك لم يكن مقنعا لأنها هددت متهمها الصحفي باللجوء إلى القضاء بطريقة لينة غير صارمة رغم خطورة و حجم الاتهام الموجه إليها من طرف ذلك الصحفي.
3- سكوت رئيس حكومة حالية يزيد من غموض المشهد.
4- اللجوء إلى “المؤثرين” عبر وكالات الإتصال المملوكة لشركات مجهولة الإسم تعطي صبغة قانونية للرشوة إن وجدت و الله أعلم.
5- حربائية فئة من مشاهير “المؤثرات و المؤثرين” و نجاحهم في الحصول على أموال، و الله أعلم، لمساندة سياسيين أثرياء، قبل الإنقلاب عليهم فور انقضاء أجل الإتفاق معهم، و الله أعلم، بمثابة شهادة ميلاد مهنة جديدة ألا و هي مهنة “مرتزقة مواقع التواصل الإجتماعي”، و بمثابة شهادة موت الأحزاب السياسية بمفهومها الكلاسيكي و دليل على انعدام الجدوى من وجودها.
6- إذا كانت صفة التأثير على الجماهير تقاس بعدد المشاهدات في مواقع التواصل الإجتماعي ف”الغوغائيات و الغوغائيين” و “التافهين و التافهات” أولى بهذه الصفة.
7- النضال من أجل محاربة الفساد من قبل المجتمع المدني فقد جزءا معتبرا من مصداقيته، و ترسيخ قيم الشفافية لا يمكن، و الحالة هاته، أن يأتي من الجمعيات المدنية بل فقط من الإدارة الصالحة المصلحة.”
هذا، و لم يشأ “حكيم القبيلة” في الجزيرة العجيبة الغريبة أن يتقدم باقتراح عاجل لمعالجة مشكلة “المليون درهم” إلى أن تتضح الرؤية في المشهد العام لهذه القصة الجديدة في الرواية الأدبية الإبداعية الخيالية المحضة. و تحية عالية إلى القراء الشرفاء الأعزاء.



