المنتصرون في حرب أوكرانيا..
هوية بريس – يونس فنيش
أوكرانيا لم تكن حليفة الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا بنسبة 100./. ضد مقترف المحرقة هتلر لما استهدف الإتحاد السوفياتي، و الآن هي في حرب ضد روسيا بدعم من حلف الناتو ولكن الخاسر الأكبر هي أوروبا، و أما الرابح إلى حد الآن فهي الولايات المتحدة الأمريكية التي انتعش دولارها.
الصين لا تشارك في الحرب ولكنها تحافظ على علاقاتها التجارية مع روسيا. أمريكا لا تشارك في الحرب ولكنها تدعم أوكرانيا من بعيد. و أما أوروبا فهي حيرانة تائهة و هي تتذكر كيف أنها دفعت ثمن الحرب العالمية الأولى و الثانية فانتصرت أمريكا الذكية.
علاقة روسيا بالصين علاقة يشوبها الحذر الشديد. فالصين تقول بأنها لا تشارك في الحرب ولكنها تعاتب أمريكا و حلفاءها إذ أنها تعتبر أن روسيا ضحية استفزاز على حدودها. و أمريكا تكتفي بحزمة من العقوبات الاقتصادية ضد موسكو لإضعاف عملة الأورو، و لو بمشاركة دول أوروبية..
و إذا نظرنا إلى مجريات الحرب في الميدان إلى حد الآن، فروسيا لا تستعمل أسلحتها العصرية و كأنها تعطي فرصة لأوكرانيا للاستمرار في خوض الحرب و تأجيل استسلامها، و استغلال الوضع كمبرر لاستكمال أهداف العقوبات المتبادلة أو الحرب الاقتصادية بين روسيا و أمريكا التي تؤدي ثمنها أوروبا خاصة، و لقد فطنت فرنسا لذلك و كان لها بعد النظر لما دعت أوكرانيا إلى ضرورة التفاوض مع روسيا لإنهاء الحرب الاقتصادية و خاصة للحفاظ على إمدادات الغاز الروسي.
إلى حد الآن روسيا تبدو مرتاحة لأن لديها من الاكتفاء الذاتي ما يسمح لها منطقيا بالصمود لما يزيد عن سنتين مع اقتطاع بضعة شهور منذ اندلاع الحرب. و أمريكا أيضا مرتاحة إلى حد ما لأن حرب أوكرانيا تنعش رصيد تجار أسلحتها التقليدية، و بالتالي فالحرب النووية تظل مستبعدة مادامت حرب أوكرانيا تنعش الروبل الروسي و كذلك الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى كونها حربا تؤثر على العديد من أنظمة الدول النامية و قد تؤدي إلى إفلاسها تباعا، و خير نموذج سريلانكا التابعة للنفوذ الصيني، و ذلك يخدم مصلحة أمريكا و روسيا معا، فقد يعرف العالم عملية إعادت تقسيم أو توزيع مناطق النفوذ في ما يتعلق ببعض دول الجنوب بين القوى العظمى.
إذا فأوروبا في مأزق رهيب، و أما الصين فمازالت في مرحلة المراقبة لأن إلى حد الآن مصالحها الحيوية مازالت في مأمن رغم كون أحوالها الاقتصادية المزدهرة تأرق أمريكا منذ مدة، و أيضا روسيا و لو في الخفاء، فلو تعمقنا في الأوضاع الدولية لوجدنا أن الصين تخيف أمريكا و روسيا على حد سواء مما يجعل كل تقارب استراتيجي على المدى البعيد بين روسيا و أمريكا أمرا ممكنا في حالة ما اجتمعت أسباب موضوعية معينة.
إلى حد الآن مازالت الولايات المتحدة الأمريكية منتصرة، فالحرب الميدانية تجري أطوارها في حدود روسيا و بالأسلحة التقليدية فقط، كما أن تبعات الحرب الإقتصادية تخص أوروبا و بعض دول الجنوب، في حين أن الدولار الأمريكي و الروبل الروسي في أحسن حال، و بالتالي فكل تصعيد نووي حقيقي ليس متوقعا حاليا، خاصة إذا تمت الأمور دون إخراج الصين من حيادها الفعلي، و أما إنجلترا فهي مجرد امتداد لسياسة أمريكا في هذه المواجهة. و من جهة أخرى، ألمانيا لا تتوفر على السلاح النووي، و فرنسا و إن توفرت عليه فلديها من البراغماتية العسكرية و الرزانة الفكرية ما يكفي لعدم استخدامه مهما تفاقمت الأحوال.
خلاصة مؤقتة: انتصار روسيا و أمريكا و انهزام أوروبا و دول الجنوب، مع استقرار الصين في موقعها الأصلي، في إنتظار ما ستسفر عليه النتائج أو ما سيقرر في شأن الدول الإسكندنافية.