“الناتو” يحذر من هجوم روسي ضخم لفصل الشرق الأوكراني
هوية بريس – متابعات
تتوالى التحذيرات الأوكرانية والغربية من أن روسيا تعد العدة لشن هجوم واسع النطاق بغية السيطرة على شرق أوكرانيا وفصله عن البلاد.
وتضم منطقة شرق أوكرانيا في العديد من أقاليمها مناطق ذات كثافة سكانية من أصل روسي، مثل إقليم دونباس، الذي يتكون من جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك اللتين اعترفت بهما موسكو قبيل بدء عمليتها العسكرية.
وتوقع كل من الأمين العام لحلف “الناتو”، ينس ستولتنبرغ، ومستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، توغلا واسعا للقوات الروسية في شرق أوكرانيا للسيطرة على منطقة دونباس.
ووفق مراقبين وخبراء عسكريين، فإن الهدف العسكري الأول لموسكو كان ولا زال منذ بداية الحرب هو السيطرة على دونباس، وأن تركيز الروس بات ينصب على تحقيق هذا الهدف، وهو ما انعكس في الإعلانات الروسية عن السحب الجزئي للقوات من محيط كييف ومناطق أخرى شمال أوكرانيا، لصالح تكثيف الهجوم في الجبهة الشرقية المتاخمة للحدود.
ويرى كثيرون أن موسكو في ظل استعصاء تحقيق سيناريو السيطرة على كامل أوكرانيا وخاصة العاصمة كييف، تكتفي الآن بتحقيق هدفها الذي كان سببا لبدئها الحرب كما تقول، وهو حماية الروس في شرق أوكرانيا وضمان حقوقهم عبر السيطرة على شرق البلاد.
وتعليقا على احتمالات بدء هجوم روسي ضخم على الشرق الأوكراني، وما قد يجره من تقسيم لأوكرانيا، قال الباحث والخبير في الشؤون الأوروبية ماهر الحمداني، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “منذ بداية الحرب وحتى قبلها يؤكد الروس أن لا أطماع لهم في الأراضي الأوكرانية، وروسيا تبدو بالفعل أنهت ليست بحاجة لمساحات جغرافية إضافية، كونها أكبر دولة في العالم، لكن لديها خطوطا حمراء أمام حلف الناتو فيما يخص أوكرانيا خاصة، وهذه الخطوط تعمل الآن موسكو على رسمها”.
وفيما يخص جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك اللتين اعترفت بهما موسكو قبيل بدء الحرب، قال الحمداني: “من الواضح تماما أن هكذا قرار بالاعتراف بهما لن يتم التراجع عنه، وما يجري في الواقع هو أكبر وأبعد من هذا الموضوع حتى، حيث لدى موسكو جملة أهداف وغايات استراتيجية من تحركها العسكري في أوكرانيا، وأهم تلك الأهداف تجريد كييف من السلاح وإنشاء نظام سياسي فيها متصالح ومتعاون مع موسكو، أو غير معاد لها في أسوأ الأحوال”.
وأضاف الحمداني: “السيناريو الأرجح هو تقسيم أوكرانيا، شرقي تابع لروسيا مباشرة، وغربي موال للغرب، وهكذا فنحن غالبا أمام إعادة انتاج السيناريو الكوري في أوكرانيا، حيث شبه الجزيرة الكورية مقسمة منذ 7 عقود وسط فشل كافة محاولات ومفاوضات إعادة توحيدها”.
وتابع قائلا: “هذه العملية الروسية ليست لديها أهداف عسكرية معلنة بشكل دقيق حتى يمكن تبينها تماما، لكن لديها أهداف سياسية واضحة ومعلنة، وأهمها ضمان حياد أوكرانيا ومنعها من دخول حلف الناتو، وحماية المناطق ذات الغالبية الروسية شرق أوكرانيا”.
من جانبها اعتبرت الباحثة في العلاقات الدولية لانا بدفان، أن “روسيا تسير وفق خططها العسكرية الموضوعة منذ بدء هذه الحرب، والتي ترتكز أساسا على السيطرة على المناطق التي فيها نسبة شعبية كبيرة مؤيدة لها في شرق أوكرانيا، ولهذا لم نر أي تقدم عسكري روسي جدي نحو العاصمة كييف وأوديسا وغيرهما من مدن، كونه ليس من مصلحة روسيا التمدد نحو المناطق البعيدة نسبيا عن حدودها مع أوكرانيا، خاصة وأن القوات الأوكرانية منتشرة فيها بكثافة، وغالبية السكان في تلك المناطق ضد التدخل الروسي على عكس معظم سكان شرق البلاد”.
وأشارت بدفان إلى أنه: “بعد بدء الانسحاب الروسي التكتيكي من حول كييف التي كانت تطوقها القوات الروسية وإعادة تموضعها، تركز موسكو أكثر الآن على المناطق الشرقية مثل إقليم دونباس وبعض المناطق الجنوبية في أوكرانيا مثل ماريوبول، محرزة تقدما كبيرا فمثلا في لوغانسك باتت تسيطر تقريبا على 90 في المئة، وفي دونيتسك وصل تقدمها لنسبة 65 في المئة، ورغم أن ثمة معارك محتدمة متواصلة في الشرق الأوكراني، لكن الروس والموالين لهم في دونباس يحققون تقدما ملحوظا وواسعا ويبدو الإعلان عن الحشود الجديدة تمهيدا لمحاولة السيطرة الكاملة على دونباس”.
هذا وحذر حاكم منطقة لوغانسك سيرغي غاداي، الاثنين، من أن القوات الروسية تستعد “لشن هجوم ضخم” على القوات الأوكرانية في تلك المنطقة بشرق أوكرانيا.
وكانت السلطات الأوكرانية قد قالت السبت إن القوات الروسية تنسحب من مناطق في شمال أوكرانيا ولا سيما في محيط العاصمة كييف لتركيز غزوها في شرق البلد وجنوبه.