الممارسة الدينية في الحياة العامة بين الفيلسوف ”يورغن هابرماس” والعلماني ”أحمد عصيد”
هوية بريس – رضوان شكداني
إن الناظر في آخر ما وصلت إليه الفلسفة الغربية الحديثة من تجارب وتراكمات إيديولوجية وتاريخية يعلم يقينا أنها تسير إلى مرحلة ما بعد الحداثة وتجاوز العلمنة، وإن كان هذا لايزال في حيز التنظير لكن له جوانب تطبيقية متعددة، بينما لازال العلمانيون في العالم العربي يتغنون بالعلمنة ويقدسون الليبرالية المتجاوزة.
ومن أبرز وجوه دعاة العلمانية في بلدنا المدعو أحمد عصيد صاحب الخرجات المتهافتة والتطرف العلماني، وهو الذي لا يفتر عن ترديد شعاراته العلمانية في كل محفل يقتحمه، ومن أهم ما يصيح به قضية فصل الدين عن الحياة وعن الممارسات اليومية وتجنيب الدين لكل مظاهر الحياة العامة.
لذلك سأقارن هذا الطرح من وجهة نظر من بيئة حداثية وبالضبط القناعات والنتائج البحثية الحديثة التي وصل إليها الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني المعاصر ”يورغن هابرماس” (1929 دسلدورف).
ويجدر بالذكر أن ”يورغن هابرماس” مر في مراحل عمره بمراحل متنوعة ويميز “فيليب بورتييه” بين ثلاث مراحل ديناميّة في فكر هابرماس الدّيني:
المرحلة الأولى: من نتاجاته المبكرة إلى حدود الثمانينات، وتميزت بنقده لعالم الإيمان، حيث ينظر إلى الدين كاستيلاب، وهو الموقف الذي تأثر فيه بالفلسفة الماركسية.
المرحلة الثانية: من 1985 إلى حدود سنة 2000، حين يرى أن الدين ضرورة وجودية، كما أقر ذلك في «الفكر الما بعد ميتافيزيقي» (1988).
المرحلة الثالثة: فتبدأ مع الألفية الثالثة، حيث اعتبر الدين لم يعد شأنا خاصا ينحصر في الفضاء الخاص بالفرد، وإنما هو شأن عمومي.
ومن أبرز نتاج هذه المرحلة كتابه الأخير المثير للجدل: «بين النزعة الطبيعية والدين»، حيث خصص فصلا كاملا للدين في الفضاء العمومي.
وسنعرض لبعض خلاصات أفكاره نقلا من هذا الفصل لنبين نتائج ما وصل إليه من علاقة الدين بالحياة العامة.
فهو يعتبر أن: “التسامح مع التبريرات الدينية ضمن العملية القانونية يمثل حالة جديرة بالإعتبار”.
وأكد كذلك أن: “الدول الدستورية جيدة التأسيس فإن الكنائس والمجتمعات الدينية بشكل عام تؤدي وظائف ليست قليلة الأهمية لاستقرار وتقدم ثقافة سياسية ليبرالية”.
ثم بين تدخل الحقل الديني الكنسي في الحياة الأمريكية فقال: “استخدم بول ج. ويثمان الاكتشافات السوسيولوجية للتحليل المعياري لأخلاق المواطنة الديمقراطية. وهو يصف الكنائس والمجتمعات الدينية كفاعلين في المجتمع المدني الذي يلبي الضرورات الوظيفية لإنتاج الديمقراطية الأمريكية”
هذا باعتبار الديانة النصرانية التي طالها الانحراف ودخلت دهاليز الرهبنة فما بالك بالدين الحق الذي أطر كل نظم الحدنيا والدين.
ثم تحدث عن المتدينين ودورهم في الحياة السياسية فقال: “فهمهم للعدالة المتأسس دينياً يخبرهم ما هو الصحيح سياسياً أو غير صحيح، وهذا يعني أنهم غير قادرين على تمييز أي حجج مستخلصة من الحجج العلمانية”.
وقال كذلك: “إن الدولة الليبرالية التي تحمي بطريقة خاصة مثل هذه الأشكال من الحياة من حيث أنها حقوق أساسية، لا تستطيع في نفس الوقت أن تتوقع من كل المواطنين أن يبرروا مقولاتهم السياسية بإستقلال من معتقداتهم الدينية أو رؤيتهم للعالم”.
ثم بين أهمية الخطاب الديني في الحياة السياسية فقال: “التقاليد الدينية لها قوة خاصة في التعبير عن الحدس الأخلاقي، خاصةً فيما يخص الأشكال الضعيفة من الحياة الجماعية. وفي مناسبات الحوار السياسي الملائم، تجعل هذه القدرة الكلام الديني مرشحاً جاداً لنقل محتويات الحقيقة الممكنة”.
ثم يختم كلامه بتوجيه عام بقوله: “وأخيراً، يجب أن يطور المواطنون الدينيون موقفاً معرفياً تجاه الأولوية التي تتمتع بها الحجج العلمانية في المجال السياسي. وهذا يمكن أن ينجح فقط إلى المدى الذي يربطون فيه وبقناعتهم بين الفردية المساواتية وكلية القوانين والأخلاق الحديثتين بمقدمات مذاهبهم الشاملة”.
وبهذه النقول المختصرة يتبين لنا أن “يورغن هابرماس” يسعى إلى مأسسة المجتمع ما بعد العلمانية، حيث يأخذ الدين مكانته الطبيعية في الفضاء السياسي العمومي وعودة التدين الى مجال الحياة العامة، وأن الاتجاه الحداثي العلماني لابد أن يرجع إلى اعتبارية الدين كعامل أساسي يشارك في تأطير الحياة العامة.
وإذا كان هذا طرح أحد رموز الفلسفة الغربية فما بال بني جلدتنا لايزالون يعيشون أحقاب الصراع الديني السياسي بين الكنيسة ورجال العلم، ويسقطون كل ذلك على الإسلام الذي كان سببا في التقدم الحضاري للمسلمين وغيرهم.
كلام عصيد دائما كمن يحرث في الماء كلما مر المحراث ولا الماء يرجع الى طبيعته لا يؤثر في احد ولو قيد انملة وخاصة في اصاحاب القرار فلا تهتموا به انه كالكلب المسعور يلهث يلهث يلهث حتى يموت وهو يلهث.لا يجني من وراء لهثه الا السعار.
مع كامل الأسف لا أدري مالذي جعل صاحب المقال يقحم عصيد أو غيره في كلامه كان من الأجدى أن يعرض وجهة نظر الفيلسوف الألماني كامللة وبموضوعية مع استعراض السياقات (اسباب النزول) وبذلك سيكون المقال مفيدا