انتصار غزة العزة
هوية بريس – أحمد الشقيري الديني
خاض الجهاديون في فلسطين معركتين على جبهتين: الجبهة العسكرية والجبهة السياسية، وانتصروا على الجبهتين..
جاء هذا الانتصار بعد عقود ثمانية من الاحتلال لم تستطع الأنظمة العربية ردع المحتل، ولما حققت مصر انتصارا نسبيا في أكتوبر 1973 تم عزلها عن محيطها العربي والإسلامي من خلال توقيع السادات اتفاقية السلام مع الكيان الإسرائيلي ليتم تحييد أكبر قوة عربية من الصراع..
لم تكن دولة اسرائيل بعد هذا الانتصار الدبلوماسي تتصور أن جيلا جديدا يتشكل في أحضان القهر والاغتصاب لم يعد يثق في المرجعيات اليسارية والقومية والليبرالية بعد أن جربها دون نتيجة..
جيل يمتح من المرجعية الإسلامية بحمولتها الجهادية في مواجهة الاحتلال..
استطاع هذا الجيل الذي نشأ في أحضان الحركة الإسلامية أن يستقطب الشباب الفلسطيني ويؤطره بثقافة الجهاد التي تغطي حيزا مهما ومساحة عريضة من القرآن والسنة وسيرة السلف.
في الوقت الذي كان هذا الجيل القرآني يتشكل في العمق الفلسطيني كان العدو الصهيوني منشغل باستدراج الأنظمة العربية لمربع التطبيع، فلم يستفق إلا على كابوس السابع من أكتوبر، فكان رد فعله حبيس المفاجأة إذ راح يحطم ويحرق الأخضر واليابس انتقاما لكبريائه يقتل الأطفال والنساء والشيوخ ويحاصر المستشفيات و مدارس إيواء الفارين من جحيم الحمم التي لا تفرق بين مقاتل وقاعد..
اكتشف العدو أنه إزاء معركة وجود وأنه يواجه مقاومة متجذرة في العمق الفلسطيني وفي الوعي العربي، وأنها مقاومة تملك من العدة والعتاد مايؤهلها للمضي في معركتها لسنوات، فخسر العدو خيرة جنوده في مقبرة غزة، وخسر سمعته التي كانت تسبقه بكونه الجيش الذي لا يقهر وأمسى قادته الكبار مطلوبون للمحاكم الدولية لايستطيعون مغادرة البلاد خوفا من الاعتقال والمحاكمة..
خرج يجر أذيال الهزيمة بعد سنة ونصف من القصف الهمجي للمدنيين العزل دون أن يحقق واحدا من أهداف الحرب التي رفعها في بداية المعركة..
فلا هو قضى على حماس ولا هو اكتشف خرائط الأنفاق ولا حرر أسراه من قبضة المجاهدين..
سيكتشف العالم أن الصهيوني مجرم حرب لا يعرف لحقوق الإنسان وقارا وهو الذي سوق صورته بأنه الديمقراطية الوحيدة في واحة من الديكتاتوريات العربية الهمجية..
سقط العدو في اختبار المعركة العسكرية كما سقط في إدارة الصراع السياسي مع خصمه العنيد الذي أجبره على الإذعان لشروط المقاومة في تبادل الأسرى وهو أحد الأهداف الأساسية لطوفان الأقصى..
إن الجيل الذي تشكل في فلسطين اليوم ينتظر اليوم الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لتحرير القدس، ففي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم مخاطبا أحد الصحابة: (يا ابن حوالة؛ إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك). قال الحاكم في المستدرك: صحيح الإسناد، وصححه الألباني.
والأرض المقدسة هي القدس، وهذه الفئة المرابطة بالأرض المقدسة هي المشار إليها في حديث أبي أمامة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس” ..
فهذه النبوءات من صدق بها من اليهود سيترك فلسطين لأهلها ويعود من حيث أتى، وأما من كذب بها أو لم يرفع بها رأسا فسيتحقق فيه وعد الله..
فالنصر آت..آت بحول الله وقوته