الوجه الآخر للسنوات الاعتبارية في مسار الممرضين ضحايا مرسومي 2017-2022
هوية بريس – عبد العزيز غياتي
لن يختلف اثنان حول كون مبدع السنوات الاعتبارية التي أثثت قاموس طاولة الحوارات الاجتماعية جمع بين الحكمة والدهاء؛ حيث ساهم هذا الإجراء السحري في إغناء العرض الحكومي للسعي من أجل تحقيق سلم اجتماعي بتكاليف يسهل ضبط قيمتها بضبط طريقة ومساحة توزيعها، فهل فعلا أفلحت السنوات الاعتبارية في رتق الجراح وإنصاف الضحايا التي تخلّفهم باستمرار منعطفات إصلاح وتطوير القطاعات الإدارية؟
سمو الهدف وعلّة التنزيل.
على الرغم من أن تفاصيل التنزيل لا يغني عنها سمو الهدف فإن هذا الأخير محدّد أساسي لنجاح المسار بأكمله، فحين تٌستحضر السنوات الاعتبارية مثلا كبديل مفروض للمعادلة في حالة الممرضين وتقنيي الصحة ذوي تكوين ثلاث سنوات المرتبين في السلم 10 و11 قبل مرسوم 2017، ويحرمون تبعا لذلك من المعادلة التي استفاد منها زملاؤهم ومن الترقية إلى الدرجات الموالية، يغيب العدل والإنصاف وتٌفتقد المساواة، ونكون بصدد مشروع معيب ابتداء (من الخيمة خرج مائل) حتى قبل الحديث عن تفاصيل التنزيل وآثاره في الواقع، وعن مدى قيمة هاتين السنتين الاعتباريتين الهزيلة مقارنة بالمعادلة في ميزان الترقية.
الناسخ والمنسوخ.
أما مرسوم 2022 فكان عنوانه هو تسريع وتيرة ترقي الممرضين وتقنيي الصحة، وقد تم من جديد استدعاء السنوات الاعتبارية لتحقيق ذلك الهدف بإضافة 3 و 4 و 5 سنوات اعتبارية كلّ حسب تاريخ توظيفه كما جاء في المادة الثانية منه، وعلى الرغم من نبل المراد تحقيقه من السنوات الاعتبارية فإنّ تنزيلها يجعلنا مع الأسف الشّديد نسمع جعجعة ولا نرى طحنا غير طحن ونسخ مكتسب سابق تقادم منذ بضع سنوات بالنسبة للممرضين وتقنيي الصحة ذوي تكوين ثلاث سنوات المرتبين في السلم 10 و11 قبل مرسوم 2017؛ حيث أضيفت لهم 3 سنوات في إطار تسريع الترقية (مرسوم 2022) وفي المقابل سحبت منهم السنتان الممنوحتان في إطار المعادلة (مرسوم 2017)، وفي كلّ الأحوال وبالنظر إلى الجدل الذي أثاره هذا الموضوع، فالحيف وارد سواء تعلق الأمر بخلل في نصّ المرسوم أو في طريقة تزيله.
عود على بدء.
واليوم ونحن نودع سنة 2024 يبدو أننا بصدد ما يصطلح عليه بحالة العود حيث طرحت اقتراحات بين المتحاورين تحرم فئة الممرضين وتقنيي الصحة ذوي تكوين ثلاث سنوات المرتبين في السلم 10 و11 قبل مرسوم 2017 من السنوات الاعتبارية بحجة أنهم استفادوا منها سلفا، والواقع أنهم متضررون منها في 2017 حين رسم لها أداء دور بديل غير حقيقي للمعادلة، وفي 2022 حين نسخت وألغت السنوات الاعتبارية نفسها بنفسها، وفي 2024 حيث يحتج ويروّج لاستفادة وهمية.
معادلة مستفيد-متضرّر.
أعتقد أنّ السنوات الاعتبارية في شكلها الحالي عملة ذات وجهين؛ الأول ينزل بردا وسلاما على الفئة التي جنت حصة الأسد من سنوات الأقدمية التي ترفعها إلى المراتب العليا في لائحة الترقي بالاختيار، المحصورة من حيث النسبة والعدد، وذلك على حساب فئة أخرى لم تمنح شيئا أو نالت فقط سؤر السبع تهوي بها إلى أسفل اللائحة، والحصيلة صنفان لا ثالث لهما: مستفيد من هذه السنوات الاعتبارية و متضرر منها، وبذلك يتحول النضال من مطالبة الوزارة بالحق في الترقية وتحسين الأجر إلى شنآن فئوي مقيت واجتهاد بئيس لإثبات أحقية منح هذه السنوات لفئة دون غيرها.
فإذا اتفقنا أن الهدف من السنوات الاعتبارية هو تسريع ترقية الممرضين وتقنيي الصحّة، وشهدنا أنّ اعتمادها داخل الحصيص يزلزل اللائحة ويجعل عاليها سافلها، فليكن مثلا التعاطي مع المستفيدين من الترقية عن طريق هذه السنوات -بشكل أو بآخر- خارج الحصيص على غرار المستفيدين من الترقية بالتسقيف، وبذلك يستفيد الجميع، أو على الأقل نتجنّب وقوع متضررين جدد، وكفى الله الممرضين الجدال.