النسوانيات من المطالبة بالحقوق إلى الوثنية (السعداوي نموذجا)
هوية بريس – عبد الله الشتوي
(طاعة الله رذيلة)، هكذا بكل صفاقة قالتها السعداوي أمام حشد من المثقفين… لتنقلب المفاهيم وتنظر من الطرف الآخر للمسلمين وتراهم كفارا بدينها الجديد، وتحول الفضيلة إلى رذيلة!!
منذ ظهور الدعوات التحررية في عصر الانوار كان الدين هو العدو الرئيسي لثورة الحرية، فكان لزاما إسقاطه أو على الاقل سجنه في صوامعه… وكان الفكر والعقل هو الأمل المتبقي للبشرية -كما يزعمون-… فمال الناس للغلو في تبجيل العقل والحط من الدين…
ومن نفس المنطلق خرجت دعوات حقوق المرأة باعتبارها أكثر من تعرض للظلم والاضطهاد في ظل سطوة الكنيسة والاقطاعيين… فكان هذا التلازم الجذري بين المطالبة بحقوق المرأة والانسلاخ من الدين، بل ومحاربته…
وبما أن العقل والفكر مظنة الاختلاف والتنوع فقد تعدد توجهات النسوانيات بتعدد الاقطاب الكبرى للتيارات الفكرية، فصارت هناك نسوية ليبرالية ونسوية ماركسية ونسويات أخرى متطرفة… ولاحقا نسويات ”إسلامية”!
لكن كل هذه التيارات لم تقدم شيئا في نظر متطرفات ”الفيمينزم”، إنما تكتفي بإزالة بعض الفوارق الشكلية، بل إن هذه التيارات إنما استغلت المرأة في تثبيت فكرها الذي هو ذكوري في الاساس..، فلا زالت المرأة زوجة تلد وترضع وتربي الابناء… بل المشكلة أنه بعد كل هذه العقود من النضال لا زال هناك ذكر وأنثى!!
وكانت خيبة الامل النسوية هذه المرة في الفلاسفة والمفكرين أكبر من سابقتها مع رجال الدين… بدءا من ”أفلاطون” الذي يرى المرأة دون الرجل وفي مستوى العبيد والمرضى وغيرهم… و”نتشيه” الذي يراها كسائر البهائم بل تفوقها سوءا لما فيها من قوى الشر والرذيلة … وفيلسوف الانوار ”روسو” الذي يرى وجود المرأة للمتعة والانجاب فقط، و”ديكارت” في فلسفته الثنائية (العقل والمادة) جعل العقل مذكرا وترك المادة للمرأة، و”انجلز” الذي وصفها بأكثر الاوصاف انحطاطا… حتى فيلسوف الاخلاق ”كانط” كان في نظر النسوانيات عديم الاخلاق حين رأى المرأة أقل عقلا من الرجل…
وعليه فإنه تجب الثورة على هذه الافكار كلها بدء بالليبرالية منها، لأنها غير قابلة للإصلاح والتخلص من جميع الاديان الذكورية… والعودة إلى ما تزعم النسوانيات أنه ”عصر ما قبل التاريخ” حيث المرأة إلهة تُعبد وهي رمز السلم والامان…
وهكذا وعلى غرار ”معابد الملحدين” ينشأ دين وثني جديد (femal paganism) في مقابل الاديان الذكورية يتمركز حول ”المرأة” ويقدس الطبيعة ويعادي ما عداها، وقد اجتهدت عالمات اللاهوت النسوانيات في التنظير له وتأسيس قواعده، مثل اللاهوتية المتطرفة ”ماري ديلي” التي طردت من الجامعة بسسب رفضها تدريس الذكور… والكاتبة الامريكية ستاهوك صاحبة الكتاب الأكثر مبيعا عن الاعتقاد (الميلاد الجديد لدين الإلهة الكبرى القديم) والتي تدعو إلى تجسيد إلهة على شكل امرأة تمثل القدرات الكامنة في نفس المرأة…
ولأن هذه الأفكار قد تبدو سخيفة لدرجة يصعب التنظير لها فكريا فقد كان الفن والسينما وأفلام الكرتون أكثر الاساليب الدعوية لهذا الدين الجديد، حتى انتشرت بعض رموزه بين أهل الفن وتبعهم على ذلك سائر الغوغاء…
ومن طقوس هذا الدين الجديد:
– إسقاط كل فكر يحمل صفة مقدسة.
– اتخاذ رموز وثنية، وهي في الحقيقة ليست إلا استعادة لرموز الديانات الوثنية المبينة على السحر والاساطير Dianic Wicca.
– التخلي عن الانوثة باعتبارها سبب الضعف وهيمنة الرجل، ولهذا تم اختراع مفهوم (الجندر) أو النوع الاجتماعي عوض الذكر والانثى، وهو ما تفعله بالفعل بعض الحكومات بإصدار عقود المواليد دون تحديد الجنس…
– إباحة كل أنواع الشذوذ لاسقاط الفرق بين الذكر والانثى، وإلغاء الحاجة إلى التمايز بين الجنسين.
– إلغاء مؤسسة الزواج لأنها تعيق المساواة وتكرس الاستبداد وتبعية المرأة للرجل.
– تحرير المرأة من الانجاب وتوابعه بالاعتماد على الانجاب الصناعي ودور الرعاية الاجتماعية…
– ……..
وهي كما ترى لا تختلف عن سائر مطالب ”النسوانيات” من مختلف المشارب، مع خلاف في تجسيد الإلهة!! مكتفين بصنم ”الحرية” الذي ينتصب على ضفاف المحيط الأطلسي…